الحكومة المرتقبة التي من المؤمل أن تتشكل بالتوافق او الاتفاق او التفاهم بين القائمة العراقية بقيادة السيد أياد علاوي وقائمة دولة القانون بقيادة السيد نوري المالكي، والتي كما تنقل المصادر تحظى بمباركة أمريكية، بل هي قرار أمريكي نهائي، وفي نفس الوقت تحظى برضا إيراني عن اضطرار، هذه الحكومة فيما تشكلت حقا، ستكون أسوا حكومة في تاريخ العراق... وذلك مهما كان رئيس الوزراء، سواء كان من القائمة العراقية أو قائمة القانون!

لماذا؟
أولا: أنها تفتقد الى التجانس الفكري والنظري بين الكتلتين، فضلا عن أنّ للسيد أياد علاوي اعتراضات ضخمة وبالصميم على الكثير من مواد الدستور، وفي مقدمتها ما يخص صلاحيات رئيس الوزراء، فهو يدعو الى تقليصها الى حد كبير، فهل سيقبل المالكي بذلك فيما إذا كان هو رئيس الوزراء في هذه الحكومة، وهل سيبقى السيد علاوي على موقفه هذا فيما إذا كان هو رئيس الوزراء؟ بل هناك أكثر من مسالة خلافية بين القائمتين، فكيف يتم التوافق والتراضي و التفاهم، وكم من الوقت يتطلب ذلك، وكيف يمكن السيطرة على الاختلا فات فيما اشتدت واحتدت؟
ثانيا: إنها عرضة لتجاذبات الصراع الاقليمي في العراق وعلى العراق، فإن هذا الصراع سوف ينعكس على بنية هذه الحكومة، على قائميتها، العراقية والقانون، خاصة وأن العراق ما يزال يعاني من هشاشة دستورية، وأمنية، واقتصادية، ومازالت الساحة العراقية تضج باجندة تستمد قوتها ومواقفها من دول الجوار، ولا يمكن لأي من القائمتين أن تتحرر من ضغط هذه الدولة الجارة أو تلك، وليس هذا بخاف على العراقيين بشكل عام.
ثالثا: لا يمكن لشخص قوي وصبور ومحنك مثل اياد علاوي ان يقبل بمشاركة بعيدة عن التواجد في صميم الدولة، مؤسسا تها، ودوائرها المتقدمة، سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا، ومن المعلوم أن مفاصل الدولة العراقية بشكل عام هي بيد حزب الدعوة بشكل وأخر، أن صراعا شرسا سيخوضه الدكتور علاوي على هذا الصعيد، وفي هذا السياق يمكن أن اسال للمثل والتوضيح، ترى هل سيوافق السيد أياد علاوي ان يكون سفير العراق في واشنطن (داعية، خاصة إذا كان لهذا (الداعية) علا قات (ملغزة) مع مسؤول امريكي هو الأخر لغز؟
رابعا: يختزن الوضع العراقي مشاكل عميقة، وهناك ملفات شائكة محل خلافات معقدة بين القائمتين اصلا، منها قضية العلاقة مع ايران،ومنها قضية الصحوات، ومنها قضية اجتثاث البعث، ومنها مشروع المصالحة، فهل هناك من الزمن والشفافية ما يكفي او يفي بحل مثل هذه الاختلافات؟
خامسا: للعراقية علاقات قوية مع أطراف هي على خلاف بل على الضد من قائمة القانون، وحسب تصوري أن من قواعد اللعبة في سياسة اياد علاوي عدم قطع أي علاقة مع الأخر،وابقاء شعرة معاوية، مما قد ينعكس على العلاقة بين القائمتين بشكل وأخر.
سادسا: كثيرا ما تؤكد العراقية بان وزارتي الداخلية والدفاع مسيستان، وأن للمحاصصة الطائفية الدور الرئيس في تسيس وبناء وتوجيه كل منهما ، مما قد يؤدي الى طرح مشروع إعادة تشكيل كل منهما من طرف العراقية، وقد يجد المقترح صدى لدى الكثير من قطاعات الشعب العراقي، أو مكوناته بتعبير أدق، فما هو موقف قائمة القانون؟ وكيف سوف تتصرف إزاء هذا المقترح؟
سا بعا: وللما ضي حسابه، فأن السيد المالكي كثيرا ما اتهم السيد أياد علاوي بالتآمر على العملية السياسية، وأن السيد علاوي كثيرا ما شكك بالعملية السياسية أصلا، فهل تسدل المصلحة المشتركة الستار على الماضي؟ وهل هناك من مصلحة مشتركة واضحة المعالم والخطوط كي تما رس مثل هذا الدور الخطير؟
إن حكومة تضم الدكتور اياد علاوي والسيد المالكي مشاركة من الخيالات، فيما إذا كان الامل هو حكومة متجانسة قوية... لأسباب شخصية وفكرية واقليمية وربما دولية، ولذلك قد تتشكل حكومة مشاركة بين القا ئمتين، ولكن لا تتشكل حياة سياسية مستقرة...
يتوقع كثير من المتفائلين أن مشاركة القا ئمة العراقية قد تساعد على انفتاح العالم العربي على العراق، ولكن هؤلاء المتفائلين ينسون أن هذا الانفتاح (قد) يصعد من الصراع بين ايران والدول العربية المنفتحة داخل العراق أكثر ، خاصة وقد وجدت لها أجندة قوية داخل بنية الحكومة، ولبنان تجربة ماثلة امامنا، لانها تعيش ذات المعطيات تقريبا.