يقرص الجوع أطفال سوريا الذين لم تصبهم الحرب، وخصوصًا في جنوب دمشق المحاصر بقسوة منذ أكثر من عام، حتى أضربت مجموعة من الرجال عن الطعام توفيرًا للغذاء للأطفال والنساء في المعضمية.


بيروت: شاع على الأقنية التابعة للثورة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصًا على يوتيوب، شريط تحت عنوان quot;إضراب لا للركوعquot;، يصور الشيخ صالح الخطيب، وهو شيخ معروف في منطقة جنوبي دمشق، يقف معلنًا الاضراب عن الطعام، quot;إلى أن يفك الحصار عن أطفالنا ونسائنا في جنوبي دمشق، وذلك لنوفر الطعام للأطفال والنساء، ولن نتوقف عن هذا الاضراب إلى أن تصل المساعدات الانسانية والاغاثيةquot;.

دعوة غريبة

لا بد أن هذه دعوة غريبة في خضم استعار الحرب الأهلية، والأغرب أن تجد هذه الدعوة صدى بينما لا صوت يعلو على صوت المعركة، لكنها صرخة ضمير في وادٍ سحيق، خصوصًا أن ما يمكن أن يوفره إضراب هذه المجموعة الظاهرة في الفيديو عن الطعام لا يوفر الكثير من المأكل لمئات العائلات المحاصرة في جنوب دمشق، وخصوصًا في معضمية الشام، التي تمنع القوات الحكومية السورية عنها أي غوث وأي طعام.

وفي هذا السبيل، أكدت جماعات إغاثية ونشطاء سوريون أن الجوع يهدد السوريين في جنوب دمشق، كما في أنحاء مختلفة من سوريا يحاصرها الجيش النظامي أو كتائب من الثوار، تمامًا كما يهددهم الرصاص والقصف والسلاح الكيميائي. فالأطفال يموتون بسبب سوء التغذية، وتتفاقم الأزمة مع ارتفاع أسعار الغذاء.

وصور نشطاء سوريون أطفالًا على أسرة في مستشفيات، أو موتى، يشبهون الهياكل العظمية، وآخرهم رنا عبيد التي توفيت الثلاثاء الماضي وعمرها سنة واحدة، وأظهرتها الصور بارزة الضلوع منتفخة البطن. وأفاد الأطباء بأن عبيد تمثلسادس طفل يموت بسبب سوء التغذية في معضمية الشام.

كما بثت قناةquot;أل بي سيquot; الفضائية اللبنانية تقريرًا عن ضحايا سوء التغذية في سوريا، ما يهدد عائلات بأكملها بالموت، حتى لو نجوا من القصف بالدبابات والطائرات والكيميائي.

بسبب قناص!

وكانت منظمة quot;أنقذوا الأطفالquot; أصدرت تقريرًا عن الجوع في سوريا، قال فيه أحد مسؤوليها، جورج غراهام، إن تضخم أسعار المواد الغذائية متفلت من كل عقال، quot;وثمة صعوبة جمة في الحصول على الغذاء، ومشكلة كبيرة في الوصول إلى المحتاجين، وكل هذه الصعوبات تؤدي إلى أزمة أمن غذائي حادة في سوريا، وخصوصًا في جنوب دمشقquot;. فالأمم المتحدة تؤكد أن عمال الإغاثة التابعين لها عجزوا عن زيارة المعضمية مثلًا منذ أكثر من عام، بسبب احتدام القتال وقسوة الحصار المفروض على البلدة.

ونقلت تقارير صحافية عن طبيب في المعضمية قوله عبر سكايب: quot;المواد الغذائية لا تبعد سوى عشرات الأمتار عنا، لكن الأطفال يموتون هنا بسبب نقطة تفتيش أو قناصquot;.

واستندت منظمة quot;أنقذوا الأطفالquot; العالمية الى تقارير تشير إلى أن ربع الأسر السورية تمضي أيامًا، قد تصل إلى أسبوع، من دون أن تتمكن من شراء أي طعام، مع أن الغذاء متاح في أغلب الحالات، لكن الأسعار تضاعفت والفقر يزداد.

ويؤكد برنامج الغذاء العالمي أن نحو 4.25 ملايين سوري بحاجة إلى مساعدة غذائية عاجلة، وهو يمد ثلاثة ملايين شخص بالمساعدات الاغاثية شهريًا. لكن غراهام أكد أن تقديرات أخرى تقول إن ما لا يقل عن 10 ملايين سوري يواجهون صعوبات في الحصول على الطعام.

ويفيد مسؤولو الأمم المتحدة بأنهم يسعون لإيجاد السبل الكفيلة بإدخال المواد الاغاثية إلى مناطق القتال. وقالت لور شدراوي، المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي في بيروت، إن عمال الإغاثة لجأوا إلى إسقاط الأغذية من الجو في بعض المناطق.