لم يشترك برهم صالح في ثورات جبال كردستان كأحد مقاتلي البيشمركة، وإقتصر دوره بالعمل داخل التنظيمات السرية بمحافظة السليمانية.ولهذا السبب لازمه شعور طوال الفترة اللاحقة عند تعامله مع رفاقه الآخرين، وهذا ما أضعف شخصيته في جميع المواقع الرسمية والحزبية التي إحتلها لاحقا.

وبرهم الذي ينحدر من عائلة أرستقراطية معروفة في السليمانية، وعاش حياته متمتعا برفاهية ونعومة العيش، وساعد إنتماء والده الى السلك القضائي في عهد النظام البعثي السابق، على إفلاته من قبضة أجهزة النظام، ومن أحكام الإعدام التي كانت تتوالى من النظام السابق على أعضاء التنظيمات السرية المكتشفة، ورغم أن برهم حسب بعض المصادر قد ألقي القبض عليه في فترة من الفترات باعتباره عضوا في التنظيمات السرية، ولكن موقع ومكانة والده ساعداه على الإفلات من العقوبة، وسافر على إثر الإفراج عنه الى الخارج لإستكمال دراسته. وإستقر في بريطانيا ببداية وصوله الى أوروبا لاجئا، ثم إنتقل الى الولايات المتحدة ليعين هناك مديرا لمكتب الإتحاد الوطني منذ بداية التسعينات.

هل نجح برهم صالح في إدارة حكومة كردستان2

وظل برهم بعيدا عن كردستان لسنوات طويلة، ولكن الإدارة الأمريكية التي كانت تستعد لدراسة خطط الإطاحة بنظام صدام حسين، جاءت ببرهم الى كردستان وساعدت تنصيبه رئيسا لحكومة الإقليم التي كانت تحت سيطرة الإتحاد الوطني في السليمانية.

وبعد سقوط النظام تطلع برهم الى إحتلال منصب رفيع في الحكومة العراقية، وتحقق له ذلك بمباركة أمريكية، حيث أن برهم كانت له علاقات وطيدة ببعض موظفي الإدارة الأمريكية وأعضاء الكونكرس بحكم تواجده لأكثر من عشر سنوات في الولايات المتحدة مديرا لمكتب الاتحاد الوطني وإنشائه لعلاقات متشعبة مع رجال الأدارات هناك .

وهكذا إحتل برهم منصبا تشريفيا كنائب لرئيس الوزراء العراقي في حكومة أياد علاوي. وكان جل ما قدمه برهم في مناصبه ببغداد سواء عندما إحتل منصب نائب رئيس الوزراء مرتين، أو عند تعيينه وزيرا للتخطيط، لم تعدو سوى قضاء دوامه الرسمي الروتيني دون أن يستطع تقديم شيء يذكر لضعف شعبيته في الوسط السياسي العراق وقلة صلاحياته فلم يترك بذلك أي بصمة على القرار السياسي في العراق.

وبعد أن تقرر إعادة حكومة الإقليم الى الإتحاد الوطني وبحكم العلاقة القوية التي تربط برهم بالرئيس جلال طالباني بإعتباره أحد الموالين لجناحه الحزبي، وكذلك بحكم كونه نائبا لرئيس الإتحاد الوطني، فقد تم ترشيحه لتبوء رئاسة الحكومة إثر الإنتخابات البرلمانية الكردستانية الأخيرة بإعتباره الشخص الثاني المقبول امريكيا بعد طالباني في سلم قيادة الإتحاد الوطني.

على المستوى القيادي معروف عن برهم صالح، وهذه معلومات أخذتها من العديد من المصادر القيادية داخل الإتحاد الوطني نفسه، أنه شخص متردد في إتخاذ قراراته، فهو إذا لم يستشر أكبر عدد من قياديي حزبه، فلا يجرؤ على إتخاذ أي قرار حتى إن كان القرار من صلب صلاحياته، وهذا نابع من خوفه من ردود أفعال رفاقه في القيادة، وسعيه الدائم لإرضاء الجميع. وهذا بحد ذاته يعتبر ضعفا، لأن المواقع التي إحتلها برهم طوال سنوات عودته الى كردستان، هي مواقع قيادية مهمة لا يستهان بها، وهي مواقع تتطلب بعضا من الجرأة، خصوصا وأن الكثيرين من رفاقه في الحزب تورطوا مؤخرا في مستنقع الفساد وأصبحت لهم مصالح شخصية ونفوذ في الوسط السياسي الكردستاني، لكن برهم عجز عن مواجهتهم، خصوصا فيما يتعلق بملف الفساد.

يسعى برهم صالح في أي موقع يحتله الى إكتساب أكبر قدر ممكن من الضوء الإعلامي، فطموحاته الإعلامية كبيرة جدا، لذلك لم يتردد من إنشاء مؤسسة إعلامية خاصة به في كردستان بالاستفادة من تمويل أمريكي، وهي مؤسسة خندان للصحافة والنشر، وتأسيس فضائية عربية في بغداد وهي قناة الحرية.وأصبحت خطبه ولقاءاته وصوره تحتل واجهة تلك المؤسسات الإعلامية التابعة له بهدف التسويق الإعلامي لشخصيته.

أما من ناحية العلاقات الإجتماعية، فهو شخص منعزل ويبتعد كثيرا من الإختلاط بالناس، ومن النادر جدا أن يلتقي برهم صالح بالشخصيات الإجتماعية في كردستان، ويصب كل إهتمامه بلقاء المحيطين به من الوزراء ورجال الإدارة العاملين بمعيته، وهذا الذي أفقده الدعم الشعبي.

وأهم ما يميز برهم عن بقية مسؤولي وقيادات الإقليم، أنه شخص لا يلتزم بوعوده. وهذه خصلة يعرفها عنه الكثيرون من رفاقه بالحزب، وإنسحب ذلك على وعود سبق أن تعهد بها لشعب كردستان في برنامج حكومته دون أن يفي بها، مثال على ذلك إعلانه عن إنشاء جامعة رانية التي وضع لها حجر الأساس قبل عدة أشهر، لكنها بقيت على حالها دون أن تضع حكومته طابوقا واحدا على البناء. وعلى أساس هذه الخاصية المعروفة عنه فإن كثيرا من رفاقه في الحزب والآخرين ممن يعملون معه في المواقع التي يشغلها لا يثقون بوعوده، لأنه سرعان ما يتراجع عن وعوده بمجرد تلقيه نقدا أو تدخلا حتى ممن هم دون موقعه ودرجته الحزبية، وهذا نابع من خوفه من مواجهة الآخرين، وبذلك يخسر برهم أهم ميزات الشخصية القيادية، وهي الجرأة والمواجهة والصدق والإيفاء بالوعود.

كل هذه الأمور دفعت بالآمال المعلقة على برهم صالح أن تتضاءل، وأن يتذمر الشعب الكردستاني من حكمه ووجوده على رأس الحكومة الحالية ويستعجل إنتهاء ولايته بسبب فشله في تحمل عبء إدارة حكومة الإقليم.

[email protected]