لقد تمت الدعوة الكريمة من السيد مام جلال الطالبانى الرئيس العراقى الشريف إلى المؤتمر الأول لهيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب الدينية فى العراق للإنعقاد فى مدينة السليمانية وفى أرقى فنادقها هاى كريست الجديد لعقد المؤتمر. حطّتْ قدماى فى السليمانية الجميلة يوم الأحد 18 لهذا الشهر تشرين الثانى من هذا العام 2012 فرأيتها مدينة جميلة رائعة تذكِّرنى بالتاريخ الحافل والمجيد لكردستان الشامخة منذ صلاح الدين الأيوبى رمز افتخار المسلمين العرب على مرّ التاريخ وقد داوى خصمه فى رفعة وسمو على الذات وإباء يمجّده التاريخ، وكذلك أدباء ومثقفون ومؤرخون أكراد كبار أمثال بديع الزمان الهمدانى وابن خلكان، وأمير الشعراء أحمد شوقى بيك والكاتبان الرائعان محمد كرد على وقاسم أمين والشاعر العراقي الكبير جميل صدقى الزهاوى القائل
عاش النصارى واليهود ببقعة hellip; والمسلمون جميعهم إخوانا
والشاعر العراقى الخالد معروف الرصافى القائل
وهل فى الديانة من خلاف hellip; نصارى أو يهود ومسلمونا
كان المؤتمر التأسيسى الأول فى يومى 20 وكذلك 21 من تشرين الثانى يمثل نقلة نوعية فى تأسيس ثقافة المحبة والسلام والألفة والتعايش والحوار بين الديانات والمذاهب المختلفة ورفض ثقافة العنف والتمييز والإلغاء وغيرها
بعد سقوط النظام الدكتاتورى لصدام حسين عام 2003 على أيدى القوات الأمريكية وحلفائها خصوصا القوات البريطانية حصلت هجمات كثيرة ضد أتباع العديد من الديانات والمذاهب المختلفة من القتل والتشريد والتهجير الممنهج حتى جعل الكثيرين يلجؤون إلى إقليم كردستان العظيم ليكون ملاذا آمنا من كل تلك الجرائم كما كان على مر التاريخ مأوى المظلومين والمقهورين من النظام الصدامى الإجرامى الذى قارعناه أكثر من ثلاثين عاما لكن الوضع الحالى فى سيطرة الإسلام السياسى هو أسوأ بكثير جدا من السابق فلاتوجد دولة ولا نظام ولا قانون بل مليشيات طائفية فى القتل لاسيما كاتم الصوت والإبادة والتهجير والخطف والتهديد. وكم تهديدا وصلنى من الأحزاب الدينية الحاكمة اليوم حتى حذّرنى المسؤولون فى المؤتمر من الذهاب إلى بغداد خوفا من بطش الحزب الحاكم. لقد حصلتْ فى العراق أشبه بالحرب الطائفية من خلال دول خارجية خصوصاً إيران الطائفية الصفوية وأتباعها من الأحزاب الطائفية الحاكمة. لقد شهدنا إبادات جماعية للمسيحيين والإيزديين والصابئة المندائيين وغيرهم بل حتى أتباع طوائف المسلمين من السنة والشيعة العرب وغيرهم بلا ذنب ولا جرم
لقد رأيت فى كوردستان الخدمات حيث لم تنقطع الكهرباء إطلاقا ورأيت الماء والبنزين والأمان ومختلف الخدمات وأنا أجول مع شخصيات كوردية شريفة أهمها الوزيرة السابقة المحترمة نرمين عثمان المدافعة عن حقوق الإنسان والصحافة والمرأة والسجناء والقيادية فى الإتحاد الوطنى الكردستانى. نرمين الحائزة على جوائز كثيرة أهمها الجمعية العراقية للدفاع عن الصحفيين العراقيين، وهى أيضا رئيسة تحرير مجلة (نرجس) الرائعة فى الواقع العراقى كما ذكرتُها من على منصة المؤتمر وأنا أشيد بالمثال الجميل للمرأة الحقوقية نرمين عثمان، كما كان دورها رائعا فى المؤتمر لعلاج مختلف الأزمات والثغرات والمشاكل المختلفة والطارئة لتعطى الصورة الناصعة للمرأة القيادية المتميزة
كذلك كان القاضى الشريف المتميز رزكار محمد أمين الذى وقف أمام صدام حسين بكل حرفية ومهنية يفخر بها العراق وقد استقال عن المحكمة بسبب التدخل الأمريكى والحكومة العراقية، وقد جلس بجوارى فى المؤتمر وهو يعرفنى بشكل غير مباشر من خلال حواراتى التلفزيونية مبدياً إعجابه بها لنتبادل الإعجاب ولا أخفى شدة انبهارى به وبشخصيته الوطنية وتطلعاته الكبيرة وسعة أفقه حتى جلسنا فترة فى غرفتى ثم خرجنا وهو يسوق سيارته بكل تواضع وإجلال قائلا لحارسه أن يعود لمنزله فيأخذنا القاضى الكبير رزكار فيعرّفنى على معالم السليمانية وتاريخها وشموخها ثم يدعونى إلى وجبة عشاء فى مطعم وسط فندق بهى فى قمة من قمم السليمانية مطلة على هذه المدينة الخلابة وهوائها النقى ومصائفها البديعة
ولايفوتنى أن أذكر السيد غازى صابر المسؤول فى رئاسة الديوان والمتابع فى الكثير من شؤون المؤتمر والضيوف فى إشراف شريف مشرّف
كما كانت فرصة رائعة للتعرف عن كثب على رجالات كوردستان الجميلة المختلفة وأخلاقهم السمحة وكرم ضيافاتهم وذكرياتهم الخالدة
وكان لى دعوة لندوات فى أربيل فطلبت سيارة وقد هيؤوا سيارة خاصة لذلك الغرض وفى الطريق دعانى رفيقى فى السفر للغداء فى مطعم (عبد الله السياحى) الكبير والذى عانى من انفجار ارهابى من انتحارية بحزام ناسف يوم العيد ذهب ضحيته المئات من النساء والأطفال والشيوخ والشباب بين شهيد ومعوق وجريح وهكذا يكون الإرهاب قد وصل إلى قمة الدناءة يوم عيد المسلمين واكتظاظ الناس ليتحول فرحهم إلى مأساة كبيرة وشهداء صرعى يندى لها جبين الإنسانية، فبأى ذنب قتل هؤلاء الأبرياء من قبل الإرهابيين الذين يدّعون الإسلام زورا وظلما فالإسلام منهم براء
كانت أربيل آية من الجمال والعمران والتطور والرفاهية والخدمات يوما بعد يوم فى تقدم متواصل بناء يدعو إلى الفخر والإعتزاز والشموخ
دُعِيْتُ كذلك إلى المصايف العظيمة فى أربيل شقلاوة وصلاح الدين وغيرها ورأيت شخصية السيد مسعود البرزانى المنتخبة من الغالبية العظمى شخصية رائعة صريحة جديرة بالتقدير والإحترام والتقدير حتى باتت أربيل ملجأ آمنا لكل من يتعرض للتهديد والتصفية من ميليشيات الأحزاب الطائفية الحاكمة فى بغداد
إن اتفاقية أربيل برعاية السيد البرزانى قد حلت مشكلة معقدة فى تأليف الحكومة وتحصيل المالكى على منصب رئيس مجلس الوزراء، ولولاها لما نال المالكى هذا المنصب إطلاقا، لكن الأخير لم يلتزم ببنود الإتفاقية أصلا وبدأ بتصفية خصومه كالعراقية والسيد علاوى الحائز على أكثر منه بمقعدين حيث لديه 91 مقعدا بينما للمالكى 89 مقعدا فهو لايستحق رئاسة مجلس الوزراء، وقد حرم السيد علاوى من مجلس السياسات العليا، وبدأ بتصفية طارق الهاشمى والتدخل شخصيا قبل التحقيق والقضاء كما يحاول المالكى وحزبه ضرب الأكراد وتحالفه معهم بتحريك القوات من بغداد والتهديد والوعيد فضلا عن حاشيته كحسين الشهرستانى فى مسائل النفط وعقوده وميزانية كوردستان بل وتأسيس قوات دجلة غير القانونية وتحريكها للمناطق المتنازع عليها فى كركوك والتصريحات النارية فى دق طبول الحرب من الحزب الحاكم الذى يستولى على الوزارات الفارغة كالداخلية والفاع والأمن الوطنى والمخابرات فضلا عن وكلاء الوزارات الكثيرة بدون موافقة البرلمان فى مهزلة من مهازل الأحزاب الدينية الحاكمة وفسادها الكبير المالى والإدارى والسياسى
لقد عانى الشعب الكوردى العظيم من أشد أنواع الظلم والقتل والتنكيل من النظام الصدامى المقبور فى عمليات الأنفال والقصف بالأسلحة الكيمياوية والمقابر الجماعية.
ومن حق الشعب الكوردى تحقيق أهدافه المشروعة أسوة ببقية شعوب العالم وتطلعاتهم.
إن ثقافة السلام والمحبة والتعايش هى خير من ثقافة البغضاء والقتل والتكفير والأحقاد فى دولة مدنية عصرية ديمقراطية متحضرة.