بعد حادثة التحرش الجنسي التي تعرضت لها احدى المدارس في لبنان، يطرح السؤال اين اصبح ملف التحرش الجنسي بالاطفال اليوم، وهل بامكان علم النفس أن يداوي كل آثار التحرش التي تبقى، رغمًا عن كل شيء، ظاهرة في حياة الطفل المعتدى عليه؟.


بيروت: عُقد أمس اجتماع في وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، أُعلن في خلاله عن آلية تنسيق بين الوزارات للتوعية في ما يتعلق بالتحرش الجنسي، ونصَّت أبرز نقاط الآلية على تعيين فريق عمل دائم للمتابعة والتنسيق بين وزارات الشؤون الاجتماعية والتربية والعدل والاعلام، فضلاً عن خطوات متعلِّقة بكل وزارة على حدة. علمًا أن خطوة مشابهة ستقوم بها وزارة التربية لتوعية الجسم التعليمي والتلامذة والوقاية من أي حالة تحرش، أما وزارة الاعلام فستحضر حملة إعلامية بشأن التحرش، بالاضافة الى الاتفاق مع وسائل الاعلام على آلية التعاطي مع قضايا مماثلة، وسيتبع وتيرة العمل إنشاء خط ساخن مجاني يكون بمتناول كل المواطنين، لتكون حادثة عينطورة نقطة تحول في التعاطي مع قضايا التحرش.

وكان أب إحدى الفتيات اللواتي تعرضن للتحرش قد تحدث عن كيفية علمه بالموضوع، وكيف أن ابنته البالغة من العمر 9 سنوات اخبرته عن الحادثة، فتم الاتصال بسائر العائلات التي تعرضت فتياتها لاحداث مماثلة، كما اشار الى الصدمة التي واجهتها العائلة جراء معرفتها بالامر، وكيف وقف الى صف ابنته واخبرها انها كانت السبب في انقاذ سائر الفتيات من تحرش مماثل.

ويروي الاب كيف اخضعت ابنته مع سائر الفتيات الى علاج نفسي لتخطي الازمة. والسؤال كيف يمكن أن يداوي علم النفس الآثار الموجعة لمثل تلك الاحداث؟

يقول الاخصائي في علم النفس ربيع شليطا لـquot;إيلافquot; إن التحرش الجنسي في لبنان، يشكل ظاهرة منتشرة تطال النساء في مجالات الحياة كافة، وتكون حاجزًا امام سلامتهن وشعورهن بالامان، مما يعرقل قدرتهن على المشاركة الفاعلة في الحياة العامة.

ماذا عن تعرض فتيات صغيرات الى التحرش الجنسي، يجيب:quot;تأخذ هذه الظاهرة بعدًا خطرًا عندما يتعلق الامر بالفتيات الصغيرات والمراهقات، لكونهن نساء المستقبل، ذلك أن الادوار الاجتماعية المستقبلية للمرأة والرجل تصنع اليوم، مما يغرس في عقول المراهقين والمراهقات وما يتاح امامهم من فرص وإمكانات.

شأن خاص ولكن

لا يزال المجتمع اللبناني يعتبر التحرش الجنسي شأنًا خاصًا، وبالتالي لا يجري التداول بالموضوع بشكل ملائم، سواء من ناحية الاعلام أو المجتمع المدني أو الهيئات النسائية، والدولة والقانون، ويعلل الدكتور شليطا الامر فيقول:quot; سبب ذلك النقص في التوعية، وغياب التربية الجنسية العلمية الشاملة في المدارس، حيث يجري التكتم عن الموضوع وتصنيفه ضمن إطار الشرف والعار، ما يدفع مجتمعاتنا خصوصًا الشرقية، الى التعامل مع موضوع التحرش الجنسي بإحدى طريقتين: التهويل أو التهوين.

حجم المشكلة...بالأرقام

ماذا عن الارقام في هذا الخصوص؟ يقول شليطا بما أن هذا الموضوع لا يزال أحد quot;التابوهاتquot; الذي لا يُصرح عنه، فإن هذا النوع من العنف الجنسي غير مقدرة نسبته في لبنان، إلا أننا استندنا إلى مصادر مديرية قوى الامن الداخلي التيأفادتنا ببعض المؤشرات التي تؤكد تعرض النساء والفتيات للعنف الجنسي بنسب تفوق تلك التي يتعرض لها الذكور، اذ إن عدد ضحايا الاناث القاصرات من جرائم العنف الجنسي خارج المنزل في احصاء بين 2002 و2006 قدر بـ 22 من المعلن عنهن، اما داخل المنزل فوصل العدد الى 24 حالة.

آثار نفسية وصحية

عن الآثار النفسية والصحية، يقول شليطا إن هناك آثارًا نفسية كثيرة ترتد على الفتاة منها تراجع في الأداء الوظيفي أو المدرسي وتكرار التغيب عن العمل والمدرسة، كما تتأثر الحياة الشخصية للضحية وتكون عرضة لنقد المجتمع، فالضحية تصبح متهمة، وغالبًا ما يصبح نمط حياتها وطريقة لبسها وحياتها الخاصة عرضة للانتقاد.

بالاضافة الى فقدان الثقة بالاماكن المماثلة لمكان حدوث التحرش وفقدان الثقة في الاشخاص الذين يشغلون مناصب مماثلة للمنصب الذي يشغله المعتدي، أو فقدان الثقة بزملاء المعتدي أو بالاسرة أو المجتمع الذي لم ينصف الضحية.

مؤشرات للتحرش الجنسي

كيف يمكن أن يعرف الاهل اذا ما كان ولدهم تعرض لتحرش جنسي؟ يجيب شليطا :quot; بعض المؤشرات يمكن أن تلفت نظر الاسرة الى وجود طفل يعاني من مشكلة أو أزمة ايًا كان نوعها، كالانطواء والانعزال، الانشغال الدائم باحلام اليقظة وعدم النوم وكثرة الكوابيس والاحلام المزعجة، تدني المستوى الاكاديمي وعدم المشاركة في النشاطات المدرسية والرياضية، التسرب والهروب من المدرسة وغيرها من الامور التي قد تحدث.

التوعية ضرورية

ويضيف شليطا:quot; أن هناك استراتيجيات عدة للاهل لتجنب التحرش الجنسي منها إظهار حب الوالدين لطفلهما بصورة مستمرة، وتوعية الابناء منذ الصغر وبشكل صريح وبعيد عن الابتذال، وأن تكون التوعية حسب عمر الطفل، مبسطة جدًا مع الصغار وواضحة اكثر مع الكبار، كذلك مراقبة الابناء اثناء اختلائهم بنفسهم لئلا يقوموا بتقليد الكبار عن براءة، وتدريب الاولاد على الوقاية لحماية انفسهم من التحرش الجنسي وتعليم الطفل أن جسمه ملك خاص له.