أبدى 55% من المشاركين في استطلاع إيلاف الأسبوعي قلقهم من أن يشكل الاتفاق النووي مع إيران عامل تهديد للمنطقة، فيما اعتقد 40% أن الاتفاق سيجلب السلام.


طغى الاتفاق الذي وصف بـ (التاريخي) بين إيران والدول الكبرى (5+1) على مجمل التقارير السياسية والاعلامية في العالم، وتحديدًا الشرق الاوسط.واعتبرت الأوساط الغربية أن الاتفاق الموقع في جنيف يوم 24 نوفمبر/ تشرين الثاني خطوة اولى تجاه حل نزاع مضى عليه نحو عقد، وكان أثار المخاوف من حرب جديدة في الشرق الاوسط.

ويهدف الاتفاق الى وضع حد لأي انجازات أخرى في الحملة النووية لإيران، واتاحة وقت للمفاوضات بشأن تسوية نهائية ترمي الى التأكد من أن النشاط النووي لإيران سلمي تمامًا.وترفض ايران الشكوك القائلة أنها تسعى سرًّا لتطوير القدرة على انتاج اسلحة نووية، وتقول إنها تخصب اليورانيوم لأغراض الطاقة المدنية فقط.

لكن هل يشكل الاتفاق النووي تهديداً لدول المنطقة أم أنه يجلب السلام، كان سؤال استطلاع (إيلاف) للأسبوع الفائت، وقد أجاب على السؤال ما مجموعه 3295 قارئاً. وابدت الغالبية من القرّاء 1812 ما نسبته 55% تخوفها من أن يشكل الاتفاق النووي مع إيران عامل تهديد أمني إضافي لدول المنطقة، بينما رأى ما مجموعه 1483 قارئاً أي ما نسبته 45% عكس ذلك، وإنه سيجلب السلام.

طمأنة واشنطن

واشنطن، الحليفة الاستراتيجية لدول الخليج العربية سارعت لطمأنتها بالتأكيد أن الاتفاق مع ايران سيجلب السلام للمنطقة، مشيرة إلى أنه اتفاق مرحلي موقت بستة أشهر يجري بعدها تقييم جديد للموقف الإيراني.

ولم تتراجع الإدارة الأميركية عن خياراتها تجاه إيران ومن بينها الخيار العسكري إذا قامت ايران باختراق بنود الاتفاق علنًا أو سرًّا بالاستمرار في انجاز اسلحة دمار شامل.

من جهتها، سارعت إيران عبر وزير خارجيتها محمد جواد ظريف الذي يقوم بجولة خليجية راهنًا الى التأكيد على أن الاتفاق حول البرنامج النووي لبلاده يصب في صالح دول الخليج.

وقال ظريف الأحد بعد لقائه نظيره الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح إن quot;تسوية هذه المسألة (النووي الايراني) تصب في صالح جميع دول المنطقة، كما أنه لم يتم على حساب أي دولة في هذه المنطقةquot;.

وتابع ظريف quot;اطمئنكم أن هذا الاتفاق سيخدم الامن والاستقرار في المنطقةquot;.

ترحيب خليجي حذر

وكانت دول مجلس التعاون الخليجي رحبت في اجتماع مجلسها الوزاري في الكويت نهاية الأسبوع الماضي بالاتفاق الموقع بين ايران والقوى الكبرى، الا أن هذه الدول التي ترغب في اقامة علاقات حسن جوار مع ايران تبدي خشيتها من أن يشجع هذا الاتفاق طهران على تحقيق طموحاتها الاقليمية.

وكانت العلاقات بين ايران وجيرانها الخليجيين الذين يدعمون المعارضة السورية تدهورت أكثر وبشدة، بسبب الدعم الذي تقدمه طهران لنظام الرئيس السوري بشار الاسد.

ورغم الترحيب (البروتوكولي) من الدول الخليجية بإتفاق جنيف الا أنه كان ترحيبًا مشوباً بالكثير من الحذر، ويعد الموقف السعودي الأكثر وضوحًا في هذا الصدد، فقد رأت الرياض أن quot;الاتفاق النووي بين القوى الدولية وإيران يمكن أن يشكل خطوة باتجاه حل شامل إذا صدقت النواياquot;.

وهكذا يبدو، حسب مراقبين، أن ثمة ارتباطًا بين الموقف السعودي والسوابق التاريخية مع إيران وميراث عدم الثقة بين الطرفين، فالمملكة السعودية تصنف إيران كتهديد خارجي لها، فضلاً عن كونها تهديدًا داخليًّا.

الخيار العسكري

ويقول المحلل السياسي المصري محمد بسيوني عبدالحليم في رؤيته للاتفاق: ثمة تكاليف باهظة لإتفاق جنيف ستدفعها منطقة الشرق الأوسط في صورة المزيد من الأزمات، وتوسيع دوائر الصراع بالمنطقة، ويبدو أن هذه الفرضية قادرة على إعطاء تفسير ولو جزئياً للتخوفات المنتشرة في الوقت الراهن بالمنطقة من هذا الاتفاق، فكثيرًا ما كانت إيران تشكل طرفًا في صراعات عدة، وهي دولة لها طموحات تتجاوز حدودها، وتمتلك مقومات نفوذ وتأثير عديدة، وقد يدفع الاتفاق النووي نحو تعزيز الطموحات الإيرانية بصورة تنعكس على ترتيبات الأوضاع بالإقليم في المجمل، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى بعض التداعيات المحتملة لاتفاق جنيف.

ويضيف بسيوني: ظل الخيار العسكري أحد الخيارات الأساسية المطروحة في الصراعات القائمة بالمنطقة، وقد حاولت بعض الدول بالمنطقة استدعاء هذا الخيار في التعامل مع الملف الإيراني، ومن ثمّ فإن اتفاق جنيف بين القوى الدولية وإيران يعني تراجع احتمالية اللجوء للحل العسكري، ولو بشكل موقت (على أقل تقدير لمدة ستة أشهر) ضد إيران وحتى إسرائيل، فمن المستبعد أن تُقدم على القيام بهذا الأمر بصورة منفردة.

ويختم بسيوني في هذا الاتجاه قائلاً: تنطوي فرضية تراجع أولوية الحلول العسكرية على جانبين، أحدهما إيجابي للدول العربية (وبصورة أدق دول الخليج)، والآخر سلبي. الجانب الإيجابي يفترض أن تراجع احتمالية التعامل العسكري ضد إيران سيؤدي إلى تجنيب دول الخليج حربًا إقليمية تمتد إلى حدودها بصورة حتمية، ففي الوقت الذي كانت ستتعرض فيه إيران لضربة عسكرية لم يكن من المستبعد أن توجه ضربات انتقامية لأهداف وحلفاء للغرب بالخليج.