تحظى مناسبة عاشوراء بمکانة و منزلة متميزة لدى کافة المسملين بوجه عام و لدى الشيعة منهم بوجه خاص، ولايمر عام إلا و يبادر المسلمون الى إحياء هذه المناسبة و ينهلون من زلال ذکراها العذب المعاني و القيم و العبر و الدروس البليغة.

واقعة عاشوراء، التي سطرت بحق واحدة من أروع و أعظم الملاحم الانسانية الخالدة و التي تؤسس لوقع الکلمة و الموقف على سطوة السلطة و النفوذ، تتجدد کل عام و تزرع بذور الصلاح و الاصلاح في أعماق النفوس و القلوب و تهذبها بما فيه الخير للذات و للمجتمع، هذه الواقعة، التي يحييها المسلمون من أجل مضامينها و أفکارها و قيمها التربوية و الاخلاقية، کانت و ستبقى واحدة من المناسبات المهمة و الحيوية التي تشد من أزر المسلمين و توحد صفوفهم و تصفي قلوبهم أکثر فأکثر، لم يخطر على بال آبائنا و أجدادنا إستغلالها و تجييرها من أجل أهداف او مصالح دنيوية ضيقة لاعلاقة لها بالمناسبة إطلاقا کما نرى اليوم حيث دأبت منابر و تيارات و إتجاهات محددة مبثوثة هنا و هناك و مدعومة من جانب واضح و معلوم للجميع، على تسييس هذه المناسبة و تطعيمها بمضامين مدسوسة و دخيلة لاصلة لها بعاشوراء و لايمکن ربطها بها من قريب او بعيد خدمة لأجندة و أهداف و مصالح و مشروع عقائدي سياسي خاص يضد وبشکل ساطع الامة العربية و طموحاتها الآنية و البعيدة المدى.

اننا بما نمثل من مرجعية عربية المسلمين الشيعة في لبنان والدول العربية نؤكد أهمية أحياء ذكرى عاشوراء في مواقيتها وباعتدال تام من دون تطرف أو غلو أو مبالغة لا في وقت المجلس الحسيني ولا في مضمونه، بالاعتماد على المصادر الصحيحة والرواية الصادقة لاحداث عاشوراء.

ان تسييس هذه الذكرى غير جائز شرعا. ويجب عدم استغلالها لمآرب سياسية وحزبية وخصوصا من اجل التحريض واثارة الحساسيات المذهبية. من هنا دعوتنا لخطباء المنبر الحسيني للابتعاد عن خطاب التفرقة لان الاصل في دعوة الامام الحسين هو توحيد صفوف المسلمين والعرب ورفعة شأن الدين وتعزيز منعة الامة. وقد عمل على الجمع والوحدة والإصلاح.

ان احياء الذكرى باعتدال وانفتاح لا يتناقض مع شيعيتنا، كما ان احياءها بتطرف وغلو من قبل البعض لا يعني انهم حسينيون أكثر منا.
انما العكس هو الصحيح، فالامام الحسين في الاصل هو حامل لرسالة جده رسول الله ( ص ) وعامل للوحدة والاصلاح. لذا جاءت دعوته لجميع المسلمين وليس لفئة دون فئة، وهو بالتالي لا يخص مذهبا اسلاميا دون آخر، واذ عمل البعض على تخصيصه بمذهب أو فئة فانه بذلك يحجمه ويبطل دعوته التوحيدية.

ان خير تكريم لذكرى الامام الحسين هو في احياء ليالي عاشوراء من قبل المسلمين السنة والشيعة معا، على ان يكون ذلك بطريقة حضارية وسلمية وبعيدة عن الاثارات المصطنعة. فلا يجوز ايذاء النفس، أو التحريض ضد الغير، أو تحويل المنبر الحسيني إلى مناسبات للسب والشتم،نسأل الله عز وجل أن يوحد أمتنا ويجمعها على الخير وكلمة التقوى.

*المرجع الإسلامي.