لا أدري لما كل هذا التهجم عبر قنوات مختلفة على الذين سعوا لحشد الدعم لمظاهرة 20 فبراير،و التي تحمل مطالب مشروعة،لا يمكن أن ينزعج منها حتى القصر،لأن الملك محمد السادس ما فتأ يؤكد في خطاباته على الدفع بالبلد نحو مسارات أكثر ديمقراطية.

أعتقد أن هذا الشباب الذي قرر أن يخرج إلى الشوارع للتعبير عن سخطه ورفضه لوضع معين، من المفروض الاستماع إليه، و المعاكسين لمثل هذه التظاهرات لا يمكن أن يفعلوا ذلك إلا من باب الخوف على مصالحهم الخاصة،أو التملق بطرق لم تعد تجدي لجهات في مصلحتها تكريس مفهوم المخزن.

الشباب المغربي بلغ مستوى من النضج،و أصبح قادرا أن يقرر في مصيره لوحده انطلاقا من حياة سياسية حقيقية،بدون أي وصاية عليه من أي جهة كانت،و إن احتج على غرار أقرانه في بلدان عربية أخرى، فلأنه يساير عصره، و هو اليوم مستعد لأن يقول كلمته في حاضر و مستقبل بلده.

و لا نستغرب عندما تشتكي أحزابنا باستمرار من العزوف السياسي، و النسب التي تصل بها إلى الحكومة مخجلة جدا، ما يفقدها شرعيتها الشعبية، و بالتالي تكونت لدينا حكومات الواجهات فقط، نجد فيها مثلا السيد عباس الفاسي و مجموعته يسيرون في واد، و مجموع الشعب المغربي في واد آخر.

دعوا الشبابب يسير... دعوه يعبر... و المطلوب من حكماء البلد اليوم مصاحبة هذا الحراك بطرقة ذكية،و التي لا يمكنها في الأخير إلا أن تخدم توجه عام رسمته الدولة نفسها،تصالحت بموجبه الإدارة،إلى حد ما،مع مكونات الشعب المغربي.

و انتقل البلد بالكثير من الإرادة من مرحلة خدمة الحاكم و الشخص الواحد،إلى عمل هذه الدولة على إرضاء المواطن و توفير حاجياته و إن بطريقة غير مقنعة حتى الآن.
فالخروج من الوضع الحالي و التأسيس لبداية بأبعاد تنال إجماع مكونات الشعب المغربي،رهين بالتناغم مع تطلعات الشارع،الذي يشكل فيه الشباب السواد الأعظم في الوقت الحالي.

و الأكيد أنه بالاستماع لأصوات هؤلاء الشباب، يمكن أن يكسب البلد طاقة أساسية في ربح الوقت و تفادي أي معاناة ممكنة، و المرور بدون متاعب جانبية إلى عمق الإشكالات الكبرى في التنمية المغربية بتمظهراتها.

فهذه المظاهرة ستكون بمثابة محرار لقياس أولا مستوى سخط الشباب على الأوضاع،و ثانيا مدى التفافه حول المطالب التي يرفعها البعض منهم،و بالتالي تكوين فكرة عن الوعي السياسي لشريحة مهمة في مجتمعنا المغربي، ستحفز الملك لا محالة على الدخول في إصلاحات سياسية من جيل جديد.