قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، عشية بداية جلسات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، إن القاسم المشترك بين كل الضحايا انتماؤهم إلى فريق واحد، وإن العدالة ليست تشفّيًا بل للحدّ من القتل، طالبًا تأليف حكومة لا تناقضات فيها.


بيروت: خلال لقاء بعنوان quot;زمن العدالةquot;، نظمه حزب القوات اللبنانية في منزل رئيسه سمير جعجع في معراب، تناول جعجع مسألة العدالة المنتظرة، عشية بداية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان جلساتها.

فتوجه أولًا إلى آخر ضحية للاغتيالات، الوزير السابق محمد شطح، قائلًا: quot;قتلوك ليس لأنك كنت متحصنًا في القصير أو جبال القلمون أو في حلب، ولا لأنك تُشكّل خطرًا تكفيريًا على لبنان، ولا لأنك تُجنّد انتحاريين، قتلوك لأنهم لا يريدون احدًا يلتزم الدستور ومفاهيم الحرية والمساواة والديمقراطية والتعددية، وإنما يريدون الجميع قادة محاور، أو آمري سرايا مسلّحة، او زعماء ازقّةٍ، قتلوك لأنهم لا يريدون لبنان صورةً على مثالك في الإعتدال والتسامح والتنوّر، وإنما صورةً على مثال شاكر العبسي يرتاحون اليها وتُبرر لهم وجودهمquot;.

قاسم مشترك

أضاف جعجع: quot;اليوم محمد شطح، لكن قبله كان هاشم السلمان، ووسام الحسن، ومحاولة اغتيال بطرس حرب، ومحاولة اغتيال سمير جعجع، واغتيال وسام عيد وانطوان غانم ووليد عيدو، وبيار الجميّل، ومحاولة اغتيال المقدم سمير شحادة، واغتيال جبران تويني، ومحاولة اغتيال مي شدياق والياس المر، واغتيال جورج حاوي، وسمير قصير، وباسل فليحان، ورفيق الحريري، ومحاولة اغتيال مروان حمادة، اليوم كان السني، ولكن قبله كان مسيحيون وشيعة ودروز وسنّة آخرون، وصحيح أن مسلسل الإغتيالات طاول شخصيات من مشارب سياسية ودينية وثقافية متعددة، ومن مواقع اجتماعية محتلفة، لكن قاسمًا مشتركًا واحدًا يربط بينها، وهو إيمانها بثورة الأرز، والتزامها قيام دولةٍ فعليةٍ في لبنانquot;.

خط بياني واحد

ولفت جعجع إلى أن الجهة التي تقوم بالإغتيالات نوّعت في أساليب إجرامها، من انفجاراتٍ ضخمة على الطرقات، إلى عبوات تحت السيارات، إلى حقائب متفجرة في الأحياء، إلى كواتم للصوت، إلى رصاصات قنص وعبوات في المصاعد، quot;إلا أن خطًا بيانيًا واحدًا يربط بين كل هذه العمليات، هو استهدافها جهةً سياسيةً واحدة هي ثورة الأرز، ومشروعًا سياسيًا واحدًا هو قيام دولة فعلية في لبنانquot;. ولذلك، طالب جعجع بضمّ جميع ملفات الاغتيالات التي وقعت من العام 2005 وحتى الساعة إلى ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري في المحكمة الدولية، نظرًا لتلازمها.

لا ثأرًا ولا تشفيًا

وعلى أبواب المحكمة الدولية، قال جعجع: quot;أتى زمن العدالة، أتى زمن الحقيقة في لبنان، لأجل لبنان. انها المرّة الأولى في تاريخ الإغتيالات السياسية على أرض لبنان التي نشعر فيها كلبنانيين بوجود إرادةٍ فعليةٍ، وإمكانية جدية لتحقيق العدالة. إن إمكانية تحقيق عدالةٍ ما في لبنان، لم تكن لتوجد لولا نزول اللبنانيين إلى ساحة الحرية في 14 آذار، ولولا صمودهم البطولي بوجه آلة القتل التي، كلما استطاعت، نالت من واحدٍ منهم، ما كان يزيدهم ايمانًا وإرادةً وتشبثًا بالعدالة اكثر واكثر واكثرquot;.

أضاف: quot;أتى زمن العدالة، ليس ثأرًا او تشفيًّا او شماتةً، وإنما لكي يسود منطق الدولة والقانون، ولكي تعود الحياة لتكمل دورتها الطبيعية، من دون قسرٍ او فرضٍ او تكبيل.وإذا كان العقد الإجتماعي هو ما يُميزّ نشأة دولة القانون وتعايش مكوناتها المتعددة، بحريةٍ ومساواةٍ وديموقراطية، فإن العدالة هي التي تضمن استمرارية هذه الدولة، لذلك تحقيق العدالة في لبنان تثبيت للميثاقية، وليس تهديدًا لها كما يحاول البعض تسويقهquot;.

أين شهود الزور؟

وذكّر جعجع بأن من سارع إلى الموافقة على إنشاء المحكمة الدولية في آذار 2006 هم من وضع العراقيل لمنع قيامها، من تشكيكٍ وتهديد وتشويه وتعطيل وتضليل، واجتراح قرائن وهمية، واختراع ملف شهود زور، وإسقاط حكومة وحدة وطنية على اساسه، ثمّ التمنّع عن الغوص للحظة فيه. وسأل عن ملف الزور قائلًا لو كان صحيحًا، فلماذا توقف الحديث عنه، quot;خصوصًا أن أصحاب هذه المزاعم تولّوا السلطة؟ ولماذا لم يُحل إلى المجلس العدلي بعد؟ ولماذا لم تُكشف اي حقيقةٍ تتعلّق بهquot;، مستنتجًا أن ذلك يؤكد بأنّ هذا الملف مختلق والهدف منه التشويش على المحكمة ومحاولة ضرب صورتها.

باتجاهين معاكسين

وانعطف جعجع إلى مسألة الحكومة وتأليفها فقال: quot;إن موجة القتل والإغتيالات والتفجيرات والتهديدات التي بلغت دركًا من الإسفاف والتطاول اليومي، والفلتان الأمني والإنهيار الإقتصادي، بات تُحتّم تشكيل حكومةٍ منسجمةٍ فاعلةٍ، وقادرةٍ على اتخاذ قراراتٍ تعيد إلى اللبنانيين الحد الأدنى من الأمن والطمأنينة، وتنتشل لبنان من المنزلق الخطير الذي انحدر اليه. وحكومة مماثلة لا يمكن أن تكون إلاّ حكومة يجرّها حصان واحد، لكن بالاتجاه السليم، وسموّها ما شئتم! فالفريق الآخر يصرّ على ما يسميه حكومة شراكة وطنية، أي حكومة يجرّها حصانان يدفعان باتجاهين معاكسين كليًّا، مما يحوّلها فعليًا إلى لاحكومةquot;.

أين الشراكة؟

وإن كان الفريق الآخر يريد الشراكة اليوم، يسأله جعجع: quot;أين كانت الشراكة الوطنية عند جرّ لبنان إلى الحرب في صيف 2006؟ و أين كانت الشراكة الوطنية في 7 أيار 2008؟ أين كانت الشراكة الوطنية عند إسقاط حكومة الشراكة الوطنية التي كان يرأسها سعد الحريري في كانون الثاني 2011؟ أو عند إنزال أصحاب القمصان السود إلى شوارع العاصمة ومفارقها لمنع تكليفه من جديد؟ أين كانت هذه الشراكة عند إرسال طائرة الاستطلاع أيوب، والتي أمكن أن تجرّ لبنان إلى ما لا تحمد عقباه؟ أو عند اتخاذ قرار استراتيجي بالمشاركة العسكرية الفعلية، وعلى نطاق واسع، في الحرب السورية؟quot;

حكومة تناقضات

وتوجّه جعجع الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلّف تمام سلام بالقول إنّ حكومة التناقضات ستكون حكومة تناقضات لن تستطيع شيئًا، ولن تفعل شيئًا، وستعاني منذ اللحظة الأولى من تشوّه خلقي لن يمكّنها حتى من الوصول الى المجلس النيابي، سائلًا: quot;ما سيكون بيانها الوزاري؟ ماذا ستفعلون بمعادلة جيش وشعب ومقاومة في الوقت الذي يرفض فيه الفريق الآخر إعطاء أي موقف واضح بهذا الخصوص؟ ماذا ستكون عليه سياستها العامة؟ ماذا ستكون عليه سياستها الخارجية؟ ماذا سيكون عليه موقفها من الأزمة السورية وفي جنيف-2 في الوقت الذي يشارك فيه فريق من هذه الحكومة في القتال الى جانب نظام الأسد؟quot;

وختم قائلًا: quot;العدالة تقرع أبواب لبنان، فهلمّوا نستقبلها بفرحٍ عظيم. من يزرع الموت والاغتيالات، تحصده العدالة ولعنة التاريخ. وما أرهبها ساعةً على القتلة والمجرمينquot;.