في ما يبدو توددًا إيرانيًا للسعودية، قال وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، الجوال في الخليج، إنه مستعد لزيارة السعودية لأهميتها البالغة في المنطقة، والمسألة ليست سوى تحديد موعد مناسب.


الرياض: بعد انبلاج الفجر وانتشار خبر توصل إيران والعالم إلى اتفاق مرحلي حول برنامجها النووي، رحّبت معظم دول الخليج بالاتفاق، إلا السعودية التي رأت فيه خطوة ممكنة إن صفت النيات. والسعودية هنا لا تشير إلى نيات إيران وحدها، بل إلى نيات الولايات المتحدة إيضًا، بعدما رمت إدارتها بالكذب، وبالاتصال مع الإيرانيين سرًا وإخفاء الأمر عن حليف استراتيجي كالسعودية.

مسألة موعد

إزاء هذا التوتر الذي أبدته المملكة، دعت إيران القيادة السعودية اليوم إلى التعاون لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة، وشددت على أهمية المملكة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، وذلك بالتزامن مع وصول وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف إلى العاصمة القطرية الدوحة، في اطار جولته الخليجية.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ظريف في العاصمة العمانية مسقط، قبل توجهه إلى الدوحة: quot;نعتقد أن على إيران والسعودية العمل معًا من اجل السلام والاستقرار في المنطقةquot;، مجددًا تأكيد رغبته في زيارة السعودية.

وأضاف ظريف: quot;انا مستعد لزيارة السعودية، واعتقد أن علاقاتنا مع السعودية يجب أن تتوسع، إذ نرى أن السعودية بلد يتمتع بأهمية بالغة في المنطقة وفي العالم الاسلاميquot;، موضحًا أن زيارته للسعودية مرتبطة فقط بترتيب موعد مناسب، وأنه سيزور الامارات قريبًا، بعد زيارة وزير الخارجية الاماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان الخميس إلى طهران.

حفيظة وخوف

وكان ظريف عبّر للسلطان قابوس بن سعيد، سلطان عُمان، عن تقدير القيادة الإيرانية للدور المحوري الذي لعبته السلطنة في تسهيل محادثات جنيف، مؤكدًا بذلك استضافة سلطنة عُمان خلال الاشهر الماضية مفاوضات سرية بين ايران والولايات المتحدة، ساهمت في التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي الايراني بين ايران وقوى (5+1) في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

وهذا الأمر اثار حفيظة السعودية من شعور تولد لديها بأن الولايات المتحدة خذلتها، وهي الحليف الاستراتيجي الأكبر للإدارة الأميركية في المنطقة، وقلقها من أن يؤدي الاتفاق النووي إلى تخفيف الضغط السياسي والاقتصادي عن كاهل طهران، وإلى إطلاق يدها في المنطقة، ما يفسح لها المزيد من المجال لإلحاق الضرر بمصالح السعودية، خصوصًا أن الدولتين تقفان على خطوط تماس عددية في المنطقة، في سوريا ولبنان والعراق والبحرين واليمن، وحتى في السعودية نفسها، التي تخشى أن يوهم هذا الاتفاق إيران بأنها قادرة على توسل الوجود الشيعي في بعض مناطق المملكة للنيل من استقرارها.

لا حسن جوار

على الضفاف الخليجية الأخرى، يبدو أن المياه تعود إلى مجاريها بين دول الخليج وإيران. فقد أجرى وزير الخارجية الإيراني محادثات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تناولت سبل تنمية العلاقات الثنائية بين البلدين، وطرق معالجة القضايا ذات الاهتمام المشترك. وهذه كانت نقاط البحث أيضًا بين ظريف ووزير الخارجية القطري خالد العطية.

وفي الكويت التي زارها الأحد، طمأن ظريف دول الخليج من ناحية اتفاق جنيف بين ايران ومجموعة الدول الست. وقال بعد لقائه نظيره الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح: quot;تسوية الملف النووي الايراني تصب في صالح جميع دول المنطقة، فهو لم يتم على حساب أي دولة في هذه المنطقة، واطمئنكم إلى أنه يخدم الامن والاستقرار في المنطقةquot;.

وعلى الرغم من الترحيب الخليجي بالاتفاق، تبدو دول مجلس التعاون الخليجي غير راغبة في تعزيز علاقات حسن جوار مع ايران، خشية من أن يشجع اتفاق جنيف النظام في طهران على تحقيق طموحاته الاقليمية.