يتحدث الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان في كتاب مذكراته الذي صدر حديثاًعن دور وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول في غزو العراق وكيف إنه كان يدافع عنحرب لا يؤمن بها،كما يتطرق انان إلى مساعيه لحل الأزمة السورية.


كوفي انان

عندما دافع وزير الخارجية الأميركي في حينه كولن باول عن مسوغات الحرب على العراق عام 2003 بكلمة تتقد عاطفة أمام مجلس الأمن الدولي كانت شكوكه في وجاهة الأدلة التي ساقها لتبرير الغزو الذي قادته الولايات المتحدة أعمق مما كان معروفا في السابق، كما كشف الأمين العام وقتذاك كوفي انان في مذكرات جديدة.

وكتب انان في مذكراته ان باول، بعد ستة أسابيع على غزو العراق، زار مكتبه في الطابق الثامن والثلاثين من مبنى الأمم المتحدة ليبشره في اجتماع خاص بنبأ يقول إن القوات الأميركية تعتقد أنها عثرت على مختبرات متنقلة في العراق ادعت إدارة بوش أن صدام حسين كان يستخدمها لإنتاج أسلحة دمار شامل. وكان امتلاك العراق هذه الأسلحة السبب الأساسي للحرب.

ونقل انان عن باول قوله quot;كوفي، إنهم صنعوا مني رجلا صادقاquot;.وكتب انان quot;ان الارتياح. والإرهاق ـ كان باديا بشكل محسوس عليه.ولم أملك إلا الابتسام مجاراة لصديقي، وكنتُ أُريد أن اشطاره ارتياحهquot; رغم ان انان نفسه لم يكن مقتنعا بالأدلة المقدمة.وكتب انان quot;لم يسعني إلا الإعجاب بصلابة هذا الرجل الذي تحمل الكثير ليدافع عن حرب كان من الواضح انه لا يؤمن بهاquot;.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن محاولاتها الاتصال بباول للتعليق على هذا المقطع من مذكرات انان باءت بالفشل، وقالت مساعدة مكتبه بيغي سيفرينو انه مسافر ولا يتصل بها إلا بصورة متقطعة.

في هذه الأثناء نُشرت كتب عديدة عن مقدمات حرب العراق الذي لم يُعثر فيه قط على أسلحة دمار شامل.كما وُثق توثيقا مسهبا دور باول الذي يقول بعض المؤرخين انه اضر بمصداقيته ضررا لا يمكن إصلاحه وأجهض حياته السياسية.ولكن اللقاء بين باول وانان، كما كشف عنه الأمين العام السابق، يلقي ضوء جديدا على درجة الشك الذي ساور باول في مبررات إرسال قوات إلى العراق.

وقال انان (74 عاما) في اتصال هاتفي مع صحيفة نيويورك تايمز من مكتبه في جنيف انه قرر استخدام هذه الحكاية في الفصل الافتتاحي من كتابه الجديد quot;تدخلات: حياة في الحرب والسلمquot; الذي سيصدر عن دار بنغوين في غضون أيام لأن العراق كان قضية بالغة الأهمية خلال ولايته في أمانة الأمم المتحدة التي استمرت من 1997 حتى نهاية 2006. وقال انان إن حرب العراق كانت quot;حدثا تسبب في انقسام المجتمع الدولي انقساما لا رجاء منه ـ كما توشك سوريا أن تقسمهquot;.

والأكثر من ذلك، كما كتب انان، انه كان يعتبر باول quot;صديقا، على قدر كبير من الاحترام، ونجماً بين وزراء الخارجية. واعتقد أن طرح محاجة الولايات المتحدة على المجلس ألحقت بعض الضرر به، وكنتُ أُريد أن انقل ما حدث وقتذاكquot;.

وتشكل المذكرات التي كتبها انان بالتعاون مع مستشاره وكاتب خطاباته السابق نادر موسوي زادة، تأرخة لحياته الدبلوماسية. وانان المولود في غانا هو أول مسؤول مسلكي في الأمم المتحدة وأول إفريقي من جنوب الصحراء الكبرى يرتقي إلى منصب الأمين العام.ونال انان جائزة نوبل للسلام عام 2001 على عمله في الأمم المتحدة.

وجاء الكتاب الذي يجمع بين السيرة الذاتية والدروس التاريخية زاخرا بذكريات انان عن لقاءاته مع زعماء العالم، بمن فيهم صدام حسين الذي أجرى معه انان حوارا ساخنا لإقناعه بالسماح لمفتشي الأسلحة بدخول قصور صدام الرئاسية.

كما يشكل الكتاب محاولة من انان لإيضاح الظروف التي تقف وراء بعض الإخفاقات المنسوبة في جانب منها إلى انان نفسه خلال توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة، وقبل ذلك عندما كان يدير قسم عمليات حفظ السلام في المنظمة الدولية.

وكتب انان أن أسباب فشل الأمم المتحدة في تفادي الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، على سبيل المثال لا الحصر، تكمن في إخفاقات سابقة مُنيت بها عمليات حفظ السلام في الصومال وهايتي.

وان العديد من الدول التي كانت تساهم بجنود في عمليات حفظ السلام، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، أخذت تبدي نفورا من الإقدام على مثل هذه المخاطر، كما كتب انان مضيفا أن مجلس الأمن كان يقاوم إصدار أوامر باتخاذ إجراءات يمكن أن تشتمل على استخدام القوة. وكتب انان quot;مصيرياً، كانت أول عملية وُجدت في هذا المناخ مهمتها في روانداquot;.

وفي ما قد يكون مفاجأة للبعض من منتقدي انان المحافظين فانه أبدى إعجابا كبيرا في الكتاب بالرئيس الأميركي جورج بوش رغم اختلافاتهم بشأن حرب العراق وما يعتبره انان معالجة بوش الخاطئة للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وقال انان إن محاولة بوش مكافحة وباء الايدز العالمي تمثل quot;أكبر التزام مالي يتخذه بلد على عاتقه في التاريخ لمكافحة مرض واحدquot;.

وقال انان إنه كان يعمل على كتابة مذكراته منذ عامين وكاد ينجزها في الشتاء الماضي عندما تلقى اتصالا هاتفيا من خلفه في منصب الأمين العام بان كي مون، أرفقه بطلب استثنائي.طلب بان من انان أن يكون مبعوثا خاصا يمثل الأمم المتحدة والجامعة العربية مهمته التفاوض بشأن حل دبلوماسي للأزمة السورية بعدما طفح الكيل مع الرئيس بشار الأسد.

وقال بان انه يطلب منه ذلك نيابة عن لفيف من وزراء الخارجية الذين يعتقدون أن مهارات انان التفاوضية يمكن أن تتكلل بالنجاح في سوريا.وافق انان الذي سبق له وان تعامل مع الأسد، فتأخر انجاز الكتاب مع تنقيح الصفحات الأخيرة.وقال انان انه كان على وشك تقديمه إلى المحررين.

انان خلال اجتماعه مع الأسد

وجرى تحديث القسم المتعلق بسوريا من الكتاب الذي يصدر يوم الثلاثاء المقبل ليضم وقف إطلاق النار الهش الذي تفاوض انان بشأنه في آذار/مارس.

ولكن انان لم يعد المبعوث الخاص بعد استقالته محبَطَا في أوائل آب/أغسطس لتجاهل وقف إطلاق النار. ومنذ ذلك الحين تصاعد النزاع وغادر المراقبون الدوليون الـ 300 وعُين مبعوثا خاصا جديدا هو الدبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الإبراهيمي الذي عمل مع انان عندما كان أمينا عاما.

وقال انان انه قرر منذ فترة ألا يجري تنقيحات أخرى على الكتاب، وأشار إلى quot;ان الناس يسألونني الآن إن كنتُ سأنشر كتابا ثانيا، عن سورياquot;.

ويروي انان أنه شعر من لقاءاته المتعددة مع الأسد في دمشق انه لم يتمكن من التواصل معه. وقال انان quot;في البداية شعرتُ انه في حالة إنكار وكان يشعر أن غالبية مشاكله سببها غرباء من الخارج ولو ترك الغرباء سوريا وشأنها لحلوا مشاكلهم بلمح البصرquot;.

وقال انان إن زعماء مثل الأسد quot;يميلون إلى الإيمان بالعالم الذي يصنعونهquot;.