كنت في حالة من الذهول لرد إسرائيل الوقح على محاولة الرئيس الأميركي أوباما الذي إستعمل أقصى قدراته الديبلوماسية وبلاغته الخطابية لإقناع الحكومة الإسرائيلية بأن إنهاء الإحتلال للضفة الغربية هو الضمانة الوحيدة لحماية الديمقراطية الإسرائيلية... لأن تغييرات المنطقة عاجلآ أم آجلآ ستفرز ديمقراطيات تتبنى تغييرات في الرأي العام يتمثل في إستمرار حالة العداء لإسرائيل نظرا لإنتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان الفلسطيني وللمجتمع الدولي..

وقد تصل هذه الديمقراطيات في ظل التعنت والرفض الإسرائيلي المستمر للسلام إلى تبني الحل الأمثل للصراع الذي قد يكون دولة ديمقراطية واحدة لكل مواطنيها.. مما سيذوّب التعداد اليهودي في مثل هذه الدولة.. وسيصّعب آنذاك على الدول الغربية جميعها الرفض للديمقراطية التي أيدتها ضد حكومة جنوب افريقيا العنصرية سابقا.. والتي تؤكد التحليلات على أن نظام التفرقة العنصرية الذي تتبعه إسرائيل حاليا يفوق النظام الذي كان سائدا في جنوب أفريقيا.. إضافة إلى رفض إسرائيل المستمر الإلتزام بأي من القوانين التي صدرت عن المجتمع الدولي تحت كل الذرائع حتى أوهنها حجة مما سيجعلها دولة خارجة عن القانون وسيصعّب على الولايات المتحدة الإستمرار في مهمة الدفاع عنها...

ولكن صدمتى حين قراءة جريمة الشرف المنشورة على إيلاف اليوم والتي راحت ضحيتها فتاة جامعية من الخليل وبإعتراف عمها ومساعدة إثنين من رفاقة على تقييدها ورميها في بئر تحت ذريعة أنها جريمة شرف.. طمعا وأملا في تخفيف العقوبة على خلفية الأحكام المخففة كانت أشد وطأة لأمرين..

الأول.. أنها تؤكد ذريعة إسرائيل المتكررة بإدعائها بأن الفلسطينيون مجتمع متخلف وبربري يخشون منه على أرواحهم.. وأن العنف لا زال ثقافة مجتمعية بدليل تواطؤ أصدقائة في علمية القتل البربري...
والثاني.. كيف ولماذا لا يزال العمل ساريا بقوانين لا تنتمي للإنسانية.. والفلسطينيون يناشدون العالم كلة للوقوف بجانب حقوقهم الإنسانية العادلة...؟؟؟

القرار الذي صدر عن الرئيس الفلسطيني أبو مازن بتعديل القوانين المعمول بها بما يتلاءم مع الإتفاقيات والمبادىء الدولية المتعلقه بحقوق المرأة.. قد يكون متأخرا..خاصة وأن الرئيس الفلسطيني ينوي التوجه إلى الأمم المتحدة في سبتمبر لطلب الإعتراف بالدولة الفلسطينية.. حيث ستعمل إسرائيل على الرد على تساؤولات المجتمع الدولي أين المؤسسات التي ومن المفروض أنها عملت على تغيير الثقافة المجتمعية العنفية.. والتي أخفقت في حماية المرأة وحقوقها خلال كل هذه السنوات الماضية..فكيف ستتعامل هذه الثقافة مع اليهود؟؟

إن مساندة ودعم الحقوق الفلسطينية و إنتفاضات التغيير في العالم العربي كله تعتمد إعتمادا وثيقا على كيفية تعامل هذه الإنتفاضات مع حقوق المرأة المنتهكة في كل المجتمعات العربية.. ولن ترقى هذه الإنتفاضات إلى مستوى الثورة الحقيقية.. كما إرتقت الثورة الفرنسية سابقا.. إلا إذا إرتقت هذه الدساتير للأخذ وبدون مواربة ولا تقية بالإتفاقيات والمبادىء الدولية المتعلقة بحقوق المرأة وإلغاء جميع الأحكام المخففة في قضايا قتل الشرف.. وإعتبارها جريمة قتل متعمدة ومتكاملة الأطراف تخضع لأقصى العقوبات.. للفاعل وللمتواطىء على الفعل.. لقتل هذه الثقافة التي تحتقر المرأة.. ولا تضع ثمنا باهظا لحياتها..

المجتمع الدولي وبرغم تأكيد الرئيس الفلسطيني بأن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والإتحاد الأوروبي أكدوا بأن السلطة الوطنية الفلسطينية قد عملت على تطوير المؤسسات الفلسطينية إلى المستوى الدولي المطلوب.. وأن هذه المؤسسات قادرة وجاهزة على بناء الدولة.. سيتساءل كيف ولماذا أخفقت هذه المؤسسات في بناء البنية التحتيه الإنسانية المطلوبة لحماية الدولة وحماية المجتمع الدولي من إنعدام إنسانية مواطني هذه الدولة في تعاملهم مع العنصر الأساسي في التنمية الإنسانية للمجتمع.. وهو المرأة!!


فمع طلب القيادة الفلسطينية إنهاء الإحتلا ل الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.. عليها وبنفس الجهود العمل على قتل هذه الثقافة العقيمة التي تضع النفسية الفلسطينية والعربية تحت المجهر الدولي.. والتندرات بما قد تحمله هذه الثقافة إلى العالم..


- كاتبة وباحثة في حقوق الإنسان