تدل كل المؤشرات على أن إيران جادة فعلًا في إنقاذ النظام السوري ورئيسه بشار الأسد من شر التنحي أو السقوط. فحزب الله أعاد القصير، وهو يسعى الى تبييض وجه الأسد إعلاميًا من خلال قناة الضياء الجديدة، وأقنية فضائية أخرى.


بيروت: بعد تدخل حزب الله، بفتوى إيرانية صريحة، لإستعادة مدينة القصير السورية المحاذية للحدود مع لبنان، يستمر حزب الله في بذل كل الجهود اللازمة لتبييض صفحة الأسد من دماء نحو 90 ألفًا من السوريين، قتلوا بالقصف العشوائي والجوي، وصواريخ سكود وغاز سارين وتحت التعذيب في الأقبية والمعتقلات.

ومن هذه الجهود السعي الى تبييض وجه الأسد ونظامه إعلاميًا، بعدما قرر مجلس دول الجامعة العربية إغلاق جميع القنوات الفضائية التابعة للنظام السوري أو المؤيدة له، بعد مذابحه ضد شعبه.

فقد أفشى ابراهيم الدراوي، مدير مركز الدراسات الفلسطينية بالقاهرة، سرّ مجموعة من الشخصيات الاعلامية المصرية الموالية لنظام الأسد، التي قررت تأسيس قناه الضياء الفضائية (dtv) لتكون أحدث وسيلة لتبييض وجه النظام السوري، بحسب ما أكدته تقارير صحفية مصرية.

وبحسب الدراوي، يتولى الكاتب الصحافي احمد عز الدين، مسؤول العلاقات العربية في حزب الله، الاشراف على تدشين هذه القناة، وقنوات فضائية أخرى، مهمتها التحايل على قرار حظر بث القنوات الفضائية، ويعاونه في ذلك فريق من الصحافيين القوميين واليساريين والناصريين المصريين، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول موقف هؤلاء من نظام مستبد يقتل شعبه منذ أكثر من عامين.

حافة النصل

في سياق موازٍ، أفادت تقارير صحفية غربية بأن يوفال شتاينيتز، وزير الشؤون الدولية والاستراتيجية والمخابرات الاسرائيلي لا يستبعد أن تكون الغلبة في الصراع السوري من نصيب الأسد، بفضل الدعم الايراني ومساندة حزب الله.

وبالرغم من أن المسؤولين الاسرائيليين بادروا فورًا أمس الاثنين إلى التنصل من هذا الكلام، ووضعوه في خانة الرأي الشخصي. إلا أن المراقبين الغربيين يرون في هذا التصريح دليلًا على صعوبة التكهن الفعلي بمسار الأحداث المستقبلية في سوريا.

وكان شتاينيتز قال لصحافيين أجانب: quot;كنت افكر دائمًا في أن اليد العليا ربما تؤول في النهاية للاسد، بفضل الدعم القوي من ايران وحزب اللهquot;. وهكذا، تعرف إسرائيل أن الدعم الإيراني بسواعد حزب الله قد يعيد الأسد للحكم، على الرغم من أن المحللين الاسرائيليين أنفسهم يعتقدون بما لا يدع مجالًا للشك في أن الأسد لن يعود يومًا بالقوة التي كان عليها من قبل، ولن يستطيع إعادة سوريا إلى قبضته، لأن الحرب الأهلية السورية مستمرة، وهي تسير على خطر الحرب اللبنانية، التي دامت 15 عامًا، مع وجود مقبول للدولة، في خضم أمواج الكر والفر في الميدان.

إلا أن إسرائيل، كما يقول محللوها الاستراتيجيون، تعيش على حافة النصل. فالأسد هو رجلها في سوريا، لأنها لا تريد الوصول إلى لحظة بناء القاعدة دولة على حدودها. لكن في الوقت نفسه، لا تريد أن يعود الأسد الرجل القوي في سوريا بفضل حزب الله، فحينها وحدها إسرائيل ستدفع فاتورة هذه المساندة، حين تطلب إيران منسوريا تسليم حزب الله سلاحًا فتاكًا، أو ترك حبل حزب الله على غاربه في الجولان، ليشن عمليات مشابهة للتي كان يشنها في لبنان قبل العام 2000، أو قبيل حرب العام 2006.

لا غالب

وتراقب إسرائيل إيران في سوريا كما تراقب جبهة النصرة وتنظيم القاعدة. فالجانبان متخاصمان، لكن العداء لإسرائيل قاسم مشترك بينهما. من هنا، يرى مراقبون غربيون أن مصلحة إسرائيل، وخلفها الولايات المتحدة، أن تستمر الحرب السورية الضارية سنوات بعد، ليصاب الطرفان بالإنهاك، ما يمنعهما من توجيه أي ضربة مستقبلاً لإسرائيل.

من هنا، يبدو أن سقوط القصير، ومعاناة الثوار السوريين في أكثر من منطقة بسبب نقص السلاح والذخائر، قد يدفعان الإدارة الأميركية إلى تغيير مواقفها المعلنة سابقًا، والمبادرة إلى تقديم السلاح إلى مقاتلي الثورة السورية، فقط من أجل المحافظة على توازن للقوى، يمنع غلبة أي طرف على الآخر، وبالتالي يطيل أمد الحرب، ويعمق الجرح الطائفي في سوريا، ليسهل بعد ذلك تغليب منطق الحل الذي يؤاتي الاسرائيليين والعالم الغربي.

وبما أن إيران اليوم منهمكة في اختيار خليفة للرئيس محمود أحمدي نجاد، فمن الضروري أن يستعاد توازن القوى السوري، لأن المتوقع أن يصل إلى سدة الرئاسة الإيرانية رئيس من المتشددين، يستمر في مساندة الأسد، ليمنع خسارته، وليعيده قويًا إلى السلطة في سوريا.

وما يساهم في هذا التطور الأميركي الصراع القائم بين أجنحة في جبهة النصرة في سوريا، وانتشار رسالة من أيمن الظواهري يعلن فيها حل الدولة الاسلامية في العراق والشام، التي اعلنها ابو بكر البغدادي، زعيم تنظيم دولة العراق الاسلامية، في نيسان (أبريل) الماضي، ويفصل فيها تنظيمي القاعدة في البلدين، تاركًا لأبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة في سوريا، قياده الجبهة، وبقاء البغدادي اميرًا للتنظيم في العراق فقط. ولم تتأكد صحة الرسالة بعد، خصوصًا أن رسالة أخرى نفت صحة رسالة الظواهري.