أمستردام: تمرّ الأزمة السورية في أصعب مراحلها التي تزداد دموية كلَ يوم مع اتجاه الخصمين المتقاتلين (النظام والمعارضة المسلحة) للحسم في العاصمة الاقتصادية حلب بعد أن وقع الكثير من الدماء في دمشق خلال الأيام الماضية.

رسم بياني يظهر نتائج استفتاء إيلاف


وقد بات الوضع الميداني المشتعل منذ نحو 17 شهراً أشبه بالفرجة الدولية حيث تنتظر دول القرار الأممي أي المتقاتلين يخرج منتصراً خلال المهلة الأخيرة التي منحت لجهود المبعوث الدولي للأمم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي أنان، الذي زاد النار اشتعالا بتقديم استقالته التي بررها بعدم جدوى بعثته، لترسم توقعها للصورة المستقبلية الأكثر تحقيقا لسوريا.

ويرى أكثر المتابعين للوضع السوري أن أي رؤية متفائلة لا تلوح في الأفق في المستقبل القريب معتمدين على معطيات يجب توفرها في رسم صورة التفاؤل، لعل أبرزها سقوط النظام الذي لا توجد مؤشرات كبيرة تدل على قرب حصوله، كانهيار سياسي او اقتصادي كبير، أو انشقاق قادة من كبار الجيش بفرقهم العكسرية. ناهيك عن عزوف الدول الكبرى كأميركا وفرنسا وبريطانيا، في الوقت الحاضر، عن رغبتها بتدخل عسكري أشبه بما جرى في ليبيا أو العراق، حيث تؤجل هذه الدول تدخلها العسكري الى ما بعد الانتخابات الأميركية من جهة، واصطدامها بالفيتو الروسي-الصيني من جهة ثانية في كل توجه لمجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار دولي يجبر النظام على عدم استخدام القوة في الرد على المعارضين المسلحين، أو تأمين منطقة عازلة أرضاً وجوًا تؤمن للمعارضين نقطة ارتكاز في سعيهم لإسقاط النظام.

ولا ترغب جميع أطراف العارضة السورية غير الموحدة حتى الآن بتدخل عسكري على غرار ما جرى في العراق خشية من السيناريو الذي أعقب سقوط النظام العراقي عام 2003 من تناحر طائفي وقومي لما يزل ماثلاً ويهدد بتقسيم البلاد الشبيهة بسوريا من حيث تعدد القوميات والطوائف.
ويجر هذا الأمر لخشية أكبر من تقسيم سوريا لثلاث دول على غرار الخشية العراقية ذاتها ، حيث الأكراد في الشمال الطامحون كبقية أكراد العراق وتركيا وإيران لتحقيق حلمهم الأبدي بدولة مستقلة، والعلويون الذين يشكلون الأقلية الحاكمة القاطنة في محافظات الساحل السوري التي يعلو بين فترة وأخرى استعدادها للإنعزال بدولة مستقلة خشية من التصفيات الدموية المتوقعة ما بعد سقوط النظام. لتبقى الأكثرية السنية في محافظات دمشق وحلب وحماه وإدلب ودرعا. ويضيف مراقبون آخرون احتمال استقلال الدروز في جبل العرب بدولة أيضا فيما لو تفتتت الدولة السورية. مع احتمال التحاق ما تبقى من أقلية مسيحية بأي دولة متوقعة غير خاصة العلوية أو الكردية.
لكن كل ما تقدم يبقى تصورات غائمة، فالوضع على الأرض يزداد دموية مع غياب أي وضوح من قبل الدول الداعمة للمعارضة السورية يرسم ويحدد شكل النظام لما بعد بشار الأسد.

حيث تتكاثف الجهود والضغوط على المعارضين المسلحين للحسم خلال مهلة الشهر التي بدأت بما أسمته المعارضة المسلحة quot; بركان دمشق وزلزال سورياquot; بعد الانفجار الذي أودى بخلية الأزمة في دمشق منتصف الشهر الماضي الذي قتل كلا من وزير الدفاع السوري داود راجحة و نائبه صهر الرئيس السوري آصف شوكت ومعاون نائب رئيس الجمهورية حسن تركماني، إضافة إلى إصابة وزير الداخلية بجروح بليغة في التفجير ذاته. لكن تراجع المعارضة المسلحة في العاصمة دمشق جعلها تتجمع في حلب التي كانت والعاصمة بعيدتين عن أي حضور واضح للمعارضة المسلحة طوال العام ونصف العام الماضي.
حلب باتت حلبة سباق الأصابع بين النظام والمعارضة المسلحة التي سيكسبها من ينهزم أولاً. مع تزايد شراسة دفاع المعارضين عن مواقعهم فيها والشراسة ذاتها من قوات النظام التي تدكّها أرضاً وجواً كل ساعة.

لكن مهلة الشهر قد تكون ملغية مع تقديم كوفي أنان استقالته، الذي يرجح بعض المراقبين أنها جاءت بضغوط غربية تتوقع طول فترة القتال في حلب، مع غياب أي تصور لما بعد حلب، فيما لو هزم النظام أو المعارضين المسلحين.
وحتى يحين ذلك تكون قد مرت مياه ودماء كثيرة من تحت جسر خرائب حلب بل وسوريا كلها.
مستقبل سوريا الذي لما يزل يتأرجح بين أكثر من سيناريو لجهات التقسيم أو الحرب الطائفية أو الدولة الموحدة كان محور سؤال استفتاء إيلاف للأسبوع الماضي حيث وجدت أغلبية كبيرة 88.13% من القراء (20505) أن مستقبل سوريا هو دولة موحدة. فيما خالفتهم أقلية 6% (1397) وجدت أن ثلاث دويلات هو مايمكن تصوره لمستقبل سوريا. واقتربت منها أقلية مماثلة 5.87% (1365) رأت أن حرباً طائفية سيطول أمدها هو ما يمكن تصوره لمستقبل سوريا.
وقد بلغ عدد القراء المشاركين بالاجابة على سؤال الاستفتاء 23267.