تحولت ميادين القاهرة الرئيسة ثكنات عسكرية تحسبًا لتظاهرات دعا الإخوان إلى تنظيمها في ذكرى حرب أكتوبر، تنديدًا بما يصفونه بالانقلاب العسكري. في حين أوقعت اشتباكات اليوم حتى الساعة قتيلاً وإصابات عدة.


يحتفل المصريون اليوم الأحد بالذكرى الأربعين لحرب السادس من أكتوبر 1973، التي استعادوا فيها شبه جزيرة سيناء من إسرائيل، وفي الوقت الذي دعت فيه الحكومة وحركة quot;تمردquot; المصريين إلى الخروج إلى الميادين العامة للاحتفال بالانتصارات، دعت جماعة الإخوان المسلمين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي إلى الخروج إلى الميادين نفسها من أجل استعادة الشرعية، في تظاهرات أطلقت عليها اسم quot;6 أكتوبر بداية النهايةquot;.

مقتل شخص وإصابة العشرات
هذا ووقعت اشتباكات دامية بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، ومؤيدين لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، اليوم، وأسفرت عن مقتل شخص وإصابة العشرات. واندلعت إشتباكات بين أنصار مرسي وقوات الشرطة في ميدان الدقي، أثناء محاولتهم عبور جسر الجلاء في الطريق إلى ميدان التحرير، وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع وطلقات الرصاص الحي والخرطوش باتجاه المتظاهرين، ومنعتهم من الوصول إلى ميدان التحرير، ما أدى إلى إصابة نحو تسعة أشخاص، وأصيب بعض سكان منطقة الدقي بالاختناق نتيجة استنشاق الغازات.

وقعت اشتباكات مماثلة بين قوات من الجيش والشرطة مع مسيرة أخرى مؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي في ميدان سفنكس في حي المهندسين الراقي، ومنعت القوات المشتركة المسيرة من صعود جسر 15 مايو، باتجاه ميدان التحرير. وفي منطقة المهندسين أيضًا، منعت قوات الشرطة والجيش أنصار مرسي من التظاهر في ميدان مصطفى محمود، وأطلقت عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع، وطلقات الخرطوش، ورد الطرف الآخر برشق القوات بالحجارة، وردد هتافات معادية للسيسي والشرطة، منها: quot;الداخلية بلطجيةquot;، quot;سيسي يا سيسي مرسي رئيسيquot;، quot;إصحى يا سيسي صحّ النوم.. النهارده آخر يومquot;.

وفي قرية دلجا في محافظة المنيا في الصعيد، وقعت اشتباكات بين أنصار مرسي والشرطة، أسفرت عن مقتل شخص، وإصابة آخرين، وجاءت الاشتباكات على خلفية تظاهر المئات من أنصار مرسي في القرية أمام نقطة الشرطة، ورددوا هتافات معادية للشرطة والجيش ووزير الداخلية والدفاع، وردت الشرطة بإطلاق الغازات المسيلة للدموع وطلقات الخرطوش، وقتل شخص وأصيب آخر برصاصات حية.

في محافظة البحيرة، طافت أربع مسيرات أرجاء مدن المحافظة، منددة بما وصفه المتظاهرون بـquot;الانقلاب العسكريquot;، ورددوا هتافات ضد السيسي وأخرى مؤيدة لمرسي، ووقعت اشتباكات بين مؤيدين للسيسي وآخرين مناصرين لمرسي في مدينة كفر الدوار في المحافظة، أدت إلى إصابة نحو شخصين، فيما حلّقت الطائرات الحربية في سماء المحافظة، وقدمت عروضًا عسكرية، احتفالًا بذكرى نصر أكتوبر. في السياق عينه، رفعت بعض المساجد الكبرى صيحات التكبير، بينما دقت بعض الكنائس أجراسها، في تمام الساعة الثانية وخمس دقائق ظهر اليوم، احتفالًا بانتصارات الجيش المصري في حرب تحرير سيناء في مثل هذا اليوم.

ثكنة عسكرية
ويخشى المراقبون من وقوع أعمال عنف واسعة النطاق بين أنصار مرسي ومؤيدي الجيش وقائده عبد الفتاح السيسي. وخرج أعداد من المصريين إلى ميدان التحرير لإحياء الذكرى الأربعين لانتصارات أكتوبر 1973، التي استعاد فيها الرئيس الراحل أنور السادات شبه جزيرة سيناء من إسرائيل، وبدا الميدان وكأنه ثكنة عسكرية، فأحاطت به الدبابات والمدرعات التابعة للجيش من كل الجهات، وأغلقت الطرق المؤدية إليه بشكل كامل، وانتشرت قوات من الشرطة على مقربة من قوات الجيش، ووضعت للمرة الأولى بوابات الكترونية للكشف عن الأسلحة والمعادن في بعض مداخل الميدان، وانتشرت المئات من أفراد الشرطة في زيّ مدني.

تأتي تلك التدابير الأمنية الشديدة، لمنع أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي من دخول الميدان والتظاهر فيه، وخضع جميع الداخلين للميدان إلى التفتيش الذاتي من قبل عناصر الشرطة المدنية التي ترتدي ملابس مدنية، وحلقت طائرات حربية فوق الميدان.
وألقت تلك العناصر القبض على شاب، كان يرتدي قميص رابعة العدوية الأصفر، أسفل ملابسه في محاولة منه للتسلل إلى الميدان، والتظاهر فيه مع آخرين دعمًا لمرسي. وتشرف وزارة الداخلية بشكل رسمي على جميع مداخل الميدان، وتقوم ضابطات من الشرطة بتفتيش النساء.

وفي ميدان رابعة العدوية، كانت الإجراءات الأمنية أكثر شدة وصرامة، لاسيما بعدما استطاعت مجموعات من حركة quot;طلاب ضد الانقلابquot;، التابعة لجماعة الإخوان من الدخول إلى الميدان، والتظاهر فيه أمس، السبت، 5 أكتوبر/ تشرين الأول، لنحو ساعة، قبل أن تتمكن قوات الشرطة من مطاردتهم. وتعدّ هذه المرة الأولى، التي يدخل فيها أنصار مرسي ميدان رابعة العدوية، منذ فضّ اعتصامهم فيه في 14 أغسطس/ آب الماضي، وراح ضحية عملية الفضّ نحو 857 قتيلًا.

وأغلقت قوات الجيش والشرطة جميع الشوارع المؤدية إلى الميدان، وانتشر المئات من عناصر الشرطة بزيّ مدني في تلك الشوارع لرصد أي من أنصار مرسي، وإبلاغ القوات للتصدي لهم بالقنابل المسيلة للدموع، ومنعت القوات المصريين من التظاهر في هذا الميدان، لاسيما أنه لا يعتبر رمزًا إلا لأنصار مرسي فقط.

ودعا التحالف الوطني لدعم الشرعية، الذي يضم الأحزاب والحركات الإسلامية المؤيدة لمرسي، إلى التظاهر في الميادين العامة لاسيما التحرير ورابعة العدوية، وانضم محمد عبد المقصود، نائب رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح المؤيدة لمرسي، إلى عصام العريان والقيادات الإخوانية الهاربة، التي تصدر خطب لهم من خلال مقاطع فيديو، ودعا عبد المقصود المصريين إلى التظاهر وquot;الاستعداد للشهادةquot;.

دعوة إلى الجهاد
وقال في كلمة مصورة بثت على مواقع الإنترنت، إن quot;الخروج غدًا يعد جهادًا في سبيل اللهquot;، معتبرًا أن quot;الموت فيه استشهاد في سبيل الله، خاصة أن اليوم يوافق الأول من ذي الحجة، وهو من الأشهر المباركةquot;. وأضاف موجّهًا حديثه إلى المصريين المسلمين، قائلًا: quot;أخرج واحتشد، ولن يصيبك إلا ما قدر الله لك.. دافعوا عن حريتكم وشريعتكم وإرادتكم.. أنتم تعرفون ما الذي ينتظرنا في حال فشلت الثورة المباركةquot;.

وبدأ أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي فعالياتهم الاحتجاجية، التي تهدف إلى الوصول إلى ميداني التحرير ورابعة العدوية والتظاهر والاعتصام فيهما، حتى إسقاط ما يصفونه بـquot;الإنقلاب العسكري الدمويquot;. وانطلق العديد من المسيرات من ميادين عدة في القاهرة باتجاه ميدان التحرير، منها مسيرة تضم الآلاف من الأشخاص، انطلقت من مسجد المحروسة في شارع أحمد عرابي في حي المهندسين الراقيquot;، وأحرق المتظاهرون صورًا للسيسي والرئيس الأميركي باراك أوباما، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، وأطلقوا الألعاب النارية في الهواء.

طوارئ أمنية
وقال مصدر أمني لـquot;إيلافquot;، إن وزارة الداخلية أعلنت حالة الطوارئ في صفوف جهاز الشرطة منذ الجمعة الماضي وحتى يوم الاثنين المقبل، مشيرًا إلى أن جميع ميادين القاهرة، لاسيما التحرير ورابعة العدوية ونهضة مصر والجيزة وجامعة القاهرة ومصطفى محمود، تحت الحراسة الأمنية المشددة من الشرطة، مشيرًا إلى أن الشرطة استعانت ببوابات إلكترونية للكشف عن الأسلحة والمتفجرات في ميدان التحرير، باعتباره رمز الثورة ورمز التحرير، وسوف يحتفل فيه المصريون بانتصارات أكتوبر، مشيرًا إلى أن ميادين رابعة العدوية ونهضة مصر والجيزة وجامعة القاهرة ومصطفى محمود مغلقة تمامًا أمام حركة المرور، ولا يسمح بالتظاهر فيها.

ولفت المصدر إلى أن قصر الاتحادية ومحيطه ووزارة الدفاع في حماية قوات الجيش والحرس الجمهوري، بينما تقوم الشرطة بعملية تأمين الشوارع المؤدية إليها، استعدادًا لإجهاض مخططات جماعة الإخوان الهادفة إلى إفساد فرحة المصريين بانتصارات أكتوبر والتظاهر في تلك الميادين وإحداث أعمال عنف وشغب واسعة النطاق، بهدف جرّ البلاد إلى مستنقع الحرب الأهلية وتعطيل خارطة المستقبل التي وضعتها القوات المسلحة وتشرف على تنفيذها.