دفعني حب الإستطلاع في ظاهرة الزواج بسوريات لاجئات إلى البحث والإستقصاء.. خاصة مع تزايد أعداد طالبي الزواج من سوريات وتهديد الآخرون زوجاتهم بالزواج بأخرى من اللاجئات السوريات... وهل هذه الظاهره تعتبر تفضيلا للمرأة السورية لتربيتها الأنثوية التي تزرع فيها منذ الصغر تفانيها في طاعة زوجها.. فقد أخبرتني إحدى صديقاتي بأن السورية تتعلم منذ نعومة أظافرها بأن طاعة الزوج من طاعة الرب.. وأن من أهم واجباتها المنصوص عليها دينيا الطواف كل ليلة سبعة مرات تسأل زوجها إن هي لبت جميع رغباتة.. أو فيما إذا كان هناك أي شيء يريده منها قبل الخلود إلى النوم؟؟؟؟ الأمر الذي لم أفاجأ به حين سألني صديق باكستاني في آخر زيارة لي لسوريا قبل حوالي 15 سنة.. لماذا توجد يافطة في مصعد فندق الشيراتون.. بمعنى quot;quot; اللي ما بتزوج سوريه ما بنام نومه هنيةquot;quot;.
Marry a Syrian wife and live happily ever after
وأخبرت الصديق بما أخبرتني به صديقتي.. وأنفرجت أساريره على أنه سينقل هذه المعلومة إلى نساء باكستان.. لضمان طاعتهن للزوج.. لعدم معصية الله؟؟؟؟ ولا أدري هنا من هو العاصي؟

أم هي ( ظاهرة الزواج بلاجئات سوريات ) إستغلال لظروف قاسية فرضت نفسها عليها؟؟؟ ساهم فيها الخطاب الإسلامي.. من خلال حث أئمة المساجد على الزواج من البكر العذراء الصغيرة تأسيا بما جاء في الحديث النبوي الصحيح quot;quot; تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم quot;quot;quot; لأن هذه الشهامة العربية التي ظهرت إرتبطت بمدى صغر عمر الفتاة.... بحيث يزداد سعرها تبعا لذلك.. ما لفت نظري من خلال برنامج تلفزيوني حاول تقصي الحقيقة.. ما ظهر في تعليقات الأمهات أنفسهن والتي عكست ثقافة قاصرة لا تستمد قوتها إلا من خلال موروثات تعيق الحركة الطبيعية للتطور المجتمعي... إقتصرت في مجملها على التعليق. بأن السورية مهرها غالي.. وإحنا ما بنبيع بناتنا بدون مهر..وكأنما المهر هو أساس الزواج؟؟ الثقافة العقيمة التي حدت برجل شيخ لأخذ أربعة من بناته إلى الجامع وعرضهن للزواج.. وتعليق سيدة بأن هذا الرجل رجل طيب.. نعم هو رجل طيب باع بناته تماما مثل بيع الجواري بحسن نية.. ولكن من يضمن كيف ستعيش هؤلاء البنات وكيف سيكون مستقبلهن.

أحلام أكرم

الأمر الذي جعلني أرى في المشكلة طرفين الأول قبول المرأة بتسليع إبنتها وتزويجها لمن يدفع مهرا أعلى غير عابئة بالفارق العمري.. وعدم رفض فكرة تزويج الصغيرة القاصر بحد ذاتها.. لعدم قدرة هذه البنت على تحمل المسؤولية المجتمعية لمثل هذا الزواج.. والثانية والتي لا تقل خطورة وتعكس إنحراف نفسي عن الإحساس الطبيعي بالحنو والحماية تجاه الصغيرات حين ينحرف هذا الإحساس إلى إحساس جنسي حيواني لإرضاء شهوة جنسية مع طفلة قد تكون في عمر احفاده يرافقها قبول مجتمعي يبارك رغبته المنحرفة. وقوانين دولة تساهم في هذا الإنحراف المجتمعي لأنها لم تنص بوضوح على رفض مثل هذا الزواج.. وعدم سن قوانين تحرّم و تمنع الزواج بصغيرات..

ماهي الأسباب الحقيقية وراء تقاعس الدول العربية عموما على سن مثل هذه القوانين.. وهل تعتبر الدولة شريكة في هذا التخبط المجتمعي الذي يتزايد في المجتمعات العربية؟؟؟
أعتقد أن السبب الحقيقي في ذلك هو الخوف.. خوف الإنسان العربي وتخبطة في موروثات تناقض بعضها بعضها.. وخوف الدولة من المس بالمقدسات المنصوص عليها كما في الحديث السابق الذي يحث على الإنجاب بغض النظر عن قدرة الدولة على إستيعاب هذه الزيادة السكانية التي تفوق مواردها وخطط التنمية المستقبلية.. بغض النظر كيف سيrsquo;ربى هؤلاء الأطفال.. وأحاديث اخرى حثت على الإقتداء بالنبي. والتأسي في الصحابة.. quot;quot;أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم إهتديتم.quot;quot;. وجميعهم تزوج مثل هذه الزيجة...

قد تكون هذه الزيجات صالحة لمجتمع الصحراء قبل 1400 سنة.. حين كان الهدف منها إعالة المرأة.. ولكن مثل هذه الزيجات لا تصلح لقرن الحادي والعشرين.. لا للسترة ولا للإعالة..

فإذا كانت للسترة.. فإضافة إلى إنعدام الإحساس بالمسؤولية المجتمعية.. فإن نتائجها وبالتاكيد إنحرافات مجتمعية لاحقة. لأن الفجوة الكبرى في الفارق العمري بين الرجل والمرأة سيعمل على عدم إرضاء شهوات المرأة بعد فترة قصيرة وحين تنضج هي نفسها وتطالب بحقها في الإشباع الجنسي.. مما قد يعرضها للإنحراف بحثا عن إشباع هذه الغريزة بعيدا عن الكهل القابع في البيت!!!

اما في موضوع الإعالة.. فمثل هذه الزيجات أيضا لن تحمي المرأة.. لكبر عمر الزوج وإحتمالية وفاته في أي لحظة.. وبالتالي تورطها مع الورثة الآخرون والذين من الممكن أن يكونوا أبناءه من الزوجة الأولى!!!

إن مثل هذه الزيجات تعمل على هدم الأسرة العربية.. والمجتمع لأنها تلغي الأساس لزواج صحي قائم على التكافؤ العمري بين الطرفين..
ثم كيف نستطيع تحجيم الرغبات الجنسية لمثل هذا الرجل الذي لغى كل الفوارق بينه وبين الطفلة مبررا ما يفعله بالدين ليكون في سلام مع نفسة.. ولكن وفي لحظات الحاجة الجنسية ما الذي يمنعه من إقتراف نفس الجريمه مع حفيدته..؟؟؟؟

إن مثل هذه الزيجات ليست إلا تجارة بالإكراه لا تختلف عن تجارة الرق هدفها إعادة المرأة إلى عصر الحريم والجواري.. وإبقاء المجتمع أسيرا للنصوص المقدسة..
الحماية الوحيدة للمرأة السورية والعربية بوجه عام.. ليست في تزويجها.. وليست في تعليمها النصوص الدينية فقط..كما يحدث الآن في مخيمات نزوح اللاجئين السوريين ( في تركيا ليست هناك مدارس في المخيمات ولكن هناك مدرسين لتعليم وحفظ القرآن ) بل بتعليمها على القدرة على الخروج عن هذه النصوص بما يتلائم مع مصلحتها.. ومع القرن الحادي والعشرون..مع الإحتفاظ بروح الدين وأخلاقياته.. لتكفل لنفسها عدم الحاجة. وحماية كرامتها الإنسانية.. وحثها على العمل لضمان الإستقلال المادي.. ولكن أيضا بحمايتها في الدولة كبشر كامل الأهلية والحقوق.. وليست بعورة أو ناقصة عقل ودين... كما يروّج فقهاء الدين إستنادا للعديد من النصوص التي تخالف روح أي دين!

منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية