احتفل أقباط مصر الاثنين بأول عيد للميلاد في ظل حكم الاخوان المسلمين، وهم يشعرون بالقلق على سلامتهم على الرغم من مناشدة البابا تواضروس الثاني المصلين ألا يخافوا. وقد شكوا من أن حياتهم آلت من سيئ إلى أسوأ منذ سقوط مبارك.



لندن: في كنيسة السيدة العذراء مريم في منطقة امبابا المختلطة، حيث وقعت اشتباكات مذهبية سابقًا، بدأ قداس منتصف الليل عشية عيد الميلاد في ساعة مبكرة، quot;للتأكد من وصول الناس سالمين إلى بيوتهمquot;، كما قال الطبيب المسيحي يوسف القمص، ولا سيما أن اسلاميين متطرفين أضرموا النار في الكنيسة في العام 2011.
وكانت الكنيسة محروسة جيدًا مساء الأحد، مع أوسع انتشار لقوات الشرطة في مؤشر إلى أن حكومة الرئيس محمد مرسي الاسلامية تريد تفادي حدوث قلاقل بعد المواجهات السياسية التي شهدتها شوارع مصر في الشهر الماضي.
وكانت أعدادٌ كبيرة من المسيحيين، الذين يشكلون نحو 10 بالمئة من سكان مصر البالغ عددهم 85 مليونًا، انضمت إلى القوى الليبرالية والعلمانية في الاحتجاج على الدستور الجديد، الذي أُقر الشهر الماضي، قائلين إنه يمهد لإقامة حكم ديني يقوم على تطبيق الشريعة كما يفهمها الاسلاميون الذين كتبوا الدستور.

جرأة وقلق

على الرغم من شكوى الأقباط من التهميش والتمييز في عهد مبارك، فإن كثيرين يتهمون مرسي والاخوان المسلمين بخطف البلاد والسعي إلى إقصاء المسيحيين بالكامل.
إلا أن بعضهم قال إن الاضطراب الذي عمّ المرحلة الانتقالية ساهم في تسييس طائفتهم، التي ظلت صامتة زمنًا طويلًا، مؤكدين مواصلة المطالبة بحقوقهم لمواجهة صعود الاسلاميين، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في غضون أشهر قليلة.
كانت المواجهات التي حدثت في الشهر الماضي بين الاسلاميين وقوى المعارضة المدنية المبعثرة بشأن طابع الدستور الجديد، جرَّت مئات المحتجين المسيحيين إلى التزام جانب القوى الليبرالية، يقولون الآن إنهم أصبحوا أكثر جرأة، بتشجيع من المعارضة.
وقال الناشط القبطي والطالب الجامعي مينا جرجس لصحيفة واشنطن بوست: quot;فرض الاخوان المسلمون الدستور على الشعب، لكنهم لن يتمكنوا من إجبار مصر على البقاء صامتةquot;، مستبعدًا أن يتعرض الاسلاميون للمسيحيين في الوقت الحاضر. قال: quot;إنهم قلقون من أن تهتز سمعتهم أمام العالم أكثر من قبلquot;.

رسالة اطمئنان

كان مرسي ومرشد الاخوان المسلمين محمد بديع قد أصدرا يوم الأحد بيانين منفصلين يهنئان أقباط مصر بعيد الميلاد، الذي تحتفل به الكنيسة الارثوذكسية الشرقية في الشرق الأوسط واوروبا الشرقية وشمال افريقيا في 7 كانون الثاني (يناير) من كل عام.
ودعا البابا تواضروس في قداسه إلى الوحدة، وذكّر المصلين بأنهم سيكونون في رعاية الله. وقال إن رسالته quot;رسالة جماعية لأن الخوف معدٍ، وهذه رسالة للاطمئنانquot;.
وذكر الجيش المصري على صفحته في موقع فايسبوك يوم الاثنين أن قواته أحبطت محاولة لتفجير إحدى الكنائس قرب الحدود مع قطاع غزة.
وكانت أشد المواجهات الطائفية دموية خلال العامين الماضيين وقعت خلال حقبة الحكم العسكري التي اعقبت سقوط مبارك، وفي إحدى المرات مع قوات الجيش نفسه. لكن مسيحيين كثيرين يؤكدون أن صعود الإسلاميين ينبئ بنزاعات أعمق تلوح في الأفق، لافتين إلى أن هذا الصعود فجّر مواجهات في المناطق المختلطة خلال الاشهر الماضية.

المستقبل يقلقنا

قال مجدي، وهو موظف مسيحي في قرية سنهور في محافظة الفيوم الريفية: quot;حتى اولئك الذين لا علاقة لهم بالجماعة، أخذوا يطلقون لحاهم الآن، وكل كلمة يتفوه بها المسيحي موضع محاكمةquot;. أضاف: quot;الوضع هادئ الآن، لكن المستقبل هو الذي يقلقناquot;.
كان سلفيون أعادوا الاسبوع الماضي نشر فتاوى تحذر المسلمين من تهنئة المسيحيين في أعيادهم ومناسباتهم الدينية. وهددت جماعة سلفية في مدينة السويس بتخريب احتفالات رأس السنة الجديدة، فشعر كثير من المسيحيين بالقلق والتوتر، بعدما سرت شائعات بأن هيئة سلفية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعتزم استهداف كنائس وإجبار المسيحيين على دخول الإسلام.
وقالت ناهد عدلي، وهي طبيبة اسنان في القاهرة حضرت قداس كنيسة السيدة مريم العذراء: quot;كرروا ذلك على الفضائيات ولا ندري إن كان ذلك صحيحًاquot;.
أضافت: quot;ينتظرون إلى حين إجراء الانتخابات ليسيطروا على السلطة، وبعدها سيركزون عليناquot;.