الأزمة في ظل النظام السياسي الجديد للعراق بدأت تأخذ طابعا أخر حيث أن طبول الحرب والنزاع العسكري بدات تدق وتحاول الهيمنة على الحلول السلمية لهذه الأزمة بعدما كان الخلاف على مستوى توزيع المناصب وتفسير بنود الدستور فاليوم فان الأرض هي السبب الرئيسي للخلاف وهذا ما حدث عندما حاول الجيش العراقي الدخول إلى قضاء طوز خورماتو حيث أن هذه الخطوة ولدت لدى الأوساط الكردية السياسية تخوفا حول إمكانية دخول قواتها قي نزاع مسلح لمنع الجيش العراقي من محاولة السيطرة على ما تسمى (المناطق المتنازع)عليها.

قبل دخلونا إلى مضمون المقال نحاول الرجوع إلى الخلف وتحديداً إلى أيام ما قبل سقوط النظام السابق والاجتماعات التي عقدت في مختلف العواصم العالمية تحت خيمة المعارضة العراقية. القوى المشاركة في المعارضة لم تستطع ان تتفق على صيغة مشتركة حول موضوع الفيدرالية وكركوك وبعض الأجزاء من الموصل وبذلك فأن هذه القوى قد أجلت الحديث حول هذه المواضيع إلى ما بعد سقوط النظام وهذا ما عقد الخلافات أكثر بعدما أصبحت المعارضة العراقية هي القوة الحاكمة في البلاد.

وفي أثناء إعداد وكتابة دستور جديد للعراق ظهر الخلاف المنسي والمتروك من الماضي على سطح مائدة الكتل السياسية وبعد مناقشات تخللتها تصريحات نارية حينها فقد هددت بعض القوى بأنها ستنسحب من العملية السياسية وفي نهاية المطاف اتفقت القوى على وضع المادة (140) ضمن بنود مواد الدستور لكي تكون مثابة خارطة الطريق لحل خلافات هذه المناطق لكن مع مرور الزمن فقد تحولت هذه المادة من خارطة طريق إلى حجر عثرة أمام سلطات الحكومة المركزية ومما زادت الأمور تعقيدا فأن تحركات الحكومة في هذه المناطق تصطدم بهذه المادة.

وبالعودة إلى الموضوع وحسب ما ينص عليه الدستور فأن الجيش العراقي هو المؤسسة العسكرية الوحيدة والمسؤولة على الدفاع عن المحافظات ويستطيع التحرك إلى أية مدينة تحس بأن الوضع الأمني غير مستقر وعلى فكرة فأن هذا الجيش هو جيش حديث البناء وجميع المشركين في العملية السياسية لهم دور في بناءه ولا يحق لأحد الاعتراض عليه أو تشبيهه بجيش النظام السابق علما أن الكثير من مكونات الشعب العراقي لهم مناصب عالية في هذا الجيش.

لكن التخوف لدى القيادات قد زادت بعد تعمق الخلاف بين الحكومة المركزية والإقليم على عقود النفط ومن توقيت إعلان تشكيل قيادة عمليات دجلة.
لكن الأهم من ذلك على طرفي النزاع عدم نسيان بوجود رقعة جغرافية تركمانية واسعة واسط هذا الخلاف ولسماح الله إذا حدث أية نزاع عسكرية فأن المتضرر الكبير ستكون المناطق التركماني لان الكل له قوة مدافعة عن مناطقها لكن التركمان ومنذ اليوم الأول من دخولهم المضمار السياسي فأنهم اختاروا الحوار السلمي كنقطة انطلاق نحو استرجاع حقوقهم السياسية والثقافية وقد تضرروا كثيراً إزاء هذا الموقف.
الدعوة إلى تغليب لغة الحوار في حل المسائل المتعلقة بين جميع أطراف النزاع قد يكون كلاماً تقليديا ومتعودون لسماعه كل يوم وهذا حال لسان الساسة حيث أنه الطريقة الوحيدة التي نستطيع عمله في الوقت الحالي ولا ندري ما الذي ينتظرنا من مفاجئات في الأيام المقبلة.