تولى اللواء محمد أحمد الدابي في كانون الأول/ديسمبر 2011 رئاسة بعثة مراقبي الجامعة العربية في سوريا لرصد انتهاكات النظام السوري خلال الانتفاضة الشعبية. لكن مهمة البعثة سرعان ما باءت بالفشل تحت وطأة العراقيل التي وضعها النظام السوري، وما بدا من نقص خبرة المراقبين أنفسهم.


اللواء محمد الدابي

إعداد عبد الإله مجيد: اتضح أن اللواء الدابي نفسه ذو باع طويل في عرقلة المهمات الدولية. إذ كُلّف في العام الماضي، بوصفه واحدًا من كبار مساعدي الرئيس السوداني عمر حسن البشير، بمهمة العمل مع فريق من خبراء الأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ عقوباتها في دارفور، كما كشف تقرير سرّبه فريق الخبراء.

يقدم التقرير الذي نُشر أولاً في مجلة أفريكا كونفدينشيال في الشهر الماضي عرضًا مفصلاً لما فعله الدابي والعاملون معه لإجهاض مساعي الفريق الأممي إلى التحقيق في خرق العقوبات الأممية، بما في ذلك منع سفر بعض الأشخاص وحظر توريد السلاح إلى دارفور.

وكان فريق الخبراء وصل إلى الخرطوم في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 والتقاهم الدابي فور وصولهم بوصفه ممثل الخرطوم. وانتقد الدابي فريق الخبراء الأمميين بمحاضرة عن ضرورة quot;الموضوعية والشفافيةquot; في عملهم، مؤكدًا في الوقت عينه أنه سيقدم إلى الفريق كل ما يحتاجه من دعم وإسناد. ولكن ما حدث لا يمت بصلة إلى ما وعد به.

إذ طلب الخبراء تأشيرات متعددة الدخول لتسهيل حركتهم في المنطقة، ولكن طلبهم رُفض، بل طبقت الحكومة السودانية نظامًا جديدًا يتعيّن بموجبه على أعضاء الفريق أن يأخذوا أولاً موافقة الاستخبارات العسكرية السودانية ليتمكنوا من التنقل. وتسبب هذا الشرط بتعطيل quot;حركة الفريق بحرية وقدرته على أداء واجباتهquot;، كما نقلت مجلة فورين بولسي الأميركية عن التقرير المسرَّب.

وحين يقرر فريق الخبراء التوجه إلى منطقة ما، كان يُقال لهم عادة إن ذلك متعذر. ومُنع الفريق من زيارة مخيمات النازحين في كلما وابو شوك، ومن السفر إلى مناطق أخرى في ولاية شمال دارفور، مثل شنقلي طوبايا وروكيرو ثابت ونورتيت وغيرها.

وجاء في التقرير المسرّب أن الفريق أراد أن يزور بعض الأماكن، وتحديدًا الحدود الليبية ـ السودانية في دارفور وجنوب كردفان ومراقبة الدوريات المشتركة بين السودان وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى على حدود دارفور الغربية، ولكن الزيارة الأولى والثانية مُنعتا، والزيارة الثالثة لم تُتخذ تدابير لتنظيمها. quot;ونتيجة لذلك لم يتمكن الفريق من تنفيذ مهمته بفاعليةquot;.

كما قوبلت طلبات الفريق للقاء مسؤولين كبار بالرفض، ومُنع من مقابلة أي قادة عسكريين في القوات المسلحة السودانية في دارفور أو ضباط شرطة أو حاكم ولاية جنوب كردفان.

وأضاف التقرير أن فريق الخبراء مُنع على الغرار نفسه من تفتيش طائرات عسكرية ومعدات حربية أخرى في دارفور ومن الإطلاع على سجل الرحلات الذي تحفظه سلطة الطيران السودانية، وأن هذا أثر في قدرة الفريق على مراقبة حظر توريد السلاح إلى دارفور مراقبة فاعلة.

يبدو أن الدابي انتقل إلى سوريا بعد فترة قصيرة على قيامه بدور ضابط الارتباط مع فريق الأمم المتحدة. ولكن الواضح أن الدابي لم يكن دائمًا يقول quot;لاquot;. فذات مرة quot;اقترح الدابي أن يُري فريق الخبراء أسلحة وآلياتquot; غنمها الجيش السوداني من حركة العدل والمساواة المتمردة على نظام البشير. وبحسب الدابي فإن مصدر هذه المعدات كان ليبيا. ولكن الدابي لم يقدم أي دليل يثبت ذلك.