دعا الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني إلى quot;التفاعل البنّاءquot; في السياسة الخارجية للبلاد، فيما يسعى في الوقت نفسه إلى التقرّب من وسائل الإعلام الحرة في محاولة لفرض نفسه كوسطي غير متشدد.


المحاولة الأحدث لتعزيز صورته الوسطية، كانت يوم السبت عندما تعهد روحاني بانتهاج quot;الاعتدالquot; في الشؤون الخارجية والداخلية في أول خطاب تلفزيوني له منذ فوزه في الانتخابات خلال هذا الشهر.

إصلاح سيادي
في خطاب استمر ساعة تقريبًا من مقر الإذاعة الحكومية، استخدم روحاني كلمة quot;معتدلquot; ومرادفاتها على الأقل 10 مرات، مما يشير إلى عزمه إصلاح علاقات إيران المتدهورة مع المجتمع الدولي، إنما عدم المساس باستقلال الجمهورية الإسلامية في الوقت عينه.

تماشيًا مع التعليقات السابقة منذ انتخابه، سعى روحاني إلى إرسال إشارات عن التفاؤل والتسامح، فقال: quot;الاعتدال في السياسة الخارجية يعني التفاعل البنّاء، وليس الخضوع أوالمواجهةquot;.

الرئيس الإيراني المعروف باسم quot;الشيخ الديبلوماسيquot; بسبب وضعه المزدوج بصفته رجل دين والمفاوض النووي الإيراني السابق، أشار إلى أن السياسة الخارجية لطهران ستتحوّل إلى مشاركة أكبر مع العالم الخارجي.
وقد تناقضت تصريحاته التصالحية مع أسلوب المواجهة الذي اعتمده الرئيس المنتهية ولايته لمرتين محمود أحمدي نجاد، الذي سيتنحّى عن منصبه في آب/أغسطس.

المحافظون معوق
مع ذلك، يتساءل بعض المحللين عما إذا سيكون روحاني قادرًا على إحداث الكثير من التغيير في مواجهة المقاومة المحتملة من المحافظين من الحرس القديم، وربما من الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي الذي له القول الفصل في المسائل الرئيسة للدولة.

وتخوفت صحيفة الـ quot;لوس انجلوس تايمزquot; من أن الرئيس روحاني يمكن أن يلاقي مصير الإصلاحي محمد خاتمي، الذي انتخب رئيسًا في عام 1997، إذ إن العناصر المتشددة أحبطت بانتظام أجندة خاتمي الإصلاحية خلال حكمه لمدة ثماني سنوات.

لم يقدم روحاني، الذي من المقرر أن يتولى مهامه في أوائل آب/أغسطس، أي إشارة مباشرة عن برنامج طهران النووي المثير للجدل، والذي يعتبر مصدرًا رئيسًا للتوتر مع واشنطن وحلفائها. ويشتبه مسؤولون أميركيون في أن إيران تسعى إلى صنع أسلحة نووية، في حين أن روحاني ومسؤولين إيرانيين آخرين يصرّون على أن البرنامج مخصص فقط للأغراض السلمية.

روحاني المرشح الوسطي الذي حصل على دعم من الكتلة الإصلاحية في إيران، كان الفائز غير المتوقع في الانتخابات الرئاسية في 14 حزيران/يونيو، متفوقًا على عدد من المتنافسين المحافظين.

نصرة للاعتدال
كان ينظر إلى التصويت على نطاق واسع على أنه رفض للسياسات المتشددة التي تركت إيران معزولة وتخضع لعقوبات اقتصادية دولية ترهق اقتصادها وترفع أسعارها، وتؤدي إلى تضاؤل فرص العمل،لا سيما وأن غالبية الشعب الإيراني من الشباب.

وتقف إيران بمثابة العدو اللدود لاثنين من الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة، أي إسرائيل والمملكة العربية السعودية، التي لا تريد لإيران أن تمتلك القدرة على إنتاج الأسلحة النووية. وقال البيت الأبيض إن أي خيار، بما في ذلك شن هجوم عسكري، هو على الطاولة لمنع إيران من الحصول على مثل هذه الأسلحة.

روحاني وصف إيران بأنها quot;أقوى دولة في المنطقةquot;، لكنه قال إن هذا الدور يتطلب منها توازنًا quot;بين الواقع والمثاليةquot;، رافضًا تصوير إيران على أنها دولة بوليسية، ودعا الصحافة في البلاد إلى أن تكون حرة ومتوازنة.

وقال: quot;في بلد تنبع فيه الشرعية من الشعب، ليس هناك خوف من وسائل الإعلام الحرةquot; قال روحاني، مضيفاً: quot;القمع أمر سيىء في بلادنا وفي بلاد الأعداء أيضاًquot;.

حصار الصحافة
وانتقدت جماعات المدافعينعن حقوق الإنسان وحرية الصحافة سياسات إيران لوقت طويل على خلفية اعتقال المعارضين وتضييق الخناق على وسائل الإعلام، واعتقال الصحافيين وإغلاق الصحف المعارضة ومواقع الانترنت.

وحده الوقت سيكشف ما إذا كانت الوعود التي يطلقها روحاني ستتحوّل إلى حقيقة، وما إذا ستتخلى إيران عن ممارساتها القمعية. الوصول إلى هذه المرحلة يتطلب من الرئيس الإيراني الجديد المشي بين النقاط وسط العديد من الكتل في إيران، بما في ذلك القيادة الدينية المحافظة وفيلق الحرس الثوري.

في قضية داخلية حساسة، ألمح الرئيس المنتخب إلى نهج أكثر ليونة من قبل ما يسمى بـ quot;شرطة الآدابquot; في البلاد التي عادة ما تقوم بإقفال المقاهي الشعبية وتضييق الخناق على سلوكيات يعتبرها البعض غير إسلامية، مثل الاختلاط بين الجنسين خارج إطار الزواج.

وقال روحاني quot;الناس يتبعون المبادئ الأخلاقية من قبل أنفسهم ويهتمون بها. لكن إذا نسوا، ينبغي أن نذكرهم بطريقة ودية. الإهانة غير مقبولةquot;.