ماشهدته طهران يوم الاحد السابق عشية احتفالها بذکرى يوم عاشوراء، أعطى ثمة إنطباع عميق جدا بأن التأريخ على وشك ان يعيد نفسه في هذا البلد المتخم بالازمات و المشاکل الکبيرة و المعقدة المستعصية حلها، إذ ان الصور و المشاهد التي تسربت من داخل طهران(التي حاول النظام على عزلها إعلاميا يوم عاشوراء)، أکدت بأن منحى الصراع و مضمونه بين الشعب الايراني و قواه السياسية المعارضة الفاعلة من جهة، وبين النظام الراديکالي المتزمت قد أخذ سياقا مختلفا و اتخذ بعدا محددا لايتقبل أي حالة غير الحسم.

ولئن کانت هنالك تظاهرات و حرکات احتجاج اخرى ضد النظام خلال السنوات المنصرمة، لکن لم تکن هنالك أبدا حالات قتل و إبادة کما حدث في يوم عاشوراء، وحتى ان قتل ندا سلطاني مثلا ابان الاحداث التي إندلعت عقب إنتخابات الرئاسة، قد سعى النظام الايراني لطرح تبريرات عديدة بشأنها لکي يبعد شبهة تصفية سلطاني عن نفسه، غير ان قتل 15 متظاهرا إيرانيا و في يوم عاشوراء و في قلب طهران رسمت في الافق صورة جديدة للمشهد الايراني و سحبت بساط(الدعة و الانسانية المتصنعتين)من تحت أقدام الاجهزة الامنية للنظام و الموجهة بإشراف خاص من الولي الفقيه نفسه وبينت مدى جدية طرفي الصراع في حسم الموقف لصالح واحد منهما.


ان تظاهرات عاشوراء التي اتخذت شکل إنتفاضة جماهيرية عارمة ضد الاساس النظري لنظام ولاية الفقيه نفسه عندما طفق المنتفضون يرددون شعارات ضد الولي الفقيه ذاته وهي ان وضعناها الى جانب تمزيق صورة مؤسس نظام ولاية الفقيه قبل مدة وجيزة، فإنها تمنحنا اليقين على أن الشعب الايراني قد سأم تماما من هذا النظام وقرر أن يعرب عن رفضه لها من خلال التعرض لأهم رمز فيه وهي شخصية الولي الفقيه التي باتت لاتختلف لدى المواطن الايراني عن الشاه السابق ان لم يکن أسوأ منه بکثير.


الازمات و المشاکل المختلفة التي يعاني منها النظام والتي يسعى لحل العديد منها عن طريق مبدأ الحديد و النار، يبدو انها قد وصلت الى طريق مسدود ذلك أن الشعب الايراني المعروف بجرأته و شجاعته النادرتين و قدرته الفائقة على التضحية و الشهادة من أجل الوصول الى أهدافه، لن يدع بعد اليوم قيود و أطواق استبداد و ظلم هذا النظام أن تکبل قدراته و حريته وان الرسالة التي بعثها الشعب الايراني في يوم عاشوراء الى العالم والموzwnj;قعة بدماء خمسة عشر من أبنائه، تعطي إنطباعا بأن عام 2010 سيکون عاما حاسما من عمر المواجهة الدامية بين النظام و الشعب الايراني وقواه السياسية الفاعلة على طول و عرض الساحة الايرانية وان الصور و المشاهد الدموية و المغالية في القسوة و العنف المفرط المستخدم من قبل اجهزة القمع و المسربة عن طريق الهيئة الاجتماعية لمنظمة مجاهدي خلق داخل إيران، والتي تبين بشکل جلي لاغبار عليه مدى جدية النظام و قسوته في تصديه للمنتفضين وسعيه المستميت من أجل ردع الغضب الشعبي و لجمه وهو بمثابة حلم او امنية بعيدة المنال خصوصا وان الشعب الايراني قد فضح هذا النظام الذي يزايد و يتاجر بالمناسبات الدينية من أجل أهداف سياسية محددة في واحدة من أهم المناسبات الدينية قدسية و اهمية و حساسية لدى الشعب الايراني وهو يوم عاشوراء حيث أثبت الشعب بأن هذه المناسبة له لوحده وهو الذي يحدد صورة الظالم کما يحدد من هو المظلوم وان إطلاق شعارات واضحة أشد الوضوح ضد شخص الولي الفقيه تمنح ثمة معنى خاص لعاشوراء 2010 وتؤکد من أن فجر جديد لإيران في طريقه الى البزوغ، فجر سيعيد لإيران دوره التأريخي اللائق و المناسب و الجدير به.