تدور معركة ضارية بين المسلمين مؤرخين ومحدِّثين عن سيف كان له دور في معركة (أحد) ذلك هو سيف (ذو الفقار)، وتنبع قصة هذا السيف من اعتبارات عديدة، لانه سيف اساسا ملكُ رسول الله صلى الله عليه وسلم نفله في غزوة بدر، وقد ارتبط هذا السيف بمقتربات معقدة، منها زمني، ومنها خارج الزمن، وتشابكت في شأنه الروايات والمعارك، بين سنة وشيعة، حتى بات معضلة روائية ومذهبية وتاريخية! واتخذ له مكانا مذهلا من كلام الناس وخيالاتهم واحاديثهم، فما هي قصة هذا السيف؟
يروي لنا ابن سعد في طبقاته ثلاث روايات عن سيف النبي الكريم (ذي الفقار) وكلها تُجمع أنه سيف غنمه رسول الله في بد ر ثم نفله: (... عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غنِم سيفه ذا الفقار يوم بدر)، وعن (... بن أبي علقمة قال: بلغني، والله أعلم، أن اسم سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو الفقار، واسم رايته العقاب)، وفي الطبقات أيضاً: (... عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم، تنفّل سيفا لنفسه يوم بدر يقال له ذو الفقار، وهو الذي رأي فيه الرؤيا يوم أُحد) / المصدر 1 ص 486 / والرواية الاخيرة رواها الترمذي أيضاً / المصدر 4، 110 رقم 1561 / وكذلك ابن ماجة: (حدّثنا أبو كريب حدّثنا ابن الصّلت عن أبي الزناد عن ابيه عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنفّل سيفه ذا الفقار يوم بدر) / المصدر رقم 2808 من طبعة بيت الافكار الدولية / ورواه احمد بن حنبل برقم 2441 / ومعنى تنفله أخذه زيادة عن السهم، وحسنه أهل الحديث والدراية من علماء السنة بما فيهم الالباني، وكلها عن ابن عباس.
هذا السيف يبدا رواية بسيطة، مؤدّاها أن النبي غنمه ثم نفله في معركة بدر، ولكن تتصاعد هويته وتتضاعف خصائصه شيئا فشيئا، ليتحول من زمني إلى مفارق بامتياز.
يقول في زاد المعاد: (وكان سيفه ذو الفقار تنفَّله يوم بدر، وهو الذي أُري فيها الرؤيا، ودخل يوم الفتح مكة وعلى سيفه ذهب وفضّة) / المصدر 1 ص 130 / ولكن الالباني يضعّفه، أي يضعّف تذهيبه وتفضيضه. ثم يرى بعضهم أنه كان سيفا مزينا بالصور وغيرها، ولكن يكذِّب ذلك بعض رجال الحديث.
هذا السيف يتعرض لهزة كبيرة في أصل منشئه، فهو لم يكن من غنائم النبي في بدر، بل له منشأ أخر، فنحن نقرا في روايات الحموي في (فرائده) في الباب التاسع والأربعين بسنده من طرق شتّى عن الحافظ البيهقي إلى علي عليه السلام: (قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وآله فقال: أن صنما في اليمن مغفرا في حديد فابعث إليه فادققه وخذ الحديد، قال ــ علي عليه السلام ــ فدعاني وبعثني إليه فدققت الصنم وأخذت الحديد فجئت رسول الله صلى الله عليه وآله فاستنصرت منه سيفين، فسمى واحدإذا الفقار، والآخر مجذما، فقلّد رسول الله صلى الله عليه وآله ذا الفقار، وأ عطاني مجذما ثم أعطاني بعد ذا الفقار، ورآني رسول الله وأنا أقاتل دونه يوم أُحد، فقال: لا سيف إلاّ ذو الفقار، ولا فتى إلاّ علي).
هذا السيف إذن لم يكن غنيمة، بل هو صناعة علي، صنعه بيديه الكريمتين من حديد صنم في اليمن، وقد باركه (رسول الله) صلى الله عليه وسلم بقولته: (لا سيف إلا ذي الفقار ولا فتى إلا علي). ولكن تسمية النبي الكريم هذه لم تحافظ على مستواها البشري العادي، بل تصعَّدت خارج الحد الزمني واكتسبت حلة مفارقة خارج الحدود الزمنية.
غابت تسمية النبي الزمنية لتُستبدَل بصيحة سماوية، يروي ذلك الطبري بقوله: (حدّثنا أبو كريب قال: حدّثنا عثمان بن سعيد، قال: حدّثنا حيان بن علي،عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع،عن أبيه، عن جده، قال: لما قتل علي بن أبي طالب أصحاب الألوية، أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من مشركي قريش قال لعلي: احمل عليهم، فحمل عليهم، ففرق جمعهم، وقتل أحد بني عامر بن لؤي، فقال جبريل: يا رسول الله، إن هذه للمواساة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه مني وأنا منه، فقال جبرائيل: وأنا منكما، قال: فسمعوا صوتا (لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي) / الطبري 3 ص 116 / ويدرج الشيعة كثيرا من المصادر التي تتحدث عن هذه الصيحة، مثل الروض الآنف، وشرح النهج، ولكن العمدة هنا رواية الطبري المذكورة.
في سند الطبري (محمد بن عبيد الله بن أبي رافع) متروك ومذموم عند السنة / تهذيب التهذيب 9 رقم 531 / وعند الشيعة غير موثق / ا لمعجم رقم 11191، 11199 /
يروي ابن هشام بقوله: (وكان يُقال لسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذو الفقار، قال ابن هشام: وحدّثني بعض اهل العلم أن ابن أبي نجيح قال: نادى مناد يوم أحد: لا سيف إلاّ ذو الفقار، ولا فتى إلاّ علي) / المصدر ص 66 / والخبر ضعيف بقوله حدّثني بعض أهل العلم)، والحديث ضعيف بـ (بعض أهل العلم) كما يقر علم الحديث.
يروي الشيعة في معاني الاخبار للصدوق قوله:(ابن ادريس،عن ابن أبي الخطاب، وغيره ذكرهم جميعا، عن ابن أبي عمير،عن أبان بن عثمان، عن الصادق، عن أبيه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنَّ مناديا نادى في السماء يوم أُحد: لا سيف إلاّ ذو الفقار، ولا فتى إلاّ علي، فعلي أ خي وأنا أخوه) / البحار 20 ص 112 /، والرواية صحيحة حسب معطيات علم الرجال الشيعي.
تزداد ثروة التوجه نحو إخراج السيف من مملكته الزمنية إلى مملكة لاهوتية سماوية في رواية للكليني في روضة الكافي: (حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكندي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان،عن نعمان الرازي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال... فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى جبرائيل على كرسيّ من ذهب بين السماء والأرض وهو يقول: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلاّ علي) / البحار ص 107 /. وفي السند أحمد بن الحسن التيمي وليس الميثمي، وهو لم يوثق في علم الرجال الشيعي / المعجم رقم 501 /، وفي السند أيضاً: نعمان الرازي ولم يوثق كما جاء في معجم الرجال للسيد الخوئي / المعجم رقم 13075 /.
في هذا السياق يروي الصدوق في (عيون أخبار الرضا) بقوله:(هانئ بن محمّد بن محمود، عن أ بيه، بإسناده رفعه إلى موسى بن جعفر عليه السلام... ثم قال ـ أي النبي الكريم ــ لا سيف إلاّ ذو الفقار، ولا فتى إلاّ علي) / البحار ص 112 / والرواية ضعيفة بـ (رفعه)، كما أنه ضعيف بـ (هانئ بن محمّد بن محمود) فهو لم يوثّق أساسا.
يروي الصدوق ذلك أيضاً في (علل الشرائع) بقوله:(الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن البزنطي وابن عمير معا، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام... وسمعوا دويا من السماء: لا سيف إلاّ ذو الفقار، ولا فتى إلاّ علي) / البحار ص 71. والرواية صحيحة حسب معطيات علم الرجال الشيعي. ولكنا نلتقي في هذه الرواية مع توصيف جديد لما حصل من السماء، فهو لم يكن نداء، بل دوي، وبين المعنيين فرق كما لا يخفى.
نقرا في أمالي ابن الشيخ الطوسي: ( المفيد،عن علي بن مالك النحوي، عن أحمد بن عبد الجبار، عن بشر بن بكر، عن محمد بن إسحاق، عن مشيخته... وسُمِع يوم أُحد وقد هاجت ريح عاصف كلام هاتف يهتف وهو يقول... لا سيف إلاّ ذو الفقار، ولا فتى إلاّ علي...) نقله في البحار ص 72. والرواية ضعيفة بـ ( عن مشيخته)، كذلك في مجهولية (علي بن مالك النحوي) / المعجم رقم 8377 /. وامالي الشيخ الطوسي لم يصل لصاحب البحار بطريق قوي.
تتصاعد وتيرة الحدث في سياق الغرائب والمثيرات فإن الخوارزمي يروي في مناقب آل أبي طالب عن محمد بن إسحاق بن يسار أنه قال: (هاجت ريح في ذلك اليوم فسُمِع مناد يقول:
لا ســـيف إلا ذو الفقـــار ولا فتى إلاّ عليّ
فإذا ندبتم هالكاً فابكوا الوفيَّ اخا الوفي
يعني حمزة سيد الشهداء، قتيل ذلك اليوم سلام الله عليه) / المصدر 1، 104 /. حيث زادت عملية التصعيد عنصرا جديدا، تلك هي الريح المصاحِبة.والخوارزمي كاتب تراثي ولم نعرف مصدره، وقد مرّ بنا حديث الريح في رواية هي الاخرى ضعيفة.
ويتردد صدى السيف في معركة صفين، فهذا نصر بن مز احم يروي أن عليا كان يريد صقل سيفه، أي يمحو ما فيه من ندب وحفر ـ ولذلك سمى ذو الفقار على بعض الأراء ــ ولكن يحجزه عن ذلك أنه سمع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول كثيرا (لا سيف إلاّ ذو الفقار، ولا فتى إلاّ علي) / المصدر ص 478 طبع دار الجيل تحقيق عبد السلام هارون /، والنقطة الجوهرية في كلام نصر كونه يلتقي مع الحموي بنسبة تلك التسمية المادحة الى النبي الكريم وليس الى السماء.
تقول المصادر الشيعية أو التي تنقل عنها المصادر الشيعية إن تلك الصيحة كانت يوم بدر أيضاً، ولذا يستظهر بعض علماء الشيعة أن الصيحة كانت أكثر من مرة، في (أحد) كانت على لسان جبرير، وفي (بدر) كانت على لسان ملك اسمه رضوان، فيما يذهب السبط الجوزي إن الأصح كاننت الصيحة يوم خيبر!!! والسبط الجوزي يروي بلا سند وهو محل نظر لدى علماء السنة.
يتناول آخرون سيف (ذي الفقار) لينفوا كل هذا، فالسيف كان من حصة الصحابي المعروف أبي دجانة، اعطاه إياه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد، ليؤدي دوره البطولي المشهود ذاك اليوم.
نقرا في نص سني معتبر: ( حدثنا الوليد بن حماد الرملي، ثنا عبد الله بن الفضل... قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: من يأخذ هذا السيف بحقه، فقام علي فقال أنا يا رسول الله، قال: أقعد فقعد، ثم قال الثانية من يـأخذ هذا السيف بحقه فقام أبو دجانة الثانية فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه سيفه ذا الفقار، فقام أبو دجانة فربط على عينيه عصابة حمراء، فرفع حاجبيه عن عينيه من الكبر، ثم مشى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف). والرواية صحيحة حسب معايير علم الرواية السني.
هذه الرواية نجد لها أثرا في سيرة ابن إسحاق: (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقام إليه رجال فأمسكه عنهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة،أ خو بني ساعدة، فقال: وما حقّه يا رسول الله؟ فقال: أن تشرب به العدو حتى ينحني، قال أنا آ خذه يا رسول الله بحقه، فأعطاه إياه، وكان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال عند الحرب...) / المصدر ص 44 / ونلاحظ بكل بساطة معركة النص بين الشخوص، أو لصالح الشخوص، فإن الطبراني يذكر إسم الصحابي ألذي أمسك عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهو علي بن أبي طالب بالنص،فيما يخفي ذلك صاحب السيرة، ويموه عليه بأنه ليس رجلا واحدا بل أكثر من واحد. والنص السني يذكر إسم علي با لخصوص لينفي الرواية الشيعية التي تقول أن السيف قد أعطاه النبي الكريم لعلي عليه السلام، ولكن من حق الناقد أن يسأل عن مدى موضوعية إعطاء السيف لأبي دجانة لتعهده بإمضاءه حربا ضروسا بحق المشركين، ولشجاعته، فيما يحرم ذلك عليا عليه السلا م، وهو المعروف بشجاعته وإخلاصه للرسول، والمعروف ببلائه الحسن في بدر!!
يشن الخطاب السني حملة شعواء على الخطاب الشيعي في هذه القضية، فهذا صاحب كتاب (لسان الميزان)يشرّح أحد رواة السيف لصالح علي، ذلك هو الراوي الشيعي عيسى بن مهران، بسبب روايته عن أبي رافع ــ وهي رواية الطبري الضعيفة أصلا ــ أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم سلم السيف لعلي، وقد اقترن ذلك بتلك الصيحة السماوية المدوية، أي لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، حيث يصف صاحب (لسان الميزان /الذهبي) هذا الراوية ـ عيس بن مهران ــ بالكذاب وأنه كان من مردة الرافضة وشياطينهم، وذلك على لسان الخطيب البغدادي / لسان الميزان ص
نحن بين يدي سجال مناقبي، ويبدو أن السيف تحول إلى مشكلة مناقبية، ودخل دروبا من الميتافيزيا والخيالات، ودخل التاريخ من أوسع أبوابه، فقد ارتبط بأحد وخيبر وبدر، وصار صوتا في السماء، وصدى في الأرض...
فيما هو قطعة حديد!
كان غنيمة، ثم صار نفلا...
ليس له فضيلة على بقية السيوف، ربما لكونه سيفا متميزا بحدته، بطوله، بشكله، بثقله، بمادته، لا يهم، فهو كان وبقي سيفا...
وهل هي المرة الأولى التي فلق فيها علي بن أبي طالب هامات المشركين وهم يريدون الانقضاض على الإسلام والمسلمين؟
تحرك السيف في دروب غريبة عليه لسبب بسيط، ذلك لأنه صار محل نزاع بين قوم وأخرين، وأصبح محل نزاع لأن المُقلِّد هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لو كان المقلِّد شخصاً آخر لما تواصلت بحقه هذه المسيرة من السجال المناقبي، وهذا التصاعد في الهوية والمنشأ والمادة والدور، حتى لو أدى أدوارا ضخمة في المعارك والغزوات.
الشيخ المفيد ينافح عن قضية السيف هذا في كتابه ( الإرشاد) وهو الكتاب الشيعي التاريخي الوحيد أو يكاد يكون الوحيد الذي يتسم ببعض المنهجية التاريخية كما أعرف.
يروي المفيد حوارا مطولا بين أحد رواة الشيعة وبين ابن مسعود، وفيه يتطرقان إلى ثبات الإمام علي عليه السلام يوم هرب الجمع في معركة أحد، فيتطرق في الأثناء إلى الصيحة السماوية بحق سيف ذي الفقار، ولما يسأله الراوي عن الكيفية التي عُرِفَ بها أن الصيحة المذكورة هي صحية جبريل يجيب ابن مسعود (سمع الناس صائحا يصيح في السماء بذلك، فسألوا النبي صلى عليه وآله وسلم عنه فقال: ذاك جبريل) / إرشاد المفيد 1ص 85 /.
وهو سؤال شاك بطبيعة الحال، والجواب ليس كافيا، ذلك أن الناس لم ترو هذه الصيحة، أي الناس الذين شاركوا في المعركة، على ان الراوي هو (زيد بن وهب) لم يوثق في كتب الرجال الشيعة / المعجم رقم 4888 / وفي رجال السنة موثق إلا من يعقوب بن سفيان إذا قال (في حديثه خلل كثير) / التهذيب 3 رقم 781 /.
يروي المفيد في كتابه (الإرشاد) قضية الصيحة عن (محمد بن مروان، عن عمارة، عن عكرمة) وفي سياقات تختلف عن سياقات الروايات الاخرى، والرواية مرسلة بطبيعة الحال، كما أن محمد بن مروان هو محمد بن مروان السّدي متروك عند السنة / مغني الذهبي رقم 5966 / ثقة عند الشيعة!! ويروي المفيد ذلك (عن الحسن بن عرفة عن عمارة بن محمد،عن سعد بن طريف) وهذا الاخير تدور حوله مشاكل رجالية كثيرة / المعجم رقم 5043 /
يروي المفيد ذلك أيضاً في (الإرشاد) عن (علل الشرائع) بقوله: (الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن البيزنطيّ وابن أبي عمير معا،عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام... وسمعوا دويّا من السماء، لا سيف إلا ّ ذو الفقار، ولا فتى إلاّ علي)، والراوية صحيحة حسب معطيات علم الرجال الشيعي، نقله البحار ص 70.

لا أريد أن اخوض بصحة وعدم صحة هذا الحديث أو ذاك، ولكن أقول أن قصة هذا السيف لا تختلف عن الكثير من القصص التي نقرأها في السيرة البنوية، تبدأ بسيطة عادية، ثم تاخذ بالخروج عن مساقها الزمني، وبالنسبة لي أقول إذا ثبت ان السيف هو لعلي عليه السلام، فان هناك تسمية وليس صيحة، تسمية النبي وفيها ما يكفي.
لقد تحول السيف إلى قضية معقدة بين السنة والشيعة، وصار محل سجال فكري وعقدي وتاريخي، وأرهق القلم السني والشيعي على السواء، وبالنظر إلى ما قيل وقالوا في هذا السيف، نرى أن الفضيلة صارت للسيف أكثر مما صارت لحامل السيف، ويقال هنا أن بعضهم كان قد أمتدح سيف الزبير لذبه عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فامتعض الزبير، ذلك أنه كان يريد المدح لساعدة الذي هو أعطى للسيف قيمته وليس العكس.
إن بعض روايات السنة صحيحة في ظل معطيات علومهم الرجالية والحديثية، كما أن بعض روايات الشيعة صحيحة في ظل معطيات علومهم الرجالية والحديثية، ولكن للأنصاف إن الأرجحية بشكل إجمالي للرواية الشيعية، ذلك أن هناك مؤيدات لها من الطرف السني، ولكن سواء كان حامل السيف عليا أو أ با دجانة، فإن الأمر سيان بالنسبة لي، فكلاهما صحابي، وكلاهما ذب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وأله، وكلاهما أبلى بلاء حسنا كما تقول الروايات، فلا أدري لماذا هذا السجال؟ ولماذا تتهرق في سبيله دماء ويتسبب في فراق؟
لا أدري.