في غياب الرئيس جلال الطالباني الذي كان صمام أمان الحياة السياسية في العراق، يخاف العراقيون من تدهور الوضع الحالي، وانزلاق بلدهم مجددًا إلى درك الحرب الطائفية المقيتة.


بغداد: عاد الخوف ليقضّ مضاجع العراقيين، وعاد الرعب ليتجدد جراء الاحداث المتسارعة التي تسيطر على العراق حاليًا، والازمات الحادة التي بات المواطن يشعر إزاءها بالقلق الذي يكبر، مع تعرض الرئيس جلال طالباني لأزمة صحية، ومع تواتر الاخبار حول عجزه عن ممارسة مهامه الرسمية. وهو الذي كان يشكل صمام الامان للمشكلات التي تواجه البلاد.
يعتقد الكثيرون أن الامور بغياب طالباني ستتدهور أكثر من ذي قبل، خصوصًا بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان، فضلًا عن الازمات المشتعلة الأخرى التي تفوح رائحة الطائفية من دخانها. وأعرب عراقيون من مختلف الشرائح أنهم باتوا يخافون أكثر من السابق لأن ما يحدث على أرض الواقع ينذر بخطر كبير.

الازمة ستتعمق

أكد المحلل السياسي والكاتب جمال المظفر أن الوضع العراقي أصبح غريبًا جدًا ولا يحتمل أزمات أخرى، موضحًا أن الازمة بدأت تتعمق، وأن غياب الرئيس الطالباني سيعجل بما لا تحمد عقباه.
قال: quot;اعتقد أن الأزمة السياسية ستتعمق أكثر، لأن الصراع السياسي بين الكتل اصبح شديدًا، وسيكون على أشده من اجل الحصول على المناصب، فالاكراد يطالبون ببديل للطالباني وكذلك سيفعل التحالف الوطني والقائمة العراقية، وستكون هناك أزمة سياسية أكثر من الازمة الحالية وأعمق، وهذه الاوراق كلها ستختلط لتؤثر في المشهد العام للبلادquot;.
أضاف المظفر: quot;ما يحدث على أرض الواقع ينذر بعواصف قد تكون عواقبها وخيمة على الجميع، فالعراق الآن بحاجة إلى الرئيس جلال الطالباني، لأنه فعلًا صمام أمان للعملية السياسية وفي حالة فقدانه - لا سمح الله - سيكون هناك أشبه بانفلات سياسي وصراع حاد بين الكتل السياسية مع عمق الازمة الحالية بين الحكومة المركزية واقليم كردستان، وتصعيد وخلافات اكثر واكثر إلى أن تحين الانتخابات المقبلةquot;.

النزاع مستمر

من جهته، اعرب الكاتب أحمد الاسدي عن تخوفه مما يحصل من توترات قد تسمح للارهاب بأن يضرب بقوة. وقال: quot;بدأ الخوف يتسرب إلى نفسي فعلًا، لأن التوتر في تزايد، ولا يمكن أن نضمن عدم حدوث فوضى يستغلها الارهاب، لذلك أدعو إلى أن يعود الرئيس طالباني سالمًا، فهو على الاقل سيكبح جماح بعض الذين يحاولون تأزيم الأمور إلى حد العنفquot;.
أضاف الأسدي: quot;أتمنى أن يبقى طالباني رئيسًا للعراق حتى وهو في حالته الصحية السيئة هذه، فربما يحترم الآخرون هذه الحالة، ولكن عدم قدرته على أداء مسؤوليته سيؤدي إلى انقسامات بين العديد من الكتل السياسيةquot;.
تابع: quot;هناك من سيستغل غياب الطالباني من أجل إثارة المشاكل، ونحن نعرف أن الرجل معتدل، ستتوسع المشاكل والاقليم سيكون اشد انفصالًا، المسألة السياسية ستبقى متنازعًا عليهاquot;.

الوتر الطائفي

أكد الاستاذ الجامعي عدي عبد الامير أن الخطر اصبح محدقًا بالعراق، خصوصًا مع تهديد بعض المحافظات بالعصيان المدني. واشار إلى أن غياب الرئيس استغله الكثيرون لإحداث مشاكل، وقال: quot;غياب الطالباني سيؤدي إلى تأزم الامور بشكل اكبر، وربما أكون متشائمًا هنا، لأن الرئيس الطالباني هو الذي يُهدّىء الوضع نوعًا ما ويحترمه الجميع، وهو بالفعل كما قيل عنه صمام أمانquot;.
أضاف: quot;لا أعتقد أن الاقليم سيكون اكثر مرونة بغياب طالباني، بل أن غيابه فرصة بالنسبة إليهم لتأزيم الموقف والبحث عن الانفصال وما شابه ذلك، خصوصًا بعد أن حاولت تركيا استمالة رئاسة الاقليم واقناعها بالانفصالquot;.
وتابع: quot;كذلك، أرى أن قيام التظاهرات والتهديد بالعصيان المدني، على الرغم من اختلاف وجهات النظر فيه، سيمهدان لأزمات اكثر حدة لأن هناك من يحاول أن يستغل أي طارىء ويضرب على الوتر الطائفي، وهو شيء لن يخدم الشعب العراقي ابدًاquot;.
وختم قائلًا: quot;من الضروري الآن تدخل الحكماء كرجل الدين عبد الملك السعدي، على الرغم من تحفظنا على بعض تصريحاتهquot;.

الاوضاع خطرة

يتخوف المواطن عبد العظيم حمد الحمداني، الموظف في وزارة التربية، مما يجري على الساحة العراقية. قال: quot;الله يستر في هذه المرة، فيبدو أن الوضع الحالي أكثر خطورة من المرات السابقة، ضاع علينا الصدق من الكذب، ونشعر اننا امام حرب طائفية مقيتة ستأكل الاخضر واليابسquot;.
اضاف: quot;صرت اخشى الازمات، فهناك من يريد أن تشتعل الدنيا لأن مصالحه ستنمو، وهناك الحكومة التي لا تعرف كيف تتعامل مع الازمات، وهناك الاجندات الخارجية من الفرس إلى الترك والعرب والاميركيين، وكلهم يريدون أن يتمزق البلد، لا سمح اللهquot;.
وأشار المواطن عبد الرحمن كاظم إلى أنه مع التظاهرات والمطالبة بالحقوق المشروعة للناس ومع المظلومين، لكنه ضد كل من تسول له نفسه هدر الدماء.
قال: quot;أصلي أن يعود طالباني سالمًا معافى لأنه قادر على أن يمنع الكوارث، فهو حامي الدستور وصمام أمان العملية السياسية، ولن يرضى بالتقسيم ولا بانفصال الأكراد عن العراقquot;.

قابل للانفجار

أشار الكاتب وليد البياتي إلى أن ما يحدث من الممكن أن يكون قابلًا للانفجار، لأن الحقد اصبح هو القاسم المشترك للكتل السياسية وللطوائف وأحيانًا حتى للمواطنين انفسهم. قال: quot;أجد أن الامر سيتعدى كونه مطالبة بالحقوق، وأعرف أن هناك دولاً تفرح لانتكاسة العملية السياسية العراقية، ولا أريد أن أكون متشائمًا لكنني بت أخشى مما يجري، لأن البعض يريد حربًا طائفيةquot;.
أضاف: quot;اعتقد أن حدة الخلافات ستتصاعد بين الكتل السياسية على اختلاف وتشابه مكوناتها، وكذلك بين المركز واقليم كردستان، لأن الرئيس الطالباني كان مصدر التهدئة والامان، من خلال مشاوراته ودعواته إلى الحوار والاحتكام إلى الدستور، وهو الآن غائب، ومع ذلك نحن نأمل خيرًا، ونرجو أن يحترم السياسيون غياب الرجل، وما كان يفعله من أجل عراق واحد وموحدquot;.