قبل كل شيء أود أن ابعث ارق التهاني لرموز الحزب الوطني quot;صفوت الشريفquot; رئيس مجلس الشورى حالياً ووزير الإعلام سابقاً أوزير التفاريح كما كان يحلو للداعية الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله أن يسميه، وquot;علي الدين هلالquot; quot;صاحب صفر المونديالquot; حين كان وزيراً للشباب والرياضة سابقاً، وأمين الإعلام بالحزب الوطني الديمقراطي حالياً، وquot;احمد عزquot; quot;إمبراطور الحديدquot; quot;أمين التنظيم بالحزبquot;، ومهندس أهم انتخابات في تاريخ مصر الحديث، بمناسبة الفوز الساحق في الجولة الأولى لحزبهم ومن حقهم أن يقيموا الأفراح والليالي الملاح احتفالاً بهذا الفوز التاريخي دون انتظار نتائج الجولة الثانية لأن الاكتساح لمرشحي الحزب الوطني مؤكد مع انسحاب حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين.

الحزب الوطني الديمقراطي خدع أحزاب الوفد والتجمع والناصري، وضحك على زعامات هذه الحزب، وقال صفوت الشريف إن الوفد تخيل نفسه حزبا معارضاً مع أنه ليس له أي شعبية، وهذا يعني أن على الوفد ألا يحلم بشيء اكبر من إمكانياته، كما استعد الحزب مبكراً لمعركته مع quot;جماعة الإخوانquot; لأنه أدرك مؤخراً أن مرشحي الجماعة يخوضون الانتخابات كمستقلين على الرغم من انتمائهم للجماعة المحظورة،وهذا مخالف للقانون والدستور، فدفع بأكثر من مرشح في الدائرة الواحدة، وصل العدد إلى خمسة مرشحين في بعض الدوائر، وحين سئل الدكتور quot;علي الدين هلالquot; في لقاء تليفزيوني عن سبب تأخر الحزب في تقديم بلاغ للنائب العام ضد مرشحي الجماعة المحظورة التي تمارس العمل السياسي منذ نحو نصف قرن كان الرد عبقريا قال: quot; كنا نجمع الأدلة والمعلومات quot;.

يا لها من انتخابات لها العجب، تصريحات رموز الحزب الوطني لا يصدقها احد، فنون التزوير على كل صنف ولون، الرشا بدأت من خمسين جنيه ووصلت لخمسمائة جنية للناخب،. البلطجية ارتفعت أسعارهم من ألف إلى ستة وعشرين ألف جنية. تسويد البطاقات الانتخابية في quot;لجنة البدرشين quot; شاهدها بأم عينيه المستشار quot;وليد الشافعيquot;، رأى فصولاً فيها صناديق اقتراع فارغة، وفصولا مجاورة بها موظفون وموظفات يجلسون على مقاعد التلاميذ وبحوزتهم أوراق تصويت يقومون بتسويدها بأيديهم لمصلحة مرشح الحزب الوطني، حتى الموت كان بالسلاح الأبيض والذخيرة الحية، فضحايا الانتخابات وهم quot;ستة عشر قتيلاquot; في الجولة الأولى منهم من طعن بالسلاح الأبيض ومنهم من قتل بالرصاص فضلا عن عشرات الجرحى.

طاردوا الفضائيات التي حاولت كشف التزوير، ومنعوا الإعلام الخاص من التصوير داخل اللجان، والقضاة من الرقابة، والمنظمات غير حكومية وهيئات المجتمع المدني من رصد ما يحدث داخل اللجان، ومندوبي مرشحي المستقلين والأحزاب الأخرى من دخول اللجان، بل منعوا المرشحين اللذين خدموا الحزب من الترشح، فاضطر بعضهم إلى الاستقالة من الحزب والنزول مستقلين، وسقطوا من الجولة الأولى ليبقى مرشح الحزب هو الأوفر حظا.

بدأت عمليات التزوير في مراحل ثلاث: الأولى quot;تسويد البطاقاتquot; مثلما حدث في لجنة البدرشين، والثانية:quot; تزوير الأصواتquot; من خلال جداول الانتخابات التي تحمل أسماء متوفين، أي أنهم احيوا الموتى ليدلوا بأصواتهم لمصلحة مرشحي الحزب الوطني، والثالثة quot;التزوير أثناء الفرزquot; وإعلان رسوب مرشح ثم فوزه، والطريف أن مرشح المطرية quot;عزت بدويquot; وهو صحفي بالمصور نظم وقفة احتجاجية أمام نقابة الصحفيين لأنه حصل على صفر وكاد الرجل يموت غيظا ويقول quot; إذا لم احصل على أي صوت صوتي أنا راح فين quot; وكاد يشك في نفسه انه ربما صوت لصالح منافسه، لكن الرجل رجع إلى عقله وأشار إلى أن احد مندوبيه تابع الصناديق حتى مقر الفرز في نادي المطرية، لكنه فوجئ بوصول صناديق أخرى بعد الساعة الواحدة صباحا بها بطاقات مسودة لصالح مرشح الحزب الوطني وتقدم بشكوى إلى اللجنة العليا للانتخابات.

سقطت الأقنعة من على وجه الحزب الوطني، لا فرق بين من ظننا quot;وليس كل الظن إثمquot; أنهم سيثبتون للعالم وللولايات المتحدة التي طالب برقابة دولية أن في مصر بارقة أمل للإصلاح ممن يسمون أنفسهم الحرس الجديد، لنكتشف انه لا فرق بين الحرس القديم والجديد، لقد باتت مصر الحضارة والتاريخ quot;أضحوكة العالمquot;، وهو يرى في الفضائيات هذه المهزلة التي لا تمكن أن نسميها انتخابات، لقد منعوا الشعب من اختيار ممثليه بكل حرية واغتالوا الديمقراطية في وضح النهار، بعد أن كمموا الأفواه ونجحوا في إبعاد نواب بارزين كشفوا بعضا من الفساد، ليخرجوا لنا برلمانا بلا معارضة، إن مصر لم quot;تنتخبquot; بل quot;تنتحبquot; لأنها خطفت رهينة لمصلحة طائفة من quot;المنتفعينquot; لاتهمه سوى مصالحها الخاصة، وتواصل هذه الفئة إرهاب القضاة إلا قلة من أصحاب quot;الضمير الحيquot; الذين رفضوا أن يكونوا quot;شهود زورquot; في هذه الكوميديا السوداء التي أفرزت لنا برلمان 2010.

إعلامي مصري