رفض المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي عروض التفاوض المقدمة من الولايات المتحدة، ربما يحمل بين طياته قبولا مبطنا لكن بشروط سابقة تعود إلى فتوى أصدرها خامنئي نفسه في الماضي.


يبدو أن المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، قد تعرضت لانتكاسة كبرى يوم أمس، بعدما رفض المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي عرضاً قدمه نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن بخصوص إجراء محادثات مباشرة في ما يتعلق بملف طهران النووي خلال الفترة المقبلة.
وقال خامنئي في بيان نشره على موقعه الإلكتروني quot; يحب بعض السُذَّج فكرة التفاوض مع أميركا، ومع هذا، لن تحل المفاوضات المشكلة. فأنت توجه بندقية صوب إيران وتقول إنك تريد إجراء محادثات. والدولة الإيرانية لن تخاف من التهديداتquot;.
لكن يمكن النظر أيضاً إلى بيان علي خامنئي باعتباره دعوة لإجراء مفاوضات حقيقية، بعيداً عن تلك التي يمكن إجراؤها في ظلال عقوبات قاسية على نحو متزايد وتراعي بصورة جدية حقوق ومصالح الجمهورية الإسلامية طالما كانت مشروعة وقانونية.
ورغم ظهور مجموعة من المؤشرات المشجعة خلال الآونة الأخيرة، مثل ترشيح باراك أوباما لجون كيري وتشاك هاغيل لمناصب بارزة في الإدارة الأميركية، إلا أن المواجهة النووية لا تزال في أزمة بشأن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وهو ما جعل هناك حاجة لتحقيق نجاح كبير، وان هذا النجاح في المتناول، رغم أن ذلك يتطلب النظر لما هو أبعد من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، والنظر إلى فتوى سبق أن أصدرها خامنئي عام 2003 تحظر الأسلحة النووية وباقي أسلحة الدمار الشامل.
ولفتت في هذا الصدد مجلة فورين بوليسي الأميركية إلى أن الورطة الدبلوماسية الحالية هي في الأساس نتاج مطالب لا تقبل المساومة. فقد أوضحت إيران أن حل المعضلة النووية سيتطلب اعترافا دوليا بحق البلاد الشرعي في التخصيب بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والقيام في الوقت عينه برفع العقوبات المفروضة عليها.
وفي غضون ذلك أوضحت مجموعة 5 + 1 خمسة مطالب رئيسة بناءً على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية: وهي تنفيذ ما يسمى بالبروتوكول الإضافي الذي يضمن عمليات تفتيش تطفلية من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكذلك جعل البرنامج النووي أكثر شفافية والسماح للوكالة الدولية بعيداً عن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وبروتوكولها الإضافي بالتعامل مع المخاوف المتعلقة بالأبعاد العسكرية المحتملة لنشاطات البلاد النووية وتقليل تخصيب اليورانيوم حتى نسبة 20 % وأخيرا التحول إلى قضبان الوقود أو تصدير جميع مخزونات اليورانيوم المخصب.
وهي المطالب التي تتجاوز حدود معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي تسمح للدول الأعضاء بالتخصيب لأي مستوى ولا تضع حدوداً بشأن تخزين اليورانيوم المخصب.
أما البروتوكول الإضافي، فهو إجراء تطوعي ينتظر أن تتم الموافقة عليه من جانب 70 دولة. وبمعنى آخر، تعتبر عمليات التفتيش المطلوبة من إيران ذات طبيعة تطفلية للغاية، وأنه لذلك لا توجد حالياً معاهدة حظر انتشار نووي أو آلية تقوم بتغطيتها.
ورغم إشارة وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، إلى البروتوكول الإضافي بشكل مباشر باعتباره جزءًا من عرض للاعتراف بمخاوف الغرب ومحاولة تخفيفها باستخدام كافة السبل الممكنة المتاحة، إلا أنه ما يزال هناك أمران مثيران للتخوفات هما : أن مجموعة 5 + 1 قد لا يكون لديها الرغبة السياسية لإتمام صفقة مع إيران. وانه من غير الواضح ما إن كانت هناك إمكانية لإتمام مثل هذا الاتفاق من جانب الإيرانيين.
وأعقبت المجلة بقولها إن صالحي أعلن العام الماضي عن مقترح جديد وهام بناءً على فتوى خامنئي التي تحظر الأسلحة النووية. حيث أوضح صالحي أن بلاده مستعدة لترجمة الفتوى لوثيقة علمانية تلزم الحكومة بتلك الفتوى وتحولها إلى وثيقة رسمية ملزمة من الناحية القانونية في الأمم المتحدة. ونوهت المجلة أيضاً بأن مقترح صالح يُشكِّل إطار عمل شرعي لضمان تعهدات إيران بعيداً عن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وينبغي استكشافه بصورة جدية كوسيلة من وسائل كسر الجمود.
وعلى عكس معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، فإن الفتوى تحظى بحدود نهائية وتقدم لكلا الطرفين طريقة مقبولة سياسياً للابتعاد عن المطالب غير الواقعية. وشددت المجلة كذلك على ضرورة عدم الاستهانة بصحة الفتوى، وأنه وبالنظر إليها باعتبارها إطار عمل محتمل للمحادثات المستقبلية، ربما يتم التوصل إلى اتفاق، رغم أن ذلك الأمر سيتطلب تقديم الولايات المتحدة لمجموعة حوافز أكثر جدية.