على أهبة الاستعداد يعيش سكان السعودية انتظاراً لموجة غير مسبوقة من الأمطار والتقلبات الجوية التي توقعتها مراصد عالمية وبعض الخبراء، فيما بدأت الجهات المختصة التأهب للتعامل مع الحالة التي أطلق عليها الخبراء اسم quot;البيضاءquot;.

الرياض: يتأهب السعوديون لمعايشة أجواء غير مسبوقة من الأمطار التي قد تنتج عنها سيول في بعض المناطق، كما أنبأ مختصون في المناخ والطقس، فيما جرى تشكيل غرف طوارئ ولجان مشتركة للتعامل مع تقلبات الطقس، التي ترافق حالة quot;البيضاءquot; المطرية، كما أطلق عليها المختصون.

وطبقاً لمعظم المراصد العالمية فإن الأمطار المُتوقع هطولها على السعودية في الأيام القليلة القادمة تفوق المعدل السنوي، وقد تبدأ اعتباراً من مساء اليوم حتى نهاية الأسبوع المقبل.

وأشارت التوقعات الأميركية الصادرة من مركز NOAA لتحليل المُناخ العالمي والتنبؤات الجوية قصيرة المدى، إلى تعرض معظم مناطق السعودية إلى تقلبات جوية عنيفة نسبياً، يرافقها هطول أمطار غزيرة جداً، قد يستمر للأسبوع الأول من شهر مايو/أيار، بحسب آخر نشرة صادرة من الموقع الأميركي.

وكانت الرئاسة العامة للأرصاد ومصلحة البيئة في السعودية توقعت أن تتأثر أجواء المملكة من اليوم وحتى الأربعاء المقبل بتقلبات جوية، وهطول أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة، فضلاً عن تقلبات مناخية عديدة.

وينتظر أن تكون الأمطار متقطعة تخف ليلاً ثم تعاود الهطول بغزارة خلال ساعات النهار، بحسب ما نقلت صحيفة quot;الاقتصاديةquot;، وقدرت الكمية التي يتوقع هطولها في المنطقة الواقعة بين الرياض والباحة والطائف بـ 150 ملي تراكمي طوال فترة التقلبات.

ومن المرجح أن تشمل التقلبات العاصمة الرياض خاصةً خلال ساعات المساء على شكل أمطار خفيفة ومتوسطة ثم تزيد فرص هطولها نهار الجمعة في الرياض وجنوب المنطقة الشرقية وجنوب غرب السعودية، وتكون أكثر غزارة جنوبي الشرقية والرياض ناحية الخرج والدلم والحريق وحوطة بني تميم والأفلاج وما جاورها، وقد تطول الرياض والمحافظات الواقعة شمال وشمال غرب، وأشار المرصد البريطاني في خرائطه الأخيرة إلى دخول القصيم وحائل ضمن النطاق المطير بدءاً من الجمعة.

ويتوقع أن تشتد كثافة هذه الغيوم الركامية لتغطي أجزاء من المرتفعات الجنوبية الغربية والوسطى وجنوب مكة المكرمة لتتهيّأ بذلك فرص هطول الأمطار الغزيرة على أجزاء واسعة من تلك المناطق. كما تتفق معظم المراصد العالمية على أن الأمطار أشد قوة وأكثر اتساعًا بداية الأسبوع المقبل، إذ من المنتظر أن تطال القصيم والمدينة المنورة والحدود الشمالية، مع ملاحظة أن معظم المراصد العالمية تشير إلى أمطار تفوق المعدل السنوي في مثل هذه الفترة من العام في غرب وجنوب غرب الرياض، وما بين الباحة والطائف والرياض وعسير.

كما يتوقع أن تصحب هذه الأمطار رياح شديدة وتساقط كثيف للبرد، نظراً لضخامة السحب المتوقعة نهاية الأسبوع والأسبوع المقبل. وتأتي هذه الحالة نتيجة تدفق كتلة مدارية رطبة جداً رافقها تبريد علوي مناسب تنشأ عنه رياح صاعدة تسهم في تفجر كثيف للسحب الركامية الضخمة في كثير من مناطق السعودية.

وتعد هذه الوضعية المُناخية من الوضعيات التي كانت تعيشها السعودية خلال ربيع 1982 والأعوام بين 1981 حتى 1985، التي سال على إثرها العديد من الأودية الكبيرة، وشهدت فيها معظم مناطق السعودية كميات قياسية من الأمطار، وتسببت في حدوث بعض الأضرار خاصةً في القصيم والمدينة المنورة وجنوب غرب السعودية وجنوب حائل.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن بعض المختصين تأكيدهم توافر وتضافر عوامل جوية إيجابية تتمثل في كتل هوائية رطبة قادمة من بحر العرب، وانتقال الرطوبة الاستوائية التي تتمدد وتتوغل عبر منخفض السودان إلى داخل أجواء المملكة.

وأطلقت quot;لجنة تسمية الحالات المناخية المميزة بالمملكة العربية السعوديةquot; تسمية الحالة المطرية القادمة باسم quot;البيضاءquot; تفاؤلاً وتمييزاً لها عن غيرها، وهي من الأسماء المدرجة في جدول سابق ومعتمد من قِبل اللجنة، وذلك لسهولة الحديث عن الحالة حاضراً ومستقبلاً لدى المهتمين والمراقبين.

من جانبه، أكد فهد الجبير أمين المنطقة الشرقية، إنه تم إرسال رسائل نصية لجميع المسؤولين التنفيذيين ورؤساء البلديات تخطرهم بضرورة التواجد الميداني في حال حدوث أي كوارث أو حوادث ناتجة عن التغيّرات المناخية المتوقعة، من أجل العمل على تحريك وتوجيه الفرق الميدانية بما فيها المعدات الثقيلة التي تم تجهيزها في أطراف مدن ومحافظات المنطقة.

وأوضح أنه تم تجهيز غرفة طوارئ تضم جميع القطاعات الخدمية في المنطقة ممثلة في الدفاع المدني والمياه والشرطة إضافة إلى الأمانة للتواجد والتعامل مع أي تطورات قد تنتج عن هذه التقلبات المناخية، مشيرًا إلى أن هناك إدارة خاصة بمتابعة الجسور والأنفاق في المنطقة، للتحرك على وجه السرعة لتصريف أي تجمعات لمياه السيول والأمطار بواسطة مضخات المياه في حال حدث ذلك.

ووجه المهندس الجبير برفع درجة الاستعداد والتأهب والمتابعة للأوضاع لحظةً بلحظة، والتنسيق المباشر مع رؤساء لجان الدفاع المدني الذين يتابعون استعدادات تنفيذ الخطط الميدانية لمواجهة الطوارئ، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على تنبيه هيئة الأرصاد.

وبدوره، شدد سعيد فرحان الناطق الإعلامي لإدارة الدفاع المدني في مكة المكرمة، على أن الدفاع المدني استعد جيدًا للأمطار التي من المتوقع هطولها اليوم، مبينًا وجود خطط وفرق مساندة بجانب التواصل مع عدد من الأمانة والبلدية والصحة والكهرباء لتحديد مواقع الحدث وتوجيه الفرق إليها بحسب الحاجة، لافتًا إلى أن الدوائر تأتيها المعلومة من موقع الحدث فيتم توجيه الفرق القريبة من الموقع.

وأوضح أن إمارة مكة خصصت مركزًا للكوارث، ودربت فرقًا لهذه الأعمال، إضافة إلى عمل أكثر من 90 في المئة من أعمال الصرف الصحي في جدة، جميعها ستعمل إلى حد كبير على خفض أي كارثة متوقعة.

وبيّن فرحان وجود آلية مساندة توجه للجهات التي تحتاج إليها، حيث يكون التركيز على المناطق التي تتوقع لها الأرصاد بتوجيه فرق مساندة بحسب الحاجة، لافتًا إلى أن الدفاع المدني لديه آلية وشبكة تواصل مع عدد من الجهات الحكومية لتحديد مواقع الحدث وتوجيه فرقه والفرق الأخرى المعنية بحسب الحاجة.