(رداً على مقالة الاستاذ حسين كركوش في موقع ايلاف)

الاستاذ حسين كركوش من الكتاب العراقيين المحترمين وانا اتابع كتاباته واقدر موضوعيته وحياديته. لكنني قرأت مؤخراً مقالة منشورة عنوانها quot;تراجع شعبية المجلس الاعلى الاسلامي وآفاق مستقبلهquot;، فوجدتها ndash;خلاف العادة- قد جانبت الحقيقية وذكرت متناقضات وامور لابد من توضيحها.. تركت المقالة انطباعاً بان الهدف منها الترويج لقائمة محددة والطعن بمنافسيها.. فيصف المجلس الاعلى بانه من قوى quot;الضفافquot; وليس من قوى quot;العمقquot;.. ويدعي انه كسب جماهيره بسبب مالياته وعلاقاته بايران وباستخدامه الشعارات المذهبية لذلك لم يصوت له الناخب كما لم يصوت للقوى الاسلامية. فلندقق بهذه المفاهيم:
1-وقف الاستاذ كركوش عند نتائج مجالس المحافظات الاخير واستنتج منها تراجع الاحزاب الدينية، وعلى رأسها المجلس الاعلى. فهذه الانتخابات وبعدها انتخابات الرئاسة والمحافظات في كردستان كانت فعلاً مناسبة لاستخلاص الكثير من الدروس السياسية. وانه لامر صحيح ان المجلس الاعلى لم يحصل على النتيجة التي كان يرجوها. لكن الصحيح ايضاً انه لم تتقدم على قائمة المجلس الاعلى سوى قائمة رئيس الوزراء. أي ان الدولة استُخدمت مرة اخرى لحجز طريق القوى السياسية، كما سبق وان حجزت الطريق امام استكمال العملية الديمقراطية طوال قرن من الزمان وكما تحجز الطريق في الكثير من دولنا الشرق اوسطية. وهذا امر يجب ان يقلق الاستاذ كركوش لا ان ينبري للتنظير له ولشرعنته. لم تكن نسبة تراجع المجلس الاعلى اكثر من نسبة تراجع بقية التشكيلات مما يسقط موضوعة quot;الضفافquot; و quot;الاعماقquot; من اساسها. اذن تراجع الجميع ودون استثناء. تراجع ما يسمى بالتيار اللاديني كالديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني وعلاوي و الشيوعي والمطلك.. كما تراجع ما يسمى بالتيار الديني بمختلف عناوينه. و تقدمت quot;دولة القانونquot; التي سخرت امكانات الدولة ومنصب رئيس الوزراء بعد حصولها على رقم متواضع لم يتعد 17% من اصوات الناخبين (اقل مما حصل عليه علاوي عندما كان رئيساً للوزراء) ثلثهم تقريباً من التصويت الخاص للجيش والشرطة.. و9% من اصوات المسجلين في عموم العراق. بل ان نسب المشاركة المتدنية التي لم تتجاوز الـ 50% بالكاد لعموم البلاد و38% في بغداد و 40% في البصرة -حيث حصد دولة القانون اغلب مقاعده- تفند كلام الاستاذ كركوش عن ان الجمهور الذي كان عديم الوزن في المرحلة الاولى من التغيير اصبح الان واعياً وخبيراً كامل الوزن في انتخابات عزفت الغالبية الساحقة عن المشاركة فيها...

هذه تناقضات تهد بنيان مقالة الاستاذ كركوش. الجميع لم يحصل على الصوت الذي توقعه عدا حالتين سنتطرق اليهما. وان على الاستاذ كركوش ان يشخص اولاً هذا العامل العام قبل ان يستنتج ويطعن بتاريخ وجماهيرية وبرامج القوى الاخرى ومنها المجلس الاعلى. نعتقد ان التفكير باسباب التراجع تتطلب البحث في اتجاهات عديدة. اتجاهات تضع تساؤلات جدية غالباً ما تمر بها الحياة السياسية بعد تغييرات جذرية وعميقة كالتي جرت في العراق.. هل ارهق الجمهور بالاحداث السياسية ويحتاج الى فترة مراجعة؟ هل شكلت الاستمرارية التاريخية التي نظمها قانون الاستبداد التاريخي لقوة الدولة في مواجهة الحزب قاعدة طغت على تلك الانتخابات ففازت قائمة الحكومة؟ هل ان تصويت 83% من المصوتين لغير المالكي هو رفض له قبل ان تكون الـ17% تزكية لسياساته؟ هل ان تراجع صوت المجلس الاعلى هو مشكلة مؤقتة ام انها مشكلة مزمنة؟ هل ان التصويت للحبوبي يشير الى رغبة الناس في الخدمات التي لم تمنحها محافظة كربلاء (الدعوة)؟ وهل ان فوز quot;الحذباءquot; في نينوى ونسبة المشاركة العالية تشير الى ان قضايا الهوية ما زالت محركاً اساسياً اكثر من امور غيرها عند حالات الاحتكاك والتدافع؟ وهل ان حصول قائمة quot;كورانquot; في كردستان على 25% من الاصوات تشير الى تآكل القيادات التاريخية ورغبة في التغيير، ام هي احتجاج على الفساد وسوء الادارة حيث ان نوشيروان مصطفى هو ايضاً من القيادات التاريخية؟ هل توقفت الاحزاب السياسية عن تقديم تصورات ورؤى جديدة تغري المواطنين ام انها ما زالت تردد طروحات وشعارات المعارضة؟ هل صوت الجمهور ضد الدين او ضد المذهب او ضد العلمانية او ضد الفيدرالية لان القوى السياسية التي تحمل تلك الخلفيات او الشعارات لم تحصل على النتائج التي ترجوها.. وهل لو صوت غداً خلاف ذلك فان هذا سيعني التصويت لهذه القضايا؟ هل فعلاً قام الاستاذ كركوش بطرح هذه الاسئلة ليبقى في حدود الموضوعية.. ام هي تمنيات طالما تكلمت بها قوى من داخل البلاد او خارجها والتي ما فتأت تطرح هذه التصورات عبر المقابلات والاستبيانات والاستخلاص الموجه والمقنن للنتائج ولعينات منتقاة من الحقائق الجزئية.


2- منذ اكثر من ثلاثين عاماً و المجلس الاعلى يتهم بالايرانية والامريكية والسورية والكويتية والرجعية والثورية والاسلامية والارهابية والمذهبية.. او تهم التنازل مرة لمصلحة الاكراد ومرة لمصلحة السنة العرب. او انه شديد مع مرجعية ايران لمصلحة مرجعية النجف او بالعكس. هذه القضايا وغيرها جزء من معركة اسمها بالعراقي quot;حب واحجي واكره واحجيquot;. اما هدفها فكسر شوكة القوى الاساسية لاضعافها والتمكن منها.. وليس صحيحاً ان الاحزاب الاسلامية او الشيعية لها قيمومة على الاسلام والمسلمين او التشيع والشيعة كما توحي المقالة، او انها تتصرف وفق ذلك. اذ يفترض في هذه القوى الدفاع عن الدين والوطن وعن القيم والاخلاق ومصالح الناس والوطن. فان تساهلت او غالت، غفلت او بالغت فالحياة والانتخابات والجمهور سيعطي اشاراته.. وعلى الواعيين استخلاص الدروس من ذلك. ولاريب ان تلك الانتخابات قد اعطت بعض تلك الاشارات. وان المجلس الاعلى اعلن انه سيدرس ذلك ويعمل بموجب الاستنتاجات التي يخرج بها. كنا نتمنى ان يقوم الاستاذ كركوش بالتقويم كاملاً لا تحويل النقد والتقويم الى تسقيط وافتراضات معتبراً ان برنامج المجلس الاعلى لا يقوم الا على اساس مذهبي وانه يعمل بعقلية القرن الثالث او الرابع وهي امور افترضها دون ان يقدم برهاناً عليها. هل قرأ برنامج المجلس الاعلى؟ وكيف يصح هذا الاستنتاج؟. فالجميع يعلم ان المجلس الاعلى كان في مقدمة من تصدى بصلابة وعناد وباسناد من المرجعية الدينية العليا للوصول الى دستور يكتبه العراقيون عبر مجلس منتخب خلاف رغبة الحاكم المدني السفير بريمر وحكومته وبعض القوى الاسلامية وغير الاسلامية. لقد فاوض المجلس الاعلى شركائه بصلابة وعناد للوصول الى دستور مدني استفتيت عليه البلاد لا يؤسس لسلطة دينية او مذهبية بل يؤسس لسلطة تحمي الاديان والمذاهب والثقافات والوطن والشعائر والقوميات، من جملة امور اخرى. دستور يؤسس لعراق اتحادي تعددي ديمقراطي يحمي الحريات العامة والخاصة. ويعرف القاصي والداني من كان يدفع الامور الى الامام نحو ارقى المفاهيم الادارية والعصرية مع الحفاظ على الثوابت والهوية، ومن كان يعرقلها في اطار افكار التحجر والتعصب والاستفراد.

ان ما يسميه الاستاذ كركوش بالاحزاب الدينية (ان كان اسمها مجلس او دعوة او منظمة او اسلامي..الخ) هي اولاً احزاب سياسية لها برامج وطنية عامة قبل ان تكون لها برامج دينية.. الفرق بينهم وبين الاخرين ان الاحزاب ذات الايديولوجيات الدينية تعطي اهتماماً لشؤون الدين اكثر من غيرها وهذا جزء من الالتصاق بما يؤمن به الشعب وليس بالضد منه. اما على الجانب الاخر فان شعار المجلس الاعلى هو quot;الاستقلال، والحرية، والعدالةquot; وهو شعار لا يختلف عما يرفعه أي حزب سياسي بغض النظر عن خلفياته الايديولوجية.. واعضاؤه يصرفون جزءاً عظيماً من وقتهم وطاقاتهم في ممارسة شؤونهم السياسية والدنيوية شأنهم شأن السياسيين الاخرين، عدا انهم يهتمون ايضاً بامور اخرتهم.. و الفرق الاساس بينهم وبين رجال الحزب الديمقراطي او الاشتراكي المسيحي او الليكود او حزب العمل الاسرائيلي، ان الاوليين هم من المسلمين وان الاخيرين هم من المسيحيين او اليهود. وامر مفهوم لماذا يقبل البعض ويرفض البعض الاخر. فالمعركة ليست منصفة او موضوعية او بريئة، بل هي معركة لها ايضاً ابعاد اخرى على الاستاذ كركوش ان يلتقطها قبل ان يصدر احكامه النهائية. وعليه فالاحزاب الدينية -اذا شاء الاستاذ كركوش- تتقدم وتتراجع. ولتقدمها ارقام وكذلك لتراجعها. وفي الانتخابات حدث تراجع لكن لاسباب وعوامل قد تختلف عما ذهب اليه الاستاذ كركوش وهو ما نختلف عليه. هناك عزوف من الجمهور عن الانتخابات وهذا اصاب الجميع. وعلى الجميع وليس على المجلس الاعلى بمفرده ان يفكر بذلك. واذا كانت كل القوى الدينية قد تراجعت فلا ندري اين يصنف دولة القانون والدعوة. هل ما زال تنظيماً اسلامياً يحمل ذلك التاريخ والبناءات الجهادية المعروفة وتراجع شأنه شأن بقية الاحزاب الدينية.. ام انه صار شيئاً اخر كان هو السبب في اخذه قصب السبق؟.. نحن امام معضلة الازدواجية..


3-تشير الارقام الى ان اكثر من 97% من المقاعد في انتخابات مجالس المحافظات قد فاز بها اسلاميون شيعة وسنة لكل منهم تاريخ طويل في العمل الاسلامي يحيون شعائر الحسين عليه السلام ويصلون صلاة التراويح كما يحيي سياسيو الغرب او اسرائيل طقوس اعياد الميلاد او تعطيل كل المؤسسات يوم السبت في خطوة لو قمنا بمثلها في بلادنا لقامت الدنيا ولم تقعد. انها مشكلة قديمة/جديدة مع اولئك الذين يعتقدون ان الشعائر الحسينية مثلاً ستزول بعد عشرين عاماً، وهو تكرار لنفس المسلسل عندما قيل في العراق قبل قرن من ان الدين سيختفي بتطور العلم والثقافة. ان البعض قد سقط في عقدة العباءة واللباس والعمامة والوشاح الاخضر والعقال وبقي يضع حجاباً على عقله وعينه ويعتبرها من مظاهر التخلف التي على المسؤولين ان ينؤوا بانفسهم عنها، دون ان يدرك ان المظاهر والاشكال في الامم الحية تعكس مضاميناً واستمرارية لا يمكن تحقيق البناء الصحيح والاصلاح المطلوب الا باحترامها. وبدل ان يسخر الاستاذ كركوش من قيام البعض بخدمة قدور القيمة والطعام في المناسبات (وليس بالضرورة الهريسة كما يذكر في مقالته)، كان عليه ان يقدر هذه المشاركات البسيطة لما تمثله من معاني كبيرة. فهذه عادات عظيمة حرصنا عليها في المناسبات وكانت رسائل احتجاج في فترات الاستبداد ويتبرك بها الشعب وتوفر سنوياً من الغذاء للفقراء والمحتاجين بما لا يقل عن 10% من استهلاكهم الغذائي حسب بعض الدراسات. فهل هذا عمل جيد ام هو تخلف وقرون وسطى او مظلمة. ان اولى المعارك تبدأ بالرموز والاشكال والعادات والا ما اصر عليها الغرب وما جعلها عنواناً رئيسياً لمعاركه منذ ان دخل المنطقة مستعمراً والى يومنا هذا. فالامم والشعوب الحية تتشبت بقيمها ومظاهرها وعاداتها وان من يتخلى عن ذلك هو فعلاً من اهل quot;الضفافquot; الذين لا يعيشون حياة شعوبهم. ومن يفقد هويته وقيمه سيعيش فعلاً حالة الفراغ التي لن يبني عليها برنامجاً او مضموناً او منهاجا لا مدنياً ولا دينياً ولا أي شيء اخر. وان متابعتنا لكتابات الاستاذ حسين كركوش تجعله اوعى وادق من ذلك كله.


4-يسقط الاستاذ كركوش في فخ الايحاء بان المجلس الاعلى هو صناعة ايرانية ليوحي ضمناً ان من يروج له هو الطرف المستقل. ويقبل الاستاذ كركوش تسريب هذه النظرة باعتبار ان المجلس الاعلى قد اسس في ايران. لكن الاستاذ كركوش ينسى ان المجلس الاعلى قد حظي بالتأييد الايراني قبل ان يصبح السيد محمد باقر الحكيم رئيساً للمجلس الاعلى. فقد كان رئيسه السيد محمود الهاشمي وكانت القيادات الاخرى تتكون من الدعوة او غيرها، بينما لم يكن السيد محمد باقر الحكيم يومها سوى ناطقه الرسمي. والكل يعرف مماحكات تلك الفترة وصعوبة اوضاع الحكيميين في ايران كامتداد للخلاف بين الامام الخميني والامام محسن الحكيم في النجف الاشرف. وللامانة نقول بان اتهام القوى الاسلامية سواء الدعوة او المجلس الاعلى او غيرهما بانها قوى تابعة الى ايران هو عين التبسيط. فهذا الامر لم يتحقق قبل التغيير فكيف يتحقق بعد التغيير. فكيف يمكن ان تصبح مرجعية النجف تابعة لمرجعية ايران؟ وكيف يمكن لوطني عراقي ان يصبح تابعاً لطرف اجنبي مهما كانت درجات الود والصداقة وعوامل التاريخ والدين والمذهب؟ ثم لماذا هذا التركيز على ايران؟ هل هي عودة لاطروحات صدام حسين عن العدو الفارسي وخطر البوابة الشرقية ليكون ذلك مقدمة لمحارق جديدة؟ هل نريد للعراق الجديد بناء صداقات وعلاقات حسن جوار واحترام السيادة لنتخلص من الحروب واشكال التدخل التي تفرضها العداوات والحقد المتبادل والكراهية والشك مع اقرب جيراننا لننهي احد عوامل الضعف التي انهكت البلاد وخربتها وذهبت بارواح الملايين منها؟ لماذا لا تحاصر وتطوق بقية القوى العراقية التي لكل منها ارتباطات طبيعية (اشدد طبيعية) هنا وهناك، ولها مكاتب ومصادر تمويل واسناد ويحمل اعضاؤها جنسيات وجوازات مختلف الدول. ولماذا لم يحاصر حزب البعث الذي يتكلم عن قيادة قومية فوق عراقية؟ فالعراق مكون اساس في اقليم، ومكون اساس لامة. وسيادته متزاوجة صعوداً وهبوطاً مع هذه العلاقة دون خضوع او اخضاع. لذلك قلنا انه لامر طبيعي ان تكون للقوى السياسية (الا الشاذ الشاذ منها) علاقات مع قوى الامة والمحيط تتعاون معها وتساندها.. اما هذه العلاقات فضابطها الاحترام وعدم التدخل وتسخير العلاقات لخدمة البلاد والوطن وليس عليهما. وهل عار على قوى اسلامية ان تؤمن بأمتها الاسلامية التي وضعت العراق على كرسي خلافتها اكثر من سبعة قرون بدون عنجهيات قومجية او طائفية.. الاسلام والعروبة يجب ان يكونا قوة للعراق لا عامل اضعاف وتضعيف له ولقواه السياسية ولشعبه. وان محاولات عزلنا وتصنيف اخواننا في الدين والقومية سواء الايرانيين او السعوديين او الاتراك او السوريين او الكويتين او الاردنيين او غيرهم باعتبارهم اعداء تاريخيين هي محاولات ليست بالجديدة وهي محاولات مكشوفة رغم استمرار البعض بالتشبث بها. انهم باختصار اخواننا وخلافاتنا معهم تحل كما يحل الاخوة خلافاتهم. وهذا ينطبق عليهم وعلينا.


5-سيتضح لاي مراقب ان المجلس الاعلى قد اجرى مراجعاته التي قد لا يكون الوقت كافياً لاكتمالها، وهو ما اشار اليه الكثير من المعلقين العراقيين والاجانب الذين لا علاقة لهم بالمجلس. لقد بدأ المجلس باجراءات اصلاحية انطلاقاً من بيانه الاول ndash;بعد الانتخابات مباشرة- الذي ذكر فيه انه سيراجع اسباب عدم تحقيق النتائج المرجوة.. وهذا موقف شجاع لا يقوم به كثيرون. فارسل المندوبين وشكل اللجان لكشف كل الثغرات والنواقص واستمع الى اصوات جماهيره ومنتسبيه واستلم الالاف التقارير والرسائل في تقويم شتى الامور وخرج بنتائج بدأ بوضعها موضع التطبيق. جرى ذلك في وقت كان فيه المجلس يعاني وعلى مدى اكثر من سنتين من مرض عضال اصاب رئيسه الراحل السيد عبد العزيز الحكيم وظل طوال تلك الفترة بما يشبه المرحلة الانتقالية رغم دقة الظروف وحراجتها. وقام حال وفاة رئيسه بانتخاب السيد عمار الحكيم بالاجماع من بين شيوخ كبار لهم باع طويل في العمل والسياسة وهذه اشارة واضحة للشبابية ورغبة التجديد والروح المؤسساتية التي يتمتع بها. كما قام بمبادرة فريدة (كذلك التيار الصدري) في تاريخ العراق باجراء انتخابات تمهيدية فتح فيها باب الترشيح لكل المواطنين ممن ينتسب اليه او من هو مستقل عنه. فتقدم اكثر من 2000 مرشح ومرشحة معظمهم من المستقلين وهو ما قلص لاحقاً الى حوالي 1500 مرشح لعدم تطابق الشروط. قامت اللجنة المركزية للانتخابات بالتعاون مع المفوضية العليا للانتخابات التي اعارت اللجنة 2500 صندوقاً انتخابياً توزعت على نفس العدد من المراكز الثابتة والجوالة في كل ارجاء العراق. وجرت الانتخابات التي شارك في تنظيمها جهاز يتعدى الـ 15000كادر من المجلس الاعلى ومؤسساته وعلى مدى خمسة ايام صوت فيها كل من له حق التصويت في الانتخابات العامة وفق نفس الضوابط التي تشترطها المفوضية. واضافة الى المفوضية، دعي ممثلو القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني لمراقبة الانتخابات كدليل على الثقة بالنفس والاستعداد لمزيد من الشفافية مع قوى شعبنا وممثليه السياسيين. وان النتائج التي تحققت في تلك الانتخابات -ان استطاع المجلس تحقيقها في الانتخابات العامة- فانها ستكون افضل دليل على خطأ الاستنتاجات التي وصل اليه الاستاذ كركوش. كانت نسب المشاركة عالية للغاية وقد تجاوزت بمرات عديدة ما حصل عليه المجلس من اصوات في انتخابات مجالس المحافظات. وان اسماء الرجال والنساء الذين قدمهم المجلس الاعلى كمرشحين يمثلونه في قائمة الائتلاف الوطني العراقي اعتمدت بنسبة 95% نتائج تلك الانتخابات. وان المستقلين من غير المنتسبين الى المجلس قد شكلوا حوالي 50% من مرشحي المجلس للانتخابات القادمة. فهل هذا عمل سطحي شكلي يسهل لجالسين على quot;الضفافquot; القيام به.

بل ان المجلس قد اعلن بانه سيشكل من الفائزين في تلك الانتخابات quot;شورى الامةquot; والتي ستتكون من نفس عدد مجلس النواب وتعمل بموجب نفس لوائحه ولجانه وذلك للمزيد من الشفافية والمتابعة والارتباط بقطاعات وشرائح الشعب المختلفة. واذا لم تكن هذه هي المؤسساتية والجماهيرية والانفتاح و quot;العمقquot;.. فما هو quot;العمقquot; الذي تتكلم عنه المقالة؟ نرجو من الاستاذ حسين كركوش متابعة الاحداث من مصادرها وفي ارضها وعدم الاعتماد على مصادر ثانوية او تلك التي تريد بذر بذور الفتنة والشقاق.

مرشح للانتخابات التمهيدية لخط شهيد المحراب