في 22 إبريل الماضي تم اطلاق مبادرة جديدة للأمن الغذائي والزراعي العالمي، حيث اجتمع وزراء المالية من كل من الولايات المتحدة، وكندا، وإسبانيا، وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى ممثلين عن مؤسسة بيل وميليندا غيتس الخيرية، في مقر وزارة المالية الأميركية للإعلان عن مساهمة أولية مقدارها 880 مليون دولار لإنشاء صندوق جديد لمكافحة الفقر والجوع في العالم ولمناقشة السبل الكفيلة بتقديم مساهمات إضافية من القطاعين العام والخاص حول العالم.
يشمل الاعتماد المالي الجديد - حسب تشارلز كوري، المحرر في موقع أميركا دوت غوف - التزاما أميركيا بمبلغ 475 مليون دولار، وهو عنصر أساسي في مبادرة إدارة الرئيس أوباما الرامية إلى تعزيز الأمن الغذائي في البلدان الفقيرة.
وكما تقول جوزيت شيران مديرة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة : فإن أعداد الذين يعانون من الجوع في العالم آخذة في الارتفاع في الوقت الذي تواصل فيه دول العالم النامي التعامل مع الآثار المتراكمة للأزمة المالية العالمية والأزمة الغذائية العالمية المتفاقمتين. وأكدت أن الوقت قد حان للتركيز على أمرين أساسيين هما: الاحتياجات الطارئة للجوع في جميع أنحاء العالم، والتي لم تتناقص؛ والحاجة إلى العمل مع الدول التي quot;ستكون هي التالية في كسر منحنى الجوعquot; بتحدّي الاتجاه العالمي المتفاقم للجوع.
إن أحد تلك الأماكن الأكثر صعوبة في العالم، كما يقول كوري نقلا عن شيران، هو جنوب السودان، حيث يقوم البرنامج بتوفير الطعام لأربعة ملايين نسمة. يضاف إلى ذلك الآثار المشتركة المترتبة على الجفاف والصراعات وانخفاض الدخل بسبب الوضع المالي. أما الصومال فهو يشكل مثالا آخر على ذلك، إلى جانب باكستان وأفغانستان واليمن.
النقطة المضيئة في كلام شيران، هي : quot;إن هناك جيلا جديدا من البلدان مثل رواندا وملاوي التي سوف تتبع ما حققته كل من شيلي والبرازيل والصين في العقد الماضي أو نحو ذلكquot;، في إحراز تقدم جوهري في مكافحة الجوع المزمن. وأنه quot; خلال العام 2010، سيقوم برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، بتقديم مساعدات غذائية إلى أكثر من 90 مليون نسمة في 73 بلدا.quot;
علي صفحات quot; إيلاف quot; طرحت هذا الموضوع الحيوي (7 أكتوبر 2009) تحت عنوان quot; كيسنجر وتسيجلر: حروب المستقبل quot;، مشيرا إلي أن أول من رفع شعار quot; الجوع هو حرب quot; المستشار الألماني الراحل quot; فيلي برانت quot; (1913 ndash; 1992)، الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1971 تقديرا لسياسته نحو الشرق، rlm;وقد تنبأ بأن الصراع بين الشرق والغرب سيتحول الي صراع بين الشمال الغني والجنوب الفقيرrlm;، وطالب مبكرا بنظام اقتصادي عالمي جديدrlm;، يقوم علي مبدأ العدالة بين الأغنياء والفقراءrlm;,rlm; كما طالب بquot; سياسة داخلية للعالم quot;، وبمشروع quot; مارشال quot; جديد لدول الجنوب الفقير.هذا الشعار وتلك الدعوة، كانا محور كتاب quot; كراهية الغرب quot; لعالم الاجتماع السويسري quot; جان تسيجلر quot; الذي نال عنه العام الماضي جائزة حقوق الإنسان العالمية في فرع الأدب. وتسيجلر هو أحد أصحاب الضمائر الحية في الغرب اليوم، وكتاباته وتصريحاته هي الأكثر إثارة للجدل في وسائل الإعلام، فقد وصف أزمة الغذاء التي يعاني منها العديد من سكان العالم بانها عملية quot; قتل جماعي بصمت quot; وquot; جريمة في حق الإنسانية quot;، مؤكدا أن المنظمات الدولية مسئولة عن انتشار المجاعات في العالم وتلوث البيئة وتغيير المناخ، حيث تسعي إلي تحقيق الأرباح والمكاسب المادية بكل الطرق الممكنة، عن طريق زيادة انتاج الوقود الحيوي بالتزامن مع نشرquot; المخاوف الإنسانية quot;.
المصداقية في كلام quot; تسيجلر quot; لا تعود فقط إلي كونه أكاديمي مخضرم، وإنما لأنه يعمل أساسا داخل هذه المنظمات الدولية، فقد شغل منصب (ممثل الأمم المتحدة الخاص لحقوق الغذاء)، وهو يعمل حاليا مستشارا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فقد اعلن أنه من إجمالي 6 مليار نسمة أو يزيد، هي تعداد سكان العالم، يموت 100 ألف شخص يوميا من الجوع وتداعياته المباشرة، ولا تحرك المنظمات الدولية ساكنا !
في كتابه quot; كراهية الغرب quot;، شكك quot; تسيجلر quot; في وجود السلام الكوني علي المدي القريب، فالبلدان الفقيرة هي التي تعاني من الأزمة المالية العالمية بشكل خاص، مما يؤدي إلي تنامي الجوع والبؤس والفقر، وبالتالي quot; الكراهية quot;، حيث يعاني نحو quot; مليار quot; انسان من الجوع، وهو ما اختتمت به جوزيت شيران حديثها : quot; ان الجوع أخطر التحديات الأساسية التي تواجهها البشرية الآن quot;.


[email protected]