تكشف ازمة فيلم quot;براءة المسلمينquot;أنشركات الإنترنت، التي يتواجد معظمها في الولايات المتحدة، تحولت إلى أطراف عالمية تتحكم في حرية التعبير،بل إنها باتت تحظى بتأثير اقوى من الحكومات.


بررت شركة غوغل سبب إقدامها على منع عرض quot;براءة المسلمينquot; بثمانية أسباب مختلفة، ليس منها تسببه بإثارة الشغب وأعمال العنف، بل إن الشركة لم تتحرك إلا أن بعد حذر البيت الأبيض من تسبب تريلر الفيلم بإثارة عنف مميت في منطقة الشرق الأوسط.

بث الفيلم على يوتيوب فجر موجة غضب في العالم العربي والإسلامي

ورغم مرور بضعة أيام، إلا أن الجدال بشأن التريلر الذي تبلغ مدته 14 دقيقة ما زال يعصف بدول العالم الإسلامي، في الوقت الذي تم فيه منع عرض الفيلم في مصر وليبيا والهند واندونيسيا وأفغانستان، لمنع مشاهدته بكل سهولة في بلدان يعيش فيها أكثر من ربع مسلمي العالم الذين يقدر عددهم الإجمالي بـ 1.6 مليار مسلم.

خبراء قانونيون وناشطون في مجال الحرية المدنية يشيرون إلى أن ذلك الجدال ألقى الضوء على الطريقة التي تحولت من خلالها شركات الإنترنت، التي يتواجد معظمها في الولايات المتحدة، إلى أطراف عالمية تتحكم في حرية التعبير.

ويقول تيم وو، أستاذ القانون في جامعة كولومبيا، لصحيفة واشنطن بوست الأميركية:quot; لاحظوا أن غوغل تحظى بتأثير أقوى تجاه هذا الموضوع أكثر من الحكومتين المصرية أو الأميركية. ولا ترتبط اليوم معظم جوانب حرية التعبير بالحكومات، بل يرتبط كل شيء في حقيقة الأمر بالشركات والمؤسساتquot;.

وأضاف خبراء قانونيون أن غوغل وبإقدامها على منع عرض التريلر بشكل موقت في بعض الدول استدعت بصورة ضمنية مفهوم quot;الخطر الواضح والقائمquot;. وهو ما رأت الصحيفة أنه يشكل استثناءً رئيساً لحماية التعديل الأول في الولايات المتحدة، حيث تحظى حرية التعبير هناك بحصانة أكبر مقارنةً بأي مكان آخر في العالم.

ومضت الصحيفة تقول إن غوغل نصبت نفسها باعتبارها حليفاً لمثل هذه النوعية من الحريات، مثلما سبق للصحف وناشري الكتب ومحطات التلفزيون أن فعلت منذ مدة طويلة. لكنه ونتيجة للفورية والوصول العالمي لشركات الإنترنت، فقد بدأوا يواجهون تحديات معينة في معالجة مجموعة من التحديات القانونية والحساسيات الثقافية وفي بعض الأحيان شواغل الأمن القومي.

وقال في هذا الصدد أندرو ماكلوغلين، كبير مسؤولي السياسات السابق لدى غوغل والذي عمل في وقت لاحق لدى إدارة باراك أوباما كنائب لرئيس قسم التكنولوجيا: quot;تلعب الآن مواقع مثل غوغل ويوتيوب وفايسبوك وتويتر ذلك الدور القضائي بخصوص مسألة حرية التعبيرquot;.

ومضت الصحيفة تنوه بأن الدعاية النازية، على سبيل المثال، يمكن العثور عليها على موقع Google.com وليس على موقع Google.de المخصص للاستخدام في ألمانيا، التي يحظر بها مثل هذه النوعية من الأحاديث. ورغم اشتهار غوغل على مدار تاريخها بحرصها على استضافة المحتوى المناسب، إلا أن طريقة تفاعل البيت الأبيض مع الفيلم كانت رائعة، وفقاً لما ذكره مراقبون قدامى لنشاطات الشركة.

مقر السفارة الاميركية في ليبيا بعد تعرضه للاعتداء

وبينما تمنع أحياناً بعض الحكومات الأجنبية الغاضبة موقع اليوتيوب كليا بداخل حدودها لمنع مشاهدة مقاطع معينة، كما فعلت أفغانستان، فإن هناك حكومات أخرى تطلب رسمياً في أحيان أخرى من غوغل أن تمنع ظهور مقطع على اليوتيوب، على غرار ما فعلته الهند واندونيسيا تجاه ذلك التريلر الذي أثار جدلاً كبيراً خلال الآونة الأخيرة.

وقد قالت غوغل، من جهتها، إنها قررت وقف عرض التريلر في مصر وليبيا بسبب الحساسية الشديدة للأوضاع هناك، وليس لأن البيت الأبيض طلب منها ذلك. وقال احد مسؤولي الشركة بعد رفضه الكشف عن هويته متحدثاً عن تفكير الشركة الداخلي quot;التعامل مع محتوى مثير للجدل يعد من أكبر التحديات التي تواجهنا كشركةquot;.

كما أشار تقرير نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية إلى أن الصخب الذي أثير بخصوص تريلر فيلم quot;براءة المسلمينquot; أثار تساؤلات بشأن المسؤوليات التي تقع على كاهل اليوتيوب باعتباره الموزع الأبرز للفيديوهات على الإنترنت.

ونقلت الصحيفة في هذا الإطار عن أناس مطلعين، رفضوا الكشف عن هويتهم لأنه غير مخول لهم بالتحدث، قولهم إن مسؤولين من إدارة أوباما طلبوا من القائمين على موقع اليوتيوب مراجعة التريلر وتحديد ما إن كان ينتهك شروط خدمة الموقع أم لا.