ليس في وسع الرئيس باراك اوباما و ضيفه رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي، تجاهل قضية أشرف و تلك المهلة التعسفية التي حددها المالکي لإغلاق المعسکر في 31/ديسمبر/2011، خصوصا وان هناك حملة إعلامية و سياسية غير مسبوقة للترکيز على مسألة تلك المهلة و الخطورة التي تشکلها و التداعيات الناجمة عنها.

نوري المالکي الذي يذهب الى واشنطن و في جعبته رکام کبير من المشاکل و الازمات المختلفة التي يعاني منها و من الممکن جدا أن تعصف به بعضها و تزيحه عن منصبه مالم تعالج أو على الاقل يحسم أمر خطورتها، ويقينا أن أهم المشاکل و الازمات التي ينوء تحت طائلتها المالکي، مصدرها و منبعها الاساسي نفوذ النظام الايراني في العراق و عدم وجود قرار سياسي عراقي بالمعنى الحرفي للکلمة، حيث أن موقف الحکومة العراقية من الثورة السورية و تإييدهاquot;المخجلquot;للنظام الدموي لبشار الاسد، و کذلك موقفها العنيف و اللاإنساني من قضية أشرف و إصرارها على إغلاق المعسکر بحلول نهاية هذا العام، بالاضافة الى التجاذب و التضارب السياسي داخل العراق و مشکلة الامن، والتي کلها تعود أيضا لنفوذ نظام رجال الدين في طهران، وقطعا فإن اوباما ليس من الغباء بحيث لايدرك قوة الدور الايراني في العراق و الحجم الحقيقي لنوري المالکي قبالة ذلك، رغم ان المالکي سيحاول الايحاء جاهدا بأن معظم تلك القرارات و المواقف نابعة اساسا من مصلحة و رؤية عراقية خالصة، لکنه يتناسى بأن الحقائق الموجودة على الارض ستدحض مزاعمه و تفضح حقيقة ممارسته لکذب علني و من دون مواربة من أجل التستر على دور و نفوذ النظام الايراني في العراق.

باراك اوباما، ذلك الرجل الذي أخرج زعيم القاعدة اسامة بن لادن من مخبئه مقتولا، هو نفسه عليه أن يستمع لنوري المالکي بدقة و ان يفسر المعاني الضمنية التي تقبع خلف و بين الاسطر، وان نجاح المالکي في إقناع اوباما بوجهات نظره ازاء المسائل و القضايا التي سيطرحها على بساط البحث، سوف يعتبر إنتصارا لسياسة النظام الايراني في العراق، بل يجب على اوباما أن يتخذ نفس موقف الرئيس الامريکي الاسبق رونالد ريغان من السوفيت عندما کان في محادثات معهم بشأن الصواريخ البالستية حيث قال: أنا أثق بکم، لکن سأمحص الامر! إذ من المهم أن تخضع کل مواقف و آراء المالکي لعملية غربلة دقيقة کي يتم نفض غبار الملالي عنها، و الخلاصة المتبقية ستشکل الموقف العراقي الخالص و قطعا سيکون الامر بمثابة کارثة عندما يجد اوباما أن نسبة الموقف العراقي امام تأثير النظام الايراني لاتشکل حتى 20%!

الرئيس اوباما، مسؤوليته جسيمة أمام ضيف يتکلم بلسان عراقي ولکن بخطاب يصب في مصلحة ملالي طهران و قم، خصوصا وان الموقف الايراني يمر بمرحلة صعبة جدا و في حاجة ماسة لکي يفرض سياقات و إتجاهات في الخطوط العامة للسياسة في المنطقة تخدم مصلحة و أجندة الملالي.

ونعود الى قضية أشرف، التي تبدو واحدة من أهم و أخطر القضايا التي يمکن خلالها التأکد من إستقلالية و سيادية الموقف العراقي، خصوصا وان المهلة التعسفية التي حددها المالکي قوبلت و تقابل بإستهجان و إستنکار دولي مفرط و ان المضي قدما بها ستقود الى مذبحة جماعية تشکل وصمة عار في جبين الولايات المتحدة الامريکية مالم تبادر الى تحمل مسؤوليتها و الضغط على المالکي لکي يعدل عن عن مهلته التعسفية، ويقينا ان اوباما سيطلب من المالکي إيضاحات بشأن أشرف، لکن الاخير سيؤکد له و بلسان إيراني مبين(ان کل شئ على مايرام)! وهذا الذي يجب أن يقلق اوباما و يدعوه للتوجس ريبة من کل الاحتمالات السلبية مستقبلا، لکن السؤال الاهم هو: هل سيبادر اوباما الى إتخاذ موقف صارم من المالکي بحيث يعيده الى رشده السياسي العراقي الحقيقي؟ هذا ماستکشف عنه الايام القليلة القادمة و تحديدا في 31/ديسمبر القادم!