أوصلتني مجموعة عربية وكردية الى قناعات تستحق الأهتمام والملاحقة والتأييد بعد أن لوحظ أن أي مشروع عراقي لنشر الديمقراطية وتعميم الفدرالية لايحضى بتأييد الرجلين quot; المالكي والبرزاني quot; وحزبيهما مصيره الفشل وترفضه القوى السياسية الأخرى. فماهي الحاجة الى عراقية المالكي وعراقية البرزاني؟

المصادر المقربة من حزب الدعوة ومن الحزب الديمقراطي الكردستاني توحي بأمكانية حل معظم أزمات البلاد الحقيقية لو تم جمع المالكي والبرزاني في بيئة حوارية أيجابية.
والرأي السائد هو أن العراق في أوقات تاريخية عصيبة كهذه يسعى، للأبتعاد عن سيادة روح القومية والطائفية وتتصارع لتحقيق هذا الهدف، الأحزاب العلمانية والمذهبية في مهمة دفع أكبر قدر مفهوم من الديمقراطية والفدرالية والعدالة الأجتماعية في دولة لاتنقصها الذرائع والحجج للتخلي السريع عن أبسط تعاريف الحياة العصرية، حيث وضع العراقيون العديد منا على قائمة صليب الموت لمناداتنا بالفدرالية ووضع لبناتها الأساسية وباءت زيارات بايدن وأقتراحاته بالفشل وأعطتْ لرئيس الوزراء نوري المالكي زخماً مهماً في تمثيل أرادة عراقية كاملة برفضه لمشاريع التقسيم ورفضه أضافة مجالس هزيلة كالمجلس المقترح quot;لللسياسات الأستراتيجية العليا quot; وعدم السماح لشركات النفط الامريكية من الاستثمار في الاقليم الكردي الا بعد موافقة السلطات المركزية في بغداد.

والمعرفة المبدئية لنجاح فدرالية الدولة العراقية تكمن في أولوية النضج الفكري quot;وطنية العراق في وطنية أهلهquot;، ولن يكتمل هذا النضج أِلا بتثبيته كثقافة عامة. ولن يكون خبراً جديداً للخلاف الفكري الواضح لشريكين، لم تتم بينهما شراكة حقيقية quot; المالكي والبرزاني quot; وتأييد حزبيهما ( الدعوة والديمقراطي الكوردستاني ) للسياسة التي ينهجها كل واحد منهما. وذلك شيئ مؤسف ومُسبب للأضطراب الفكري وتُفتقد فيه المسؤولية بشعور الشخص وأشخاص أخرين بعدم الأنتماء الكلي الى بلدهم الأم كالذي نراه في أرتماء قيادات عراقية الأصل في أحضان مشاريع دول الجوار.

وبمتابعة التاريخ النضالي للرجلين فأن أنتمائهما لتربة العراق لاتشوبها أي شائبة وطنية قومية أو مذهبية، وأنحيازي الى المالكي والبرزاني يعود الى الوعي المكتسب للبرزاني منذ أنفصال الأقليم الكردي عن جسم العراق في عهد الرئيس السابق صدام والدعم الأمريكي المشروط للأقليم في حينه، وأدراكه الأستراتيجي الشخصي بأن هذا الوليد الكردي لن تتاح له فرصة البقاء أِلا تحت ظل فدرالية الدولة العراقية، وفدرالية الدولة ليست مرحلة زمنية تتغير بتغير حكومة أو حزب سياسي أو ميول شخصية كما قد يعتقد البعض في أحزاب وكتل سياسية أخرى. أنها الأستثناء والخيار المطلوب لسيادة ثقافة، تُدرس وتُطبق في محافظات الوسط والجنوب كما تسيدت في الأقليم الكردي بضم محافظات كردية لحكومة فدرالية وخطت خطوات ناجحة بفدراليتها التي أقرها الدستور وأعترف بها المركز.

وحسن فهم الأدارة العراقية للفدرالية ووضعها موضع التطبيق العملي يتطلب منا ألقاء نظرة على النموذج القيادي للمالكي وتجربة الأقليم الكردي تحت أدارة البرزاني، حيث أوقعتهما الظروف التاريخية الشخصية وما يمثلونه من ثقل اجتماعي في وسط دائرة التحدي للحفاظ على امن وتربة وسيادة العراق.

الشخصيتان تتمتعان بسلطة أدارة رسمية(حالية)، فالأول في قلب السلطة المركزية والثاني من يدير سلطة أقليمية بنسبة عالية من النجاح مع أقراره بوجود خلافات ناجمة عن تفسير كل طرف للدستور على مزاجه.

والظرف العصيب الحالي يُمكنهما من أعادة النظر في العديد من مواقف العداء الداخلية وتصحيحها والحوار بما أقره لهما الدستور الحالي من واجبات. كما أن علاقاتهما الرسمية والتاريخية والدينية مع دول الجوار تتميز بالثبات ولها تأثير مباشر على الكتل السياسية العراقية وتوابعها وتفرعاتها وفقاعات سياسية هنا وهناك وبأستطاعتهما الوصول الى عمق المليشيات المسلحة المنضبطة وغير المنضبطة. كما أنهما محور الخلاف العراقي الدستوري وماقد يطرأ عليه من تعديلات أو تغيير ولهما حزبان بتاريخ نضالي مُسجل بتضحيات عراقية وطنية قارعتْ السلطة الدكتاتورية السابقة والبعث الشوفيني، كما تتوفر للشخصيتان فرص تاريخية مُميزة لِما لهما من أفكار وأنفتاح أممي لتحسين علاقات العراق مع الدول الخارجية لو أستطاعا تجاوز عقدة الخوف والشك التي زرعها البعث العشائري في عقولهما، ولو تعهدا بضمان وحدة تربة العراق تحت ظل النظام الفدرالي.

وتجيئ تصريحات المالكي للواشنطن بوست وقوله أن quot; الحكومة العراقية تريد بناء دولة مواطنين وليست دولة طوائفquot;.وأضاف أن quot;بغداد تعارض التدخل الأجنبي في شؤونها الداخليةquot;، تجيئ كملاحظات هامة لها دلالاتها التأثيرية مع تقيمها بمهمة جوزف بايدن نائب الرئيس الأمريكي وزيارته الى بغداد وأربيل للأطلاع على سير الديمقراطية والفدرالية و المشاركة في اجتماعات لجنة التنسيق الامريكية العراقية العليا وعملية أنسحاب أواخر القوات الأمريكية بنهاية هذا الشهر.


[email protected]