يأس وحزن وأحباط هو حال بعض الثوار المصريين بعد عملية طبخ وسلق الدستور المصري وإقراره بما يخالف شرع الله، بل وكل الشرائع والقيم والقوانين الإنسانية، دستور وضعه فصيل واحد وأشرف علي عملية الإستفتاء بل رأينا في عملية الإشراف العجب حيث رأينا quot;المنجدquot; يحمل كارنيه قاضي!

ويا للعجب ذكرونا بمسابقات الناشئين في أفريقيا حيث كنا نري صغارنا يلعبون أمام رجال كاملي الفحولة وعلي مدار سنين لم نفلح في كشف التزوير فكيف تكشف تزوير دولة؟؟؟ وهكذا فعل الإخوان أستخرجوا كارنيهات قضائية لكل المهن حتي المنجد الذي ترك سؤالا محيرا لدينا وهو هل كان منجد عربي ولا إفرنجي؟

يري البعض في عملية إقرار الدستور بهذه الصورة وتحويل التشريع لمجلس الشوري الذي يسيطر عليه تيار واحد قام بتعيين تسعين عضو أنقسموا لقسمين قسم يتبع هذا الفصيل تبعية صريحة وقسم موالي أو محب ومستأنس ويبحث عن منصب ولو علي جثة الوطن، حتي الأقباط منهم وادعوا انتمائهم للتيار المدني. ولكنني أري في كل هذا انتصارا للتيار المدني بل وانتصار ساحق.


أولاً: فالقاهرة مدينة الثورة قالت quot;لاquot; للدستور والبعض يسأل كيف قالت القاهرة quot;لاquot; في كل هذا الجو المملوء بالتزوير والإجابة بسيطة جدا، فالقاهرة بلد النشطاء والمثقفين والحقوقيين وتتركز فيها جمعيات المجتمع المدني ولذلك كان يصعب التزوير في القاهرة لأن وسائل الإعلام فتحت عينيها علي كل لجنة وعلي كل صندوق فكان يصعب التزوير.

ثانيا: نسبة الذين قالوا لا حسب الإحصائيات المزورة تعدت 36% أي نسبة تزيد عن 14% من نسبة الذين قالوا quot;لاquot; في إستفتاء مارس 2011 وهنا يتضح أن التيار المدني يزداد وينمو وتتسع شعبيته بالرغم من كل الظروف وأن التيار الديني يتأكل ويخسر كل يوم من شعبيته.

ثالثا: نجح التيار المدني لأول مرة أن يكون جبهة موحدة وأن يسير الجميع خلف quot;جبهة الإنقاذquot; التي أصبحت صاحبة أرضية شعبية كبيرة جدا، نجح التيار المدني في ضم كل طوائف المجتمع المصري تحت جناحيه ماعدا تلك الأحزاب التي تتدعي المدنية وباطنها إخواني مسيطر عليه من قبل التيار الديني سيطرة كاملة أو هو إخواني الهوي والهوية كحزب quot;غد الثورةquot; نموذجا للحالة الأولي وحزب quot;الوسطquot; نموذجا للحالة الثانية.
رابعا: الأهم من ذلك أن مثقفين مصر العظماء والذين أيدوا quot;مرسيquot; علي حساب quot;شفيقquot; في انتخابات الإعادة عادوا لرشدهم ووقفوا في وجه الإخوان وأعلنوا ندمهم عن دعم quot;مرسيquot; وانحازوا للشارع وهؤلاء في حد ذاتهم مكسب كبير لنا، وخسارة فادحة لا تعوض بالنسبة للإخوان، كذلك ينطبق الحال علي شباب الثورة الذين نزلوا في الشارع معلنيين رفضهم لسياسة الإخوان وقدموا عشرة شهداء ومئات المصابين في إعلانهم عن معارضتهم quot; لمرسيquot;.

خامسا: أنتصر التيار المدني حيث أظهر للجميع إستقواء التيار الديني بالولايات المتحدة علي الشعب المصري، فهم ينتظرون الضوء الأخضر من البيت الأبيض عند كل قرار يتخذونه، فأن حصلوا عليه، يقومون بتنفيذه في قمة التعالي والكبرياء علي شعبهم، غير عارفين أن هذا الضوء الأخضر المعطي لهم من البيت الأبيض بمثابة نار تحرق شعبيتهم وتزيد من شعبية التيار المدني الوطني.
الأهم من ذلك كله أننا عندما نقرأ تاريخ الثورات القديمة والحديثة نجد أنه لم تقم ثورة شعبية علي مدار التاريخ البشري كله نتيجة إختلاف في وجهات النظر أو نتيجة لإختلاف في تطبيق منهج أو نظرية سياسية في الحكم، بل أن الثورات قامت ضد الظلم وضد إحتكار السلطة والتزوير والتدليس والديكتاتورية وغياب العدالة الإجتماعية وإنفراد جماعة دون غيرها بالسيطرة علي مقاليد الأمور والفساد الإداري وسوء الأحوال الاقتصادية.

فكيف نيأس إذاً، وكيف للأمل أن يتسرب من بين طلعونا ونحن الذين خلعنا نظاماً كان مسيطراً علي كل كبيرة وصغيرة في البلد، كيف نيأس وقد أصبحنا الآن نمتلك خبرة كبيرة في التعامل مع الأنظمة الفاسدة والقضاء عليها. كيف نفقد الأمل ونحن صناعه، ونحن الذين صنعنا ثورةً أبهرت العالم كله، كيف نيأس ومنافسنا يعطينا بذور الثورة بنفسه وليس علينا غير ان نروي الأرض ونزرع الأمل والتحدي في نفوس شعبنا وننتظر هبة الشعب كله للقضاء علي هذا التيار للأبد كما قضينا علي نظام مبارك للأبد؟؟ لا تيأس أخي الثائر فغداً مصر لكم وسيخرج من بين شباب التحرير رئيسٌ لمصر وستشكل من بينكم حكومة قريبا، إني أري هذا اليوم وقد غدا وشيكاً.. لذا أفرح معكم وبكم فأنتم أفضل جيل أنجبته مصر علي مدار تاريخها الطويل.