مسلحون في شمال مالي

أثارت المعلومات التي نشرتها صحيفة لوكنار أونشيني والتي تحدثت عن أن قطر تدعم الجماعات الإسلامية الناشطة في شمال مالي قلقًا في الدول المجاورة. ويقول الصحافي السويسري كلود أوليفيي فولوز إن الطموحات الإقليمية لقطر تضاعفت بفضل تدخلها في إسقاط نظام القدافي.


يطرح عدد من المراقبين إمكانية حضور المال القطري في شمال مالي خاصة بعد أن نشرت صحيفة quot;لوكنارأونشينيquot; الفرنسية، والمعروفة بكشفها عددًا من الملفات، أن الإمارة تموّل مختلف الفصائل الإسلامية الناشطة في المنطقة، وهو ما يثير قلق الكثير من الملاحظين ومعها الدول المجاورة.

الصحيفة الفرنسية نشرت في وقت سابق، استنادًا إلى معلومات للاستخبارات العسكرية الفرنسية، أن حكام قطر يوزّعون الأموال على الجماعات الإسلامية في شمال مالي كما أنها تحدثت عن كون الإمارة لها تحركات دولية دون أن تخلف هذه المعلومات أي رد فعل من لدن الإليزيه الذي كان يجلس على عرشه نيكولا ساركوزي.

ويتحدث المراقبون عن أطماع الدوحة في نفط الساحل وهو ما يزيد من تعكير العلاقات القطرية الجزائرية، حيث لوحظ توتر بين البلدين منذ مدة وقد تزيد هذه التحركات للإمارة في المنطقة من تطوره في الأيام القادمة، والأمر نفسه ينطبق على العلاقات الموريتانية القطرية إذ تتابع نواكشوط بحنق كبير التواجد القطري في المنطقة.

quot;لوكنار أونشينيquot; التي عنونت مقالها quot;صديقنا القطري يمول الجماعات الإسلامية الماليةquot; كشفت أن quot;الإمارة قدمت أموالا بالدولار لكل من الحركة الوطنية لتحرير أزواد، حركة أنصار الدين، القاعدة في المغرب الإسلامي والحركة من أجل الوحدة و الجهاد في أفريقيا الغربيةquot;، دون أن تحدد قيمة هذه الأموال.

الطموحات الإقليمية لقطر في المنطقة

وإن كان لقطر يد في تمويل الإسلاميين في شمال مالي كما تحدثت عن ذلك الكثير من الصحف الأوروبية، يقول المراسل الكبير السويسري المعتمد في المنطقة كلود أوليفيي فولوز، quot;ليس هناك في حقيقة الأمر أي دلائل ملموسة تدل على ذلك، ويبقى في كل الأحوال من الصعب التأكد منها، لكن ما هو مؤكد أن الطموحات الإقليمية لقطر تضاعفت بفضل تدخلها النشط في إسقاط نظام القدافيquot;.

ويضيف في حوار مع quot;إيلافquot; أن quot;الإمارة ساهمت في دعم الإسلاميين لإسقاط القذافي وبذلك ساهمت في نشر الأسلحة في منطقة الساحل بعد الثورة. بالإضافة إلى استقبال قطر عددًا من المعارضين الجزائريين الإسلاميين كعباس مدني مؤسس جبهة الإنقاذ الإسلامية والذي تم استقباله لمرات عديدة من طرف الأمير، يفيد أن قطر تشارك في تمويل أنشطة إسلاميين متشددين في المنطقة بغرض إرباك خصمها الجزائر على حدوده الجنوبية، هذا أمر ممكن، وليس بالمفاجئ لكن لم يتم التأكد منه ولن يمكن ذلك قطعاquot;.

ويكشف هذا الصحافي لـ quot;إيلافquot; أنه quot;وبحسب شهود عيان في المنطقة، شوهدت طائرات للنقل إيرانية حطت منذ أيام في تومبوكتو وغاوو في شمال مالي. ما الذي جلبته هذه الطائرات؟quot;، يتساءل محدثنا قبل أن يضيف قائلا: quot;يمكن أن نشك في أن الحمولة لم تكن سوى أدوية ومواد غذائيةquot;.

ويتابع في السياق نفسه أن quot;بعض المصادر تتحدث عن أسلحة لكن هذه المعلومة من الصعب جدًا التأكد منها، المنطقة تحولت إلى جيب لا يعرف الاستقرار ويلفها الكثير من الغموض، كما أصبحت بالإضافة إلى ذلك مجالا لجميع أنواع التهريب، فهي منطقة للمواجهة الجيواستراتيجية الإقليمية بين العديد من الدول وعلى رأسها الدول الغربية التي لها مصالح كثيرة في المنطقةquot;.

مالي تكتفي بالتفرج على شمالها وقطر وموريتانيا تتسابقان عليه

وحول ردود الفعل الرسمية لمالي أو لدول المنطقة، يقول فولوز إنه quot;من الصعب قراءة ما بين السطور، فالسلطة المالية تقلصت ووجدت نفسها معزولة. الرئيس الذي نصب لفترة انتقالية ما زال طريح الفراش في إحدى المصحات في باريس بعد الاعتداء الذي تعرض له في مكتبه. ومصادر تقول إنه من المستبعد أن يعود إلى ماليquot;.

و يزيد موضحا quot;أن موريتانيا تدعم بشكل شبه رسمي الحركة الوطنية لتحرير أزواد و تستضيف بعض قياداتها على أراضيها. والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز هو من بين المناهضين وبقوة للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهو ما يكسبه دعم كل الزعماء الغربيين الذين، في المقابل، يغضون الطرف عن الرشوة التي تحيط بحكمه والقمع الذي يسلطه على معارضيهquot;.

و في المنوال نفسه يفصح لـquot;إيلافquot; أنه quot;بحسب معلوماتنا أن الرئيس الموريتاني يستعد لاستقبال بعثة عن جماعة أنصار الدين الناشطة في شمال مالي لمحاولة إقناعهم للقطع مع القاعدة في المغرب الإسلامي، وهل هي مصادفة أم إشارة يتزامن إطلاقها مع زيارة أمير قطر الأخيرة إلى موريتانيا؟ ما هو مؤكد منه أن البلدين لهما رؤيتان متباينتان جدا بشأن هذا السؤالquot;.

ويرجع فولوز تفرج سلطات باماكو على وضع شمالها إلى ما اعتبره quot;نوعا من الاتفاق تم بين الجيش المالي والإسلاميين منذ سنة 2009، بعد مقتل ضابط في هذا الجيش، ولأول مرة، على يد إرهابيين، حيث تدخل العسكر المالي مصحوبا بأفراد من عائلة الضحية كانوا بدورهم مسلحين للانتقام للضحية، إلا أن الجيش النظامي مني بخسارة كبيرة في الأرواح، بفقدانه عددًا من عناصرهquot;.

ويضيف الإعلامي السويسري أن هذه الواقعة quot;ستشكل منعطفًا حقيقيًا في علاقة الطرفين في ما بينهما، باعتبار أنهما توصلا إلى شبه ميثاق على ألا يعتدي أي طرف على الطرف الآخر بل في بعض الأحيان تمت معاملات مالية بين الجانبين، و اليوم نرى النتيجةquot;.

ويؤكد فولود أن هذه المنطقة quot;فريسة لجميع أنواع التهريب، من مخدرات وسجائر وبشر وغيره تطور بها اقتصاد quot;مافياويquot; منذ سنوات. والاتصالات تتجاوز كثيرا الحدود. هناك كذلك أموال الفديات المحصل عليها من عمليات حجز رهائن، والتي كانت تقدم عادة بوساطة دول العالم الثالث من بينها ليبيا القذافي، ولو أن الوسطاء لا يقاسمون المختطفين بالضرورة أفكارهم، وتستخدم في تمويل الإرهابيينquot;.

ويعتبر شمال مالي منطقة quot;خارج القانون وغير خاضعة للمراقبة وجميع المعاملات تتم فيها نقدًا وبالتالي لا تترك أي أثر للمتابعة والمراقبة، وتجهل بذلك الأطراف التي شاركت في أي معاملة مالية، وهذه الأطراف لوحدها قادرة على تقديم شهادات في الموضوع إلا أنها تفضل الصمتquot;.