في لقاء لي مع أحد الصحفيين المراسلين لقناة معروفة ومشهورة في الأردن.. سألته عن كيفية تعاطي عامة الأردنيين مع المادة 320 وهي العذر المخفف على قاتل المرأة تحت تبرير عدم القدره على التفكير المتوازن لنظرا لغليان الدم.. والمعروفه بقتل الشرف.. وهل يؤيد الشارع الأردني تعديل هذه الماده لتجريم الجاني والحكم عليه بعقوبة تتناسب مع الجريمه وهي ليست إلا جريمة قتل متعمده ومتكاملة الأطراف و مع سبق الإصرار..

أجابني بأنه وبرغم أنه لا يؤيد قتل الشرف.. إلا أنه مع عدم إلغاء المادة المذكورة والسبب كما ذكره أن هناك قصة من التراث مفادها...
quot;quot; في إحدى قصص التراث التي استند إليها المشرع في تخفيف عقوبة الجاني.... تدّعي بأن هناك قصة عن النبي محمد quot;quot; سلام الله عليه quot;quot; بأنه جاءه سعد بن معاذ.. ليسأله عن حادثة يصف فيها فعل الزنى المباشر.. فقال سعد quot;quot; والله لو حدث ذلك لأقتلنه quot;quot; وحين إستعجب الحضور من قول سعد.. قال النبي quot; سلام الله عليه quot;quot; أتعجبون من غيرة سعد والله إني لأغير من سعد والله أغير منا جميعا quot;quot;.

هذه وجهة نظر رجل المفروض أنه إعلامي متنور.... تقع عليه مسؤولية توعية الأجيال عن طريق الكتابة وعن طريق القناة التي تفتح له أبواب الشاشه الفضيه.. غير واعيه بأنه يبث تخلّفه العقلي للجيل الجديد؟؟.. لا يقدّر مسؤولية الكلمه ولا يعرف أنه يتناقض بنفسه مع نفسه.. والأهم أنه وبرغم شهادته الجامعيه العليا إلا أن تفكيره توقف فقط عند قصة التراث ولغى ميزة العقل الذي كرّمه به الخالق عز وجلّ..

القصة الأخرى التي أضعها أمام القارىء شاهدتها بنفسي على أحد القنوات عدة مرات لأنقل الحوار كما هو.. مرة أخرى تبين دور الإعلام الخاطىء والمخطأ في كيفية إدارة الحوار مع رجال الدين لكشفهم أمام المشاهد بحيث يبدو المذيع كما وأنه متوافق مع أفكار رجل الدين.. وكأنه بذلك يروّج للفكر المتعفن والعنصري ضد المرأة في عقول الملايين من المشاهدين البسطاء..

يبتدأ المذيع الحوار.. كفاية يادكتور أن المرأة الأوروبية في الوقت الحاضر تنشد الرجل القوّام.. سأعطي المشاهد فكرة أن هناك إحصاءات تقول بان 90% من نساء بريطانيا لا يحبون الزواج من رجل ضعيف لأنه في أول ما تحصل مشكله يقعد يعيط.. راجل عامل زي شكل الحريم وإحنا عايزين راجل راجل.. قضية الضرب دي شبه خطيره جدا..

الشيخ.. إن الله كرّم المرأه بهذه العقوبه.. عقوبة الضرب..
المذيع.. كيف؟؟ كرّمها بالضرب كيف؟؟
الشيخ.. قال نبينا (صلعم ) ولا تضرب الوجه ولا تقبّح.. شوف كرمها..
المذيع.. الله..

الشيخ.. إن ضربها لا يضربها على وجهها.. حتى وهو يضربها لا يسبها ولا يشتمها.. عجيب هو إذا بيضرب للتأديب.. وإذا ضرب لا يزيد عن عشر.. وإذا ضرب لا يكسر عظما.. ولا يقطع لحما ولا يكسر سنا ولا يفقأ عينا..... أدب.. أدب عند الضرب إذا ضرب عند التأديب لا يرفع يده إلى أعلى.. بل يضربها بحذاء صدره.. كل هذا تكريم للمرأة.. هي تحتاج إلى تأديب فكيف يؤدبها زوجها؟؟؟ باوعظ فإن لم ترتدع ولا تنزجر.. بالهجران.. فإن لم تنزجر بالضر.. وجعل شروطا للضرب.. لا تضرب الوجه ولا تقبّح.. ياإبنة كذا وكذا.. يضربها ضربا غير مبرح لا يترك أثرا.. يضربها بعصى قصيره.. ولا يضربها على الأماكن الحساسه.. كالرأس.. كل هذا إختبار لإجراء العقوبه.. لكن هذا لا يكون إلا عند إستحالة الوسائل السابقه.. كمن تكريم الإسلام للمرأة أنه لم يجز العقوبة بالضرب إلا في حالة واحده.. عند إمتناعها عن فراشه..
المذيع.. عند إمتناعها عن فراشه..
الشيخ.. أين يذهب الرجل وهي تمتنع عنه..
المذيع.. تاني أنا عايز أسمع الحته دي..
الشيخ.. لا يكون إلا من أجل هذه المسأله التي لا يستغني عنها الرجل..

أولا.. جوابي على الطريقه المصريه.. يروح بستين داهيه..

الأهم.. هو سوء فهم وتفسير المذيع للقوامه بحيث يبدو مفهوم القوامه وكأنه مؤكد لتبرير العنف ضد النساء.. وأن القوة ربما العضليه من مقومات القوامه؟؟؟ ( في إحصائيات وجد أن المرأة الأوروربية تنشد الرجل القوام وأن 90% من النساء البريطانيات لا يردن الزواج برجل ضعيف ) )

هل كانت كلا الجملتين مقدمة لحث فضيلة الشيخ على تبرير العنف لأن النساء يفضلن الرجال الأقوياء والذين قد تصل قواهم الجسمية لحد العنف؟؟؟؟


في رأيي المتواضع إضافة إلى أن المذيع صب الزيت على النار.. وأكّد مفهوم الرجولة الخاطىء عند الرجل الشرقي أكّد أن القوامه تتضمن الضرب..

هذا نموذج المفروض أنه يأتي من رجل مثقف يخاطب الشعوب يوميا... اقتصر تفكيره على ما يتقوّل به فضيلة الشيخ وأغلق عقله وإستراح لهذا التبرير الذي يعطيه مطلق الحق في الإيذاء الجسدي والنفسي للمرأة.. فما بالك بالرجل البسيط العادي الذي أصبح يستمع بكل إجلال وإحترام إلى مثل هؤلاء الفقهاء وهم يروّجون للعنف المجتمعي؟؟؟
إن ما يروّج له الشيخ ما هو إلا تسلط ذكوري متسترا بالدين ليبيح للرجل الإستمتاع بكل معنى الكلمه بما فيها المتعه الساديه التي ترتبط بالعنف على المرأة وغير عابىء بإصلاح مجتمع ولا تطوره ولا ربطه بإنسانيات وروح الدين...

كلاهما صب الزيت على النار.. وبيّنا التناقضات الموجوده في فهم ومفهوم الدين..مابين رجال دين نسوا قيم وأخلاق الدين.. وإعلام متخبّط يساعدهم في ترويج أفكار متعفّنه...
وعلى الطريقه المصريه مرة أخرى.. دوري ياساقيه!


- باحثه وناشطة في حقوق الإنسان