قبل كل شيئ أود أؤكد أن ثمة تشابه جذري نحس بوجوده بين الحركة التحررية الكوردية وهذه العشيرة المقدامة فيما تبتغيه وتناضل من اجله وفيما تلاقيه من عوز ودمار بسبب تطلعاتها القومية، فأن بروز وسمو البارزانيين في النضال والكفاح المسلحين تارةً، وممارسة أبشع الاضطهادات العرقية بحقهم من قبل النظم الفاشية والمستبدة التي حكمت العراق تارةً أخرى، يعد دليلاً دامغاً على ما ندعيه من تماس واضح بين كلا المصطلحين البارزاني والكورد، وبما أن الامة الكوردية تعد من الامم التي أذلت وأستخدمت بحقها أجحف وأعنف سبل التطهير العرقي والتمييز العنصري من لدن الانظمة الطاغية فلا عجب من ان تكون للبارزانيين حصة الاسد من هذه الويلات والمآسي والمحن، إن العنجهية التي تعاملت بها تلك الانظمة الدكتاتورية في العراق ضد هذه العشيرة بحد ذاته جريمة ضد الانسانية قبل أن تكون جريمة بحق شعب قال كلا للاستبدادية والهمجية، سئل فيلسوف إيراني يوماً ما ماذا تحبذ؟ فاجاب (النار) وقالوا لماذا النار فقال (لأن من النار يصنع الذهب ومن الذهب الرجال) لكنني أخالف ذلك الفيلسوف في وصف الرجال من أمثال البارزانيين وذلك لأن ماقدموه لأمة الكوردية منذ مايقارب مائة عام وأكثر لا يقارن بالذهب والالماس لذا فإذا بحثت مراراً وتكراراً عن وصف يليق برجال هذه العشيرة المضحية فأنا اعجز أن اقوم بذلك أعذروني، كثير منا سمع بالثورات والملاحم والبطولات التي قام بها وأدارها هذه العشيرة المغوارة بقيادة العائلة البارزانية ضد الانظمة القمعية التي حكمت العراق منذ الازل لكن قلما منا درى ما عانته هذه العشيرة من عوز وخراب وهلاك بسبب عرقهم وإنتمائهم لهذه العشيرة المقدامة لذا حاولت أن أُسلط الضوء على جانب التشرد والاضطهاد ليكون ذا جدوى للقارئ العزيز وفيما يلي بعض من الاضطهادات التي تعرضت لها هذه العشيرة عبر التاريخ:
1،تعرضت منطقة بارزان للاحتلال والتهجير في عام 1895 في عهد شيخ محمد البارزاني.
2،أستولى العثمانيون على منطقة بارزان عام 1907 في عهد الشيخ عبدالسلام مما أدى بهم للهجرة.
3،عشيرة بارزاني تكبدت خسائر فادحة في الارواح والاموال وحرقت قراهم وأصبحوا بلا ملاذ في عام 1932 بعد مقاومة باسلة في المعركة التي كانت ذات ثلاث جبهات،
4،تم نفي كل من الشيخ أحمد والشيخ عبدالسلام والبارزاني الخالد إلى موصل مما حرم الكورد من قيادتهم حتى أعقاب1942.
5، هجرة البارزانيين وبعض من الضباط الاحرار عام 1945 إلى إيران دون مأكل وملاذ.
6،بعد أن بلغت جمهورية المهاباد ذروتها في اعقاب عام 1947 أضطر كل من الشيخ أحمد والبارزاني الخالد وبإصرار من قبل الحكومة الايرانية إلى ترك أراضيهم والتوجه نحو الاتحاد السوفيتي ومكثوا فيها حتى تغير نظام الحكم في العراق من الملكية إلى الجمهورية بتأريخ 14/تموز 1958 حيث عادوا إلى الوطن آنذاك.
7،بعد مؤامرة جزائر المشؤومة وإنتكاسة ثورة ايلول العظيمة عام 1975 رحل جمع غفير من البارزانيين مع القيادة إلى إيران فيما تم ترحيل الاخرين منهم إلى جنوب العراق،
8،بحلول عام 1980 تم إعادة البارزانيين من جنوب العراق إلى محافظة أربيل وبالاخص في المجمعات القسرية في قوشتبه وبحركه،،، الخ.
9،في عام 1983 تم إعتقال ما يقارب من 8 الاف من ذكور البارزانيين مبتدياً بالغلام وحتى الكهلة منهم بتلك المجمعات في أكبر عملية للإبادة الجماعية شهدتها المنطقة حينئذ وتم نقلهم إلى منطقة (سلمان بك) الواقعة بمحافظة سماوة جنوب العراق حيث تم رميهم بالرصاص ودفنهم بمقابر جماعية هنالك.
إن ماذكرناه سالفاً يجعل المرء مندهشاً أمام تلك القسوة والوحشية والبشاعة التي قامت بها تلك الانظمة على مر العصور ضدهم و ما مر به البارزانيون يعد برهاناً ساطعاً على إن أعداء الحركة التحررية الكوردية منذ قيام ثورة بارزان وفي الحاضر والمستقبل يحسبون العشيرة البارزانية وبقيادتها الحكيمة المتمثلة بالبارزاني الخالد سابقاً والان الرئيس مسعود البارزاني بأنها الـ(بعبع) و المعضلة الرئيسية التي ستواجههم في أي وقت إذا ماحاولوا الوقوف أمام تطلعات الشعب الكوردي ومن الجدير بالملاحظة أن نذكر بعض العوامل الرئيسية التي أدت إلى تربع هذه العشيرة على تاريخ الحركة التحررية الكوردية منها:
bull;القيادة : حيث ان القيادة الحكيمة المتمثلة بالعائلة البارزانية أو شيوخ البارزانيين إن جاز التعبير يعد من أقوى الركائز القومية لا عند البارزانيين فحسب، بل عند كل القومية الكوردية مستأنفة نضالها بالمرحوم الشيخ محمد البارزاني وأولاده الشيخ أحمد والشيخ عبدالسلام والبارزاني الخالد.
bull;الديموغرافية: إن ديموغرافية المنطقة التي أنحدرت منها هذه العشيرة كانت خليطة من سبع عشائر هم (بروزي، دولمري، شيرواني، مزوري، كردي، هركي بنجي، نزاري) حيث توحدت لأسباب سياسية وإجتماعية و تاريخية وثقافية، هدفها تحرير الشعب الكوردي من النظم الفاشية التي توالت الحكم في العراق تلك الانظمة التي لم تأخذ بنظر الاعتبار مطالب الشعب الكوردي وأستخدمت بحقها كل سبل لإخماد إي ثورة أو حركة كوردية بقيادة البارزاني الخالد.
bull;التربية : أما التربية فإن أشبال هذه العشيرة قد ترعرعت في أذهانهم أيدلوجية القومية البحتة والشعور بالمسؤلية تجاه الوطن حيث لم تمر كوردستان بأي كبوة ولم تكن لهذه العشيرة حصة منها حيث إنهم تربوا على بعض السمات التي أستقطبوها من أسيادهم العظماء وهي (النضال، التضحية، الشهامة، المقاومة،،،،الخ ).

وفي الختام أهدي أرواح هذه العشيرة شعر للشاعر العظيم (محمود درويش ) في وصفه للأبطال والمضحين من اجل الوطن حين يقول في قصيدته المشهورة (ولاء):


حملت صوتك في قلبي وأوردتي،، فما عليك إذا فارقت معركتي
كل الروايات في دمي مفاصلها،، تفصل الحقد كبريتاً على شفتي
أطعمت للريح أبياتي وزخرفها،، إن لم تكن كسيوف النار قافيتي
آمنت بالحرف، إما ميتاً عدماً،،، أو ناصباًَ لعدوي حبل مشنقة
آمنت بالحرف ناراَ لا يضير إذا،، كنت الرماد أنا أو كان طاغيتي!
فإن سقطت وكفي رافع علمي،، سيكتب الناس فوق القبر: لم يمت

akramisa79@yahoo،com