بعد مجيء الأمريكان وسيطرتهم على البلد في 9 نيسان 2003 توقف رفع العلم العراقي على مؤسسات الدولة العراقية وبضمن ذلك المدارس ومخافر الشرطة وفي تلك الأيام الصعبة كانت المطالبة بإعادة رفع العلم العراقي تعد في الواقع مجازفة كبيرة وقد ينظر لها على أنها نوع من الحنين إلى الماضي على ما يحمله ذلك من موقف لا يمكن قبوله من الأوساط الحاكمة او من الأمريكان أنفسهم وكان أفضل ما كان يرتجى رفع علم بديل عن العلم القديم لكي يحل محله حيث حاول البعض اقتراح نماذج لهذا العلم دون جدوى بعد أن اصطدمت هذه المقترحات بشكوك ورفض البعض ممن كان يسوق لأفكار معينة.

في احد أيام ذلك الصيف المضطرب وبالتحديد في شهر ايار كنت واقفا قرب مخفر شرطة المدينة التي اقطن فيها عندما عاينت بمرارة سارية العلم وهي شاخصة دون علم فقررت من فوري مكالمة بعض أفراد الشرطة الواقفين قرب المخفر حول هذا الأمر غير مبال بما سيكون عليه ردهم لكنني تفاجات بعد أن أسمعتهم كلامي بتأييدهم لهذا المقترح بل وأصروا على إيصاله إلى ضابط الشرطة الذي وعد بمخاطبة المراجع حول هذا الأمر وبعد مضي بضعة أيام رأيت أن الأنسب كتابة المقترح في إحدى الصحف المحلية حيث حمل عددا حزيران و تموز من مجلة الأفق الجديد المحلية الصادرة في عام 2003 دعوة موجهة إلى كل دوائر الدولة لرفع العلم العراقي فوق بناياتها كتأكيد لولائنا للوطن ودعمنا لسيادته ثم كتبت بتاريخ 8 آب 2003 طلبا رسميا وجهته إلى مدير تربية ذي قار طالبته فيه بتنفيذ المقترح في مدارس المحافظة وكتابة عبارة الله اكبر بالخط الكوفي وقد وافق المدير على ذلك وأرسل استفسارا حوله إلى المراجع الأعلى حيث حصلت الموافقة على رفع العلم العراقي في جميع مدارس البلد مع كتابة عبارة الله اكبر بالخط الكوفي كما هو معروض في مقترحي وقد أسرعت إلى السيد معاون محافظ ذي قار آنذاك الأستاذ عدنان الشريفي لعرض الأمر عليه فما كان منه إلى أن أرسل تعميما إلى كل دوائر المحافظة للقيام بما يلزم حول هذا الأمر.

أن ما أثار انزعاجي بعد ذلك أن الأخوة السياسيون قد تسابقوا لإطلاق التصريحات الرنانة حول أهمية رفع العلم العراقي في إضفاء نوع من السيادة على المشروع السياسي وعلى مسيرة بناء البلد على الرغم من أنهم لم يتخذوا أي قرارا من هذا القبيل طوال الشهور التي أعقبت الاحتلال بل على العكس حاولوا طمس دور المبادرة الشعبية في تحقيق هذا الأمر وقد بينت رأي بهذا التجاهل للسيد مدير تربية ذي قار وقلت أن ما يهمني أن تظهر الحقيقة وان يعرف الناس حقيقة ما جرى بشان المطالبة برفع العلم العراقي وسلبية المسؤولين طوال الشهور الماضية فالعلم العراقي ليس علما لفرد أو فئة معينة انه علم الوطن الذي يجمعنا معا ومن يقف مع العلم فهو يقف مع حرية البلد وسيادته.
لقد سارع الجميع فور وصول التعليمات إليهم إلى رفع العلم العراقي في جميع دوائر الدولة بل واندفع البعض إلى خياطة العلم بنفسه وإعداد السارية الملائمة دون انتظار لما يقرره المسؤولون فقد أصبح العلم هذه المرة رمزا للوحدة والتلاحم بعد أن حاول البعض جر البلاد إلى الانقسام والفتنة.