يتخذ حزب الله تدابير استثنائية، تحسباً لعمليات انتقامية يشنها ثوار سوريا، ويتحدث كثيرون عن عمليات تفتيش مشددة في الضاحية الجنوبية لبيروت، كما ينفذ عناصره دوريات مراقبة في مناطق عديدة.

بيروت: لم تكن معركة القصير وحدها الدافع ليظهر حزب الله جزءاً من دولته على الأرض، فالخطاب الأخير لأمينه العام حسن نصر الله، الذي رسم فيه خطوط المواجهة مع من أسماهم تكفيريين رفع منسوب الخوف لدى الحزب ومناصريه من عمليات انتقامية فبادر إلى رفع التأهب في صفوف عناصره وشدد المعايير الأمنية في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي مناطق نفوذه جنوباً وشرقاً.
ويروي شهود عيان أن عناصر من الحزب عمدوا في اليومين الماضيين إلى تفتيش السيارات عند بعض نقاط في مناطق حارة حريك، بئر العبد الصفير، حي السلم في الضاحية الجنوبية. كما نفّذ عناصره تفتيشاً للعديد من أماكن سكن العمّال السوريين وورش البناء.
ووفق معلومات متقاطعة فإن مجموعات من حزب الله مشّطت التلال المشرفة على الضاحية في مناطق عرمون الضيعة وديرقوبل وعيتات وعيناب وشملان، إضافة إلى كفرشيما وبسابا للتأكد من خلوّها من تهديدات مشابهة للصواريخ التي استهدفت الضاحية قبل أسبوعين.

منطقة أمنية
تقول زينة س. التي تسكن في بئر العبد لـquot;إيلافquot; quot;إن عناصر الحزب يجوبون الشوارع بسيارات داكنة الزجاج لمراقبة المنطقة وجمع معلومات عن أي متغيّر في المحيط، لافتة إلى أن quot;العناصر الموجودين داخل السيارة لا يكلمون أي شخص وإذا لاحظوا شيئا يستدعي التدخل فهم يخاطبون فرقة أخرى تتولى معالجة ما يعتبر خللاًquot;.
وتتحدث أيضاً عن ما يمكن وصفه بـquot;عمليات دهم لبعض المنازل التي يستأجرها سوريون نازحون للبحث عن أشخاص يطلبهم الحزب لأسباب غير معروفة، ولاحظنا أن الباعة المتجولين السوريين غادروا الضاحية بشكل شبه تام بسبب المضايقات التي تعرضوا لها، وهذا أيضاً ينطبق على نواطير المباني (الحرّاس) السوريين الذيين غادروا طواعية أو بالإكراه ليحل محلهم حرّاس عراقيون شيعةquot;.

تربة خصبة
عن الأخطار القائمة التي تهدد أمن الضاحية الجنوبية يرى ناجي ملاعب العميد المتقاعد المحلل الاستراتيجي في مؤسسة إنيغما أن quot;الوضع الداخلي اللبناني أرض خصبة، إذا كانت هناك نية خارجية لاستغلاله، وهذا يتطور مع تطور تدخل حزب الله في سورياquot;.
ويشدد ملاعب في حديث لـquot;إيلافquot; على أن الاجراءات المتخذة في الضاحية ليست ظاهرة إلا حول المقرات الحزبية التي زاد فيها التفتيش وأصبح دخولها يتم ببطاقات خاصة، أما خارج هذه المقرات فلا إجراءات ظاهرة بل عيون للحزب منتشرة في كل مكان بشكل سري.

سيناريو مستبعد
لكنه لم يبد تخوفاً من تكرار أي أحداث شبيهة بما كان يحصل في العراق ويقول quot;لا يوجد هذا التخوف لاننا في لبنان شهدنا أزمات كثيرة ولا نرغب في أن نراها مرة أخرى، وقد دفعنا أغلى الأثمان نتيجتها والجيل الموجود يتلاقى مع بعضه البعض، حتى الفرقاء السياسيون لا يرغبون في أخذ الأمور إلى ما لا تحمد عقباهquot;.
ويتابع quot;أراهن على حكمة قيادة حزب الله لأن نصر الله يشدد على انه لن ينجر إلى الفتنة، وحتى الآن شاهدنا الكثير من الأشياء التي تستفز حزب الله ولم يُستفز، والآن أراهن على هذه الحكمة أكثر لان الوتيرة التي بدا فيها بعد القصير ليست تصاعدية وهذا الشيء يعني الكثير والحزب ليس راغباً في أن يكون مبرراً لعمليات داخل لبنانquot;.
ووفق ملاعب فإن quot;الواقع اللبناني مفتوح على جميع الإحتمالات، أما انتقال عناصر من سوريا إلى لبنان لتنفيذ عمليات انتقامية ليس وارداً وليس واقعياً بنسبة كبيرة لأن الجيش السوري الحر بالكاد يدافع عن نفسه في الداخل السوري لانهم لم يزودوا بأسلحة حديثة أو نوعية، وبالتالي ليس وارداً أن تنتقل المعارضة السورية المسلّحة إلى الهجوم خارج سوريا، ونستطيع القول إن ذلك وإن تم من طرف ما أو من طابور خامس، فإننا لن نصل إلى نتائج مأسوية، وستكون ردة الفعل مدروسة ومحسوبةquot;.

إنكفاء الحزب
لكن ملاعب يلفت إلى أن الحزب وبعد انتهاء موضوع القصير بدأ يلتقط أنفاسه لبنانياً ليتمكن من تجنب أي ردة فعل انتقامية وقال في حديث لـquot;إيلافquot; quot;نلاحظ أن حزب الله وعبر وسائل إعلامه خفف من استعمال تعابير التكفيريين وما إلى ذلك، وبدأ ينسب الفضل في ما تحقق في القصير للجيش السوري، بمعنى أنه غير مستعد لتحمل نتائج الحرب التي خاضها هناك ويحاول أن يرمي الممارسات التي جرت من تعامل مع الجرحى والقتل وتدمير المباني والمستشفيات على غيرهquot;.
ورأى أن الحزب ينكفئ quot;لأنه يعرف أن عدم التراجع الآن سيكلّفه كثيراً خصوصاً إذا قرر الانخراط أكثر في الأزمة السورية دفاعاً عن ظهر المقاومة الذي لا نعرف أين ينتهي وهذا يعرضه لأخطار كبيرةquot;.