إذا كان هناك شيء لا يستحوذ على حرمة الضمير عند رئيس الوزراء العراقي فهو الدم العراقي، يبدو أن زمن (صلاة الليل) ذهب إلى غير رجعة، وبدا زمن سحر الكرسي اللعين، ما من مرّة على وجه التقريب، يخرج السيد نوري الما لكي إلى الإعلام ويدعي استتباب الوضع الامني في البد إلاّ وتبع تصريحه موجة مفخخات وعبوات لا صقة تطال أهم مؤسسات المجتمع والدولة، ويذهب ضحيتها عشرات الناس، نساء وأطفال وشيوخ، وفيما لم تجف دماء هؤلاء الأبرياء، يتوارى السيد المالكي عن الإدلاء بمثل هذا التصريح، حتى تمضي مدة بسيطة من الهدوء الخادع، فيخرج مرّة أخرى ليصرح بأن قواته الامنية مسكت البلد، ولم يعد هناك محل للإرهاب، ويبشر الناس بأن الشركات العالمية تتنافس على الاستثمار في العراق، لأن الأمن في العراق يضاهي أمن جنيف، ولكن ذات النتيجة، الجواب اقتحام كنيسة سيدة النجاة، او تفجير قرب مجلس البلدية في بعقوبة، أو مرآب سيارة في الحلة، أو اغتيال خيرة الكوادر العراقية، واطلاق صواريخ على المنطقة الخضراء!
إذا قيِض لمؤرخ أن يورخ أمنيا لمرحلة السيد نوري المالكي في حكم العراق، لقال، إن تلك المرحلة عبارة عن سلسلة من فقرتين، تتناوبان تلك المرحلة البائسة، تصريح على لسان السيد رئيس الوزراء بالامن واستتباب الاستقرار، ثم تفجيرات وقتل ودماء وخراب، وهكذا دواليك... ولكن سوف لا يفوت هذا المؤرخ ليقول مستدركا : ولكن شهدت المرحلة تلك اضخم جهاز حماية لرئيس وزراء عراقي، وكان نظام الحما ية المركز من نصيب ليس الوزراء وحسب، بل ابنائهم ووكلائهم وأصدقائهم، وأن الشوارع التي يسكنها وزراء السيد المالكي خاضعة للتفتيش الدقيق!
قال السيد المالكي لوزير الدفاع الأمريكي الجديد في لقائهم الاخير عن قواته الامنية والعسكرية: (إنها أصبحت قادرة على الوصول إلى أي هدف يشكل خطرا على أن واستقرار البلاد)!
لا شك أن الناس وضعت أيديها على قلوبها بعد هذا التصريح الصبياني غير المسؤول ليس على مستوى المسؤولية التي يضطلع بها السيد المالكي، بل حتى على مستوى الضمير، ولا أريد القول على مستوى الخوف من الله، لأن هذه المعادلة تحولت إلى مهزلة دينية لدى الساسة العراقيين، بلا تمييز، سواء كان السياسي العراقي هذا السيد المالكي أو أياد علاوي وما بينهما، فغريم السيد المالكي هو الآخر راح يكثر من اسم الله في خطاباته الاخيرة!
ترى اين هي هذه الجهوزية وقد دكت مدافع المنطقة الخضراء ردا على اجتماع السيد المالكي بوزير الدفاع الأمريكي؟ لقد أثبت أمن السيد المالكي بأنه يصل الى الهدف بعد بلوغه من قبل الارهابيين، فأمن السيد المالكي لم يصل إلى إرهابي عروس الدجيل إلا بعد فترة زمنية طويلة، حيث تم توظيف ذلك فيما بعد لأغراض سياسية فاضحة ومبتذلة، وكم لمثل هذه الحالة من نظير في سجل السيد المالكي على صعيد امني!
في تصوري لو أن السيد الما لكي خير بان يصرح احد تصريحين، أحدهما يتعلق بواقع يشهد له حقا بـ (إنجاز) ما، و الثاني مجرد وهم، فإنه سيختار الثاني، لأن الوهم صار جزءا ن شخصية السيد المالكي.
طالما السيد الما لكي يستهشد بما حققه من إنجاز أمني لان الطرق بين المدن والمحافظات مؤمَّنة، وكأن الامن هو هذا فقط، وليس الحفاظ على دماء الناس في محافظة الدوانية على سبيل المثال داخلا في منظومة الفكر الامني للسيد المالكي، وأعني ما اقول، فقبل أسابيع كان هناك تفجير سيارة مخفخخة بالقرب من أهم مؤسسة حكومية في هذه المحافظة ذهب ضحيته العشرات، سكت المالكي، ولم ينطق ببنت شفة، والمسكين قاسم عطا يعلن عن عدد الضحايا...
ليس المهم أمن أبناء الدوانية، ولكن المهم أمن السيد المالكي، والله وحده يعلم ماذا سيكون مصير الطريق بين محافظة الديوانية والعاصمة بغداد إذا اختلفت الحكومة مع العشائر!
أعني ما أقول...
ماتت صلاة الليل...
فكيف إذا لم تكن هناك صلاة ليل قبل المجيء الى كرسي الحكم؟
أي الغريمين هو الأ ول و أيهما هو الثاني؟
لا فرق في التشخيص، المهم كلاهما في آمان، ولنذهب جميعا الى الجحيم.