قضى قرار النظام السوري بإعادة رسم خريطة المحافظات، بإضافة ثلاث جديدة، وذلك بحسب مناطق النفوذ التي يتقاسمها مع المعارضة، وهو قرار فرضته التطورات الميدانية وتقدم الجيش الحر في مناطق عديدة.


بيروت: تحظى الأزمة السورية بمتابعة لصيقة، منذ لحظة اندلاعها، إذ رأى المراقبون الاستراتيجيون فيها مدخلًا لتغييرات إقليمية ودولية مختلفة، خصوصًا أنهم قادرون على استطلاع مسار التطورات الجديدة في العلاقات الدولية الحالية من خلال التطورات السياسية والميدانية السورية، في مرحلة يسمونها بنهاية عصر القطب الواحد والعودة إلى عصر التوازن الدولي، سواء في نطاق ثنائية قطبية أو تعدد أقطاب.

ورأى المحللون أن المعركة في سوريا ستعيد رسم خريطة الشرق الأوسط السياسية وحتى الجغرافية، إن استمرت وتحولت إلى حرب أهلية حقيقية، يتعذر فيها الفوز لأي طرف من الأطراف المتحاربة.

قرار مفاجئ

لكن المفاجئ، أو لنقل غير المنتظر، كان إعلان النظام السوري خطة جديدة لإعادة رسم الخريطة السورية اليوم، من خلال قرار جمهوري سوري يقضي بإعادة ترسيم المحافظات السورية الأربع عشرة، وتقسيمها من جديد، على قاعدة السلطة الشرعية، أي قاعدة المناطق السورية التي لا تزال تحت سيطرة النظام، خصوصًا في حلب وحمص والحسكة ودمشق، مع إضافة ثلاث محافظات جديدة، ستُقام في القامشلي بعد فصلها عن الحسكة، وفي ريف حلب بعد فصله عن مركز المدينة، وفي تدمر وستسمى محافظة البادية.

ولا بد أن هذا القرار المفاجئ أملته التطورات الميدانية المتسارعة في أنحاء عديدة من سوريا، مع التقدم النوعي المتسارع لمجموعات الجيش السوري الحر.

فقد اضطر النظام السوري إلى ترتيب مناطقه ليحسن إدارتها والدفاع عنها، أو الحفاظ عليها تحت نفوذه، خصوصًا بعدما فشل في كل محاولاته الرامية إلى استعادة مناطق واسعة ومطارات استراتيجية وقواعد عسكرية حصينة، هاجمها الجيش الحر وتمكن من السيطرة عليها خلال الأيام الماضية.

تعزيز السيطرة

وترد مصادر في المعارضة السورية هذه الخطوة إلى انتهاج القيادة السورية التابعة للأسد سياسة جديدة، تركز جهودها على تعزيز سيطرتها إداريًا واقتصاديًا وعسكريًا على المناطق الخاضعة لجيشها، وتحديدًا دمشق.

كما قالت هذه المصادر إن المحافظات الثلاث الجديدة تهدف إلى تعزيز سيطرة النظام على المناطق التي لا تزال تحت سيطرته في حلب وحمص والحسكة، التي تم فصل القامشلي ذات الاكثرية الكردية عنها. أما ريف حلب، فيخضع بغالبيته للمعارضة المسلحة، وتقع اشتباكات يومية في قلب المدينة، حيث تتقاسم المعارضة والنظام السيطرة عليه.

وأكدت هذه المصادر أن لهذا الاجراء بعدًا اقتصاديًا، إذ يرمي إلى التزام النظام بدفع رواتب الموظفين السوريين في المحافظات التي يسيطر عليها فقط، لا غير، وإلى تخليه مستقبلًا عن مناطق يئس من استعادتها من يد المعارضة. ورأت المصادر أن في ذلك نية مبيتة لتقسيم سوريا، وكأن النظام يسبق المعارضة إلى تكوين مناطق عازلة له، ليحتمي بها.