في بعض الدول الإسلامية جرت العادة على تحري الهلال، وفي السعودية، تحديداً ترد شهادة الشاهد إذا كانت رؤية الهلال مستحيلة فلكياً ولكنها تقبلها حتى لو كانت غير ممكنة، وبين هذا وذاك يترقب الجميع هلال رمضان.

الرياض: تنتظر الدول العربية والإسلامية اليومين المقبلين إختلافات جمّة، ستنعكس على مواطنيها بنظرة عدم التوافق في صيام شهر رمضان كما هو الحال كل عام، يأتي ذلك من خلال اختلاف الأنظمة التي جرت عليها العادة وأقرتها الشرائع في جميع الدول العربية والإسلامية، إذ تعتمد جلّها على تحرّي رؤية الهلال بـquot;العين المجرّدةquot; وإثباته بشهادة الشهود، وتعتمد دول أخرى على التقنية الحديثة في علم الفلك وذلك باستخدام جهاز quot;التلسكوبquot; والعدّ الزمني لمجريات الهلال وبين هذا وذاك لا تزال الدول الإسلامية تختلف في إقرار دخول رمضان.
في بعض الدول الإسلامية جرت العادة على أن تدعو مواطنيها لتحري الهلال، فإذا جاء من يشهد برؤية الهلال قبلت شهادته حتى لو دلت الحسابات الفلكية على أن رؤية الهلال مستحيلة أو غير ممكنة. وفي السعودية تحديداً ترد شهادة الشاهد إذا كانت رؤية الهلال مستحيلة فلكياً ولكنها تقبلها حتى لو كانت غير ممكنة، وذلك بحسب نظام الدولة الذي تسير عليه في تحري رؤية هلال الأشهر الهجرية والذي بدأت بتطبيقه منذ عام 1419هـ.
وأوضحأحد الباحثين العرب في تقرير حول تحري رؤية الهلال في الدول الإسلامية أن الدولة العربية الوحيدة التي تتحرى الهلال كل شهر (وليس فقط رمضان وشوال) بشكل رسمي وتعلن نتائج التحري رسميا وبشكل فوري عبر وسائل الإعلام هي المملكة المغربية، فهي بحسب تقريره quot; تتحرى الهلال من حوالى 270 موقعا موزعا على مختلف أنحاء المملكة المغربية، وتشارك القوات المسلحة بعملية التحري أيضاquot;، وصنّفها في تقريره بأنها أفضل دولة عربية في تحديد بدايات الأشهر الهجرية، يليها في ذلك نظام التحري في سلطنة عمان.
واستمراراً لأوجه الاختلاف بين الدول العربية والإسلامية في إقرار هلال شهر رمضان، لا تعتمد دولة ليبيا بحسب أنظمتها رؤية الهلال، بل تعتمد شروطا فلكية معينة، حيث تعلن رسميا أنها لا تعتمد رؤية الهلال، بل يبدأ الشهر الهجري في ليبيا إذا حدث الاقتران قبل الفجر، وفي العديد من الدول الإسلامية والأردن تحديداً يؤخذ بمبدأ اتحاد المطالع، فإذا علمت أن إحدى الدول قد أعلنت ثبوت رؤية الهلال فإنها تتبعها فورا حتى دون التأكد من صحة رؤية الهلال، وفي جمهورية جنوب أفريقيا يتم تحري رؤية الهلال بشكل جماعي يشارك فيه ما يقارب 3000 شخص.
ومن خلال مطالبات عدّة للخروج من مأزق الاختلافات أبدت العديد من الآراء أملها في أن تكون عملية تحري الهلال عملية رسمية جماعية في جميع الدول الإسلامية، وذلك في مناطق مختلفة تتّفق مع الفلك في تحري الهلال، وتدعو المواطنين الراغبين بتحري الهلال بالتوجه إلى هذه المناطق، على أن يوجد في كل منطقة شخص ذو دراية بتحري الأهلة، وهو ما يجعل من المستحيلات أن يتوهم جميع الأشخاص الموجودين في مكان التحري رؤية الهلال، خاصة مع وجود شخص ذي دراية بتحري الأهلة.
يُذكر أن بعض الفقهاء قد أجاز اعتماد الحساب الفلكي في النفي والإثبات، إذ إنه إذا دلت الحسابات الفلكية على وجود القمر بعد غروب الشمس بوضع يسمح برؤيته كهلال، فإنه يؤخذ بالحسابات الفلكية، ويكون اليوم التالي أول أيام الشهر الهجري دون اشتراط رؤيته بالعين المجردة، ومن أشهر القائلين بهذا الرأي قديما مُطرِّف بن عبد الله من كبار التابعين، وأبو العباس بن سريج من كبار الشافعية في القرن الثالث الهجري، وابن قتيبة الدينوري.
ومن أشهر من قال به في العصر الحاضر الشيخ أحمد شاكر، ومصطفى الزرقا، ويوسف القرضاوي (القضاة 1999)، أمّا الفريق الآخر من الفقهاء فلم يُجز استخدام الحساب الفلكي لا في النفي ولا في الإثبات، فإذا ما جاء من يشهد برؤية الهلال قبلت شهادته، حتى إذا وجدت حسابات فلكية تدل على أن القمر لم يكن موجودا في السماء في ذلك الوقت، ومن القائلين بهذا الرأي الشيخ ابن باز، وقد يكون ذلك لاعتقاد أصحاب هذا الرأي أن الحسابات الفلكية غير دقيقة أو غير قطعية.
وفي آخر مستجدات التقارير حول دخول شهر رمضان لهذا العام في السعودية، أكّد الدكتور خالد الزعاق - الباحث الفلكي - أن جميع المعطيات والدلائل تتوقع أن يكون يوم الثلاثاء القادم غرة شهر رمضان المبارك حيث يقترن هلاله بالشمس صباح يوم الاثنين 29/8/1434هـ وذلك في تمام الساعة 10 والدقيقة 14.
وقال الزعاق: quot;يغرب القمر مساء الإثنين قبيل مغيب الشمس على قارة آسيا والخليج العربي والمنطقة الشرقية والوسطى في السعودية، مشيرا إلى أن له مكثا ضئيلا جدا على المنطقة الغربية والشمال الغربي من المملكة مبينا أن جنوب مغيب الشمس ونسبة الإضاءة على وجهته 0,27% وفي مساء الثلاثاء يمكث الهلال 35 دقيقة ومشاهدته صعبة للغاية لضآلة مكثه ونسبة إضاءته المتدنيةquot;.
وأوضح الزعاق أن هناك واقعا علميا وواقعا معاشا والتقاويم الفلكية زاوجت بين هذا وذاك لتخفيف الخلاف الزمني بين الأقطار الإسلامية فإذا تحققت أركان الرؤية فإن التقاويم تدخل الشهر وهذه الأركان هي ولادة الهلال قبل مغيب شمس الإثنين.