ان الكتابة عن احداث عظيمة وكبيرة مثل، جائزة (نوبل) في عالمنا اليوم، عالم )الانترنيت( ليس بالأمر السهل لا لقلة المعلومة، على العكس، بل للكم الهائل من المعلومات وسهولة الحصول عليها، لذلك لا أريد ان اتحدث عن تفاصيل تأريخية او احصائية تتعلق بالجائزة والحاصلين عليها، انما رأيت أن ألملم أطراف الحديث عن بعض النقاط المضيئة في هذا الإنجاز العلمي والحضاري مع الإلتفات الى واقعنا الشرقي الراهن.

في العاشر من ديسمبر من كل عام توزع جائزة (نوبل) للأب الروحي لهذه الجائزة الصناعي السويدي (الفريد نوبل)، مخترع (الديناميت). والعاشر من ديسمبر هو يوم وفاة صاحب الجائزة(نوبل)، وهذه نقطة مضيئة، اتمنى ان نتعلم منها، كيف نحيي ذكرى عظمائنا، لقد جعلوا من ذكرى وفاة (نوبل) يوماً عالمياً لتقييم العلماء الذين يبذلون الجهود الجبارة من أجل حياةٍ أفضل للإنسانية، فصارت عندهم ذكرى الموت منطلقا لمنح الحياة طعما أفضل. اتوقع لو كنا نحن نريد ان نحيي هذه الذكرى لما خرجنا عن دائرة الحزن والمأساة، وبقينا نندب حظنا العاثر بصحون الطعام، والنائم على أنغام المطولات من القصائد العظام، وتنتهي المناسبة ولم يستفد منها أحد من البشر، عدا تجار النواح والكلام.

ونوبل هذا حين اخترع (الديناميت)، للإستفادة منه في الكثير من الأعمال، لاختصار الزمن وتذليل الصعوبات، كفتح الانفاق في الجبال وحفر المناجم في الارض لاستخراج الكثير من خياراتها وما الى ذلك مما ينفع الإنسان، ولكن ما أن علم( الفريد نوبل) ان هذا المخترع (الديناميت) صار يُستخدم في الحروب لإبادة الإنسان وتخريب المنجزات الحضارية، شعر بالذنب، علما انه لم يكن يقصد الدمار والخراب من اختراعه، ومع ذلك خصص جزءا من ثروته لدعم هذه الجائزة، كتكفيرٍ واستغفار، وذكر ذلك في وصيته.

ما أروعه من استغفارٍ وتكفيرٍ عن ذنب. لم يكن استغفاره لقلقةَ لسان، ولم يكرّ مسبحته مائة مرة. علماً اني لا أريد ان أسئ الى من يستغفر بلسانه، بقدر ما أريد ان اقول، الإستغفار الحقيقي هو ما صدّقته الجوارح، والتكفير الصادق عن الذنب نية يعقبها عمل وموقف.

ونبقى مع نوبل وجائزته، فالجائزة سويدية بكل ما تعنيه الكلمة، ولكن ثمان دولٍ سبقت السويد الدولة المانحة، بالحصول على الجائزة. فالكفاءة ربما تكون خارج الأهل او الحزب او العشيرة، هذا ما آمنوا به، الكفاءة هي الشرط وهي المبدأ في المفاضلة. وهذه نقطة مضيئة أخرى، تستحق الإجلال و الإحترام.
نوبل أيها الإنسان الصادق النبيل، إنك تستحق اكثر من جائزة (نوبل)، ليس من اجل ما اخترعت، ولكن، لاستغفارك الرائع العظيم.