قال تقرير نشرته صحيفة معاريف ( 18 أكتوبر ) أن من بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلي تفاقم الأزمة اللبنانية في السنوات الأخيرة، أن الإدارتين الأمريكية الحالية والتي سبقتها لم تبذلا الجهد الكافي لحماية الديموقراطية التي تميز هذا البلد بالقدر الذي يجعله نموذجا لغيره من البلدان العربية ويفتح لها المجال لكي تنمو وتتمدد..

إدارة بوش لم تستكمل خطة دعمها للأجواء الديموقراطية بعد أن نجحت في وضع حد للتدخل السوري في شئون لبنان الداخلية والخارجية، وبعد أن أشاعت في كل مكان انه يمثل النموذج الذي ترتضيه للديموقراطية التي تروج لها في الشرق الأوسط !! وإدارة أوباما لم تتقدم خطوات تُذكر علي مستوى التعامل مع هذا البلد لا قبل تأليف حكومة سعد الحريري الذي جاءت ولادته متعسرة أشد التعسر، ولا بعده حيث تركتها في مهب الريح تواجه وحدها العواصف العاتية التي تهب عليها من الداخل ومن الخارج..
إدارة بوش ndash; في رأي الصحفية ndash; تركت إسرائيل تضرب الجنوب اللبناني في شهر يولية 2006 لعدة أهداف كان من بينها إضعاف قدرات حزب الله السياسية وبالتالي قدراته السياسية، لكي تتعافي إمكانيات الوطن اللبناني الديموقراطية.. ولكن الحملة لم تحقق غالبية أهدافها، وكانت النتيجة المباشرة أن زادت ضغوط حزب الله علي الحكومة ومؤسسات الحكم الأخرى.. وورثت إدارة أوباما الوضع ولم تفلح حتى يومنا هذا في فك خيوطه شديدة التعقيد..

إدارة بوش استوعبت أن إبعاد سوريا عن الشأن اللبناني سيؤدي إلي تقارب بين دمشق وواشنطن، ولما خاب ظنها وزادت مساحة التباعد بين الطرفين.. لجأت إلي قطع العلاقات وفرض العقوبات والتهديدات، وبالرغم من ذلك لم يرضخ النظام السوري للضغوط.. ولما غيرت تبنت إدارة أوباما من بعدها لغة الحوار وسياسة اللقاءات والتلويح الإغراءات، لم تحقق التقدم الذي يمكنها من إرسال سفيرها الجديد إلي دمشق..

اختلفت الأدوات بين الإدارتين، لكن النتيجة ظلت واحدة حتى اليوم.. دمشق تفضل الاحتفاظ بتحالفها مع إيران، مهما كانت الإغراءات لأنه يحقق لها ذاتها ويحقق لها الاستقرار الذي يناسبها ويعيد وضع ورقة حلفاؤها في لبنان وعلي رأسهم حزب الله بين يدها مرة ثانية..

لا تكتفي الدراسة التي نشرها مؤخرا الباحث يوئيل جوزينسكي من العاملين بمعهد الأمن القومي الإسرائيلي للدراسات الإستراتيجية ( تل أبيب ) بتأييد هذه الاستنتاجات، بل زادت عليها أن حصول إيران علي الأسلحة النووية سيُضيف إلي المخاطر التي تحيط بالمنطقة بعداً استراتيجيا جديدا يتمثل في quot; ازدياد قوة محور الشر الذي تتزعمه quot;..
مصطلح quot; محور الشر quot; الذي تتبناه الدراسة، يتوافق مع رؤية المجتمع البحثي الإسرائيلي لإيران والأطراف المتحالفة معها وهي: سوريا وحزب الله ومنظمة حماس وعدد من التنظيمات الراديكالية الأخرى النشطة ضد إسرائيل وأمريكا في المنطقة..

امتلاك إيران للسلاح النووي يعني عند الباحث ومن ثم عند معهد الأمن القومي الإسرائيلي quot; تحول إيران إلي نموذج للأسطورة quot; التي صنعت نفسها، وبالتالي يتوقع أن يفتح الباب لـ
1 ndash; زيادة أعضاء محور الشر الذي تتزعمه بانضمام أطراف أخري إليه..
2 - تعزيز أواصر القوة القائمة حالياً بين أعضائه، خاصة فيما يتعلق بالنواحي العسكرية والأمنية والمعلوماتية / المخابراتية..
3 ndash; تضاعف الموقع الريادي لإيران بعد أن برهنت علي قدارتها التكتيكية والتفاوضية مع كل من تصدي لوقف مسيرتها لامتلاك سلاح نووي..
4 ndash; تثبيت الخط العسكري بين أعضاء المحور وقيادته الإيرانية..
وهذا في مجمله، يعني عند الباحث ومعهد الأمن القومي الذي ينتمي إليه quot; تنمية مفهوم العمل العسكري المشترك بين هذه الأطراف للدفاع عن أي عضو منها قد يتعرض لعمل عسكري من جانب إسرائيل أو من جانب الولايات المتحدة quot;..

أخذت الدراسة في حسبانها أن بعض أطراف quot; محور الشر quot; لم تجد النجدة أو المساعدة من زعيمة المحور أو من أي طرف آخر، لما تعرضت لعدوان من جانب القوات الإسرائيلية.. وتقصد الدراسة هنا حزب الله ( 2006 ) و منظمة حماس ( 2008 ).. وقالت أن ذلك لن يكون القاعدة إذا تعرضت إيران لضربة عسكرية !! وتوقعت أن يهب لنجدتها كافة الأطراف الأخرى، وطالبت الحكومة الإسرائيلية بأن تأخذ ذلك بعين الاعتبار لأنه قد يقود إلي حرب شاملة في المنطقة المحيطة بها..
الحقيقة المركزية التي شكلت محور اهتمام باحث معهد الأمن القومي الإسرائيلي أن إيران تواصل بلا كلل تعظيم قدراتها العسكرية، برغم الاعتراضات التي تقوم بها بلده ( إسرائيل ) والولايات المتحدة ودول أخري لإضعاف أو إبطال مخططات طهران السياسية والعسكرية وحلفائها علي مستوى الشرق الأوسط.. ويرجع ذلك في رأيه لأن مصلحة إيران العليا هي أن quot; تبرز نفسها كقائد لمحور الشر quot; الراديكالي في المنطقة لتأكيد أحقيتها في التأثير علي الملفات الإقليمية وعلي رأسها ملف الصراع العربي الإسرائيلي عن طريق quot; حلفائها الذين تعتبرهم وسيلة لتحقيق طموحاتها quot;..

عند هذه النقطة تبلغ الدارسة غايتها التي بذل الباحث جهده لتحقيقها.. لا بد من العمل علي إضعاف القوة الإيرانية.. لأن ذلك سيؤدي إلي..
-تغير سوريا لتوجهاتها السياسية التي يدعمها قوة تحالفها مع إيران
-فقدان حزب الله لقوته التي مصدرها طهران، مما سيفقده دوره المقاوم
-تخلي حماس عن رفضها للتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية
-تسهيل مسارات الحلول التي تطرحها إسرائيل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية
هذا بالإضافة إلي التخفيف من حدة النزاعات العربية / العربية التي يتصاعد عنفها في المنطقة كما في لبنان والعراق، بسبب تبني طهران للمواقف الأكثر تشدداً والتشجيع عليها مادياً ومعنوياً.. مما يؤدي إلي حلها كما تري الدارسة..

التعاون العسكري بين الأطراف المتحالفة مع إيران عسكرياً يأخذ حيز كبير من اهتمام الباحث.. فيستنتج أن يقوموا برد quot; محسوب العواقب quot; إذا تعرضت quot; زعيمتهم quot; لضربة عسكرية مباغته من جانب القوات الأمريكية، وبرد quot; شديد العنف quot; إذا كانت إسرائيل هي المعتدية.. في الأولي سيقع عبأ الفعل المضاد الأكبر ضد القوات الأمريكية المهاجمة وفي الخليج والعراق علي عاتق القوات المسلحة الإيرانية بكل تشكيلاتها، أما في الثانية فسيتوزع النصيب الأكبر من الهجوم المضاد علي أعضاء محور الشر.. سوريا وحزب الله ومنظمة حماس، وكلها قريبة من حدود دولة إسرائيل ولديها أسباب لا تحصي لإعلان الحرب عليها..
نموذج تربع إيران علي قمة هذا المحور في نظر الدراسة، يتمثل في انها ومعها حلفاؤها نجحوا في تدعيم مرتكزات التحالف بينهم، من خلال..
اولاً.. تنحية الخلافات السياسية والأيديولوجية التي يمكن أن تفرق بينهم، لأجل تقوية المكون العسكري الذي يجمع بينهم..
ثانياً.. توجيه دفة سياستهم المشتركة ضد السياسات الأمريكية والمخططات الإسرائيلية علي مستوي الشرق الأوسط..

وتصل الدارسة لنهايتها حيث تقول quot; لا بد من تفكيك أواصر الحلف غير المعلن الذي يجمع بين أطراف محور الشر بقيادة إيران، لأن تقويته عن طريق توثيق مستويات الصداقة والتعاون السياسي والعسكري إلي أبعد من المرحلة التي هي عليها الآن يعني عدم القدرة في المستقبل علي وقف خطورته أو كسر عموده الفقري أو تهميش بعض أطرافه quot;..
bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]