عقدت لجنة الشئون الدينية والاجتماعية برئاسة النائب السيد عسكر اجتماعا في مجلس الشعب المصري لمناقشة البيان العاجل المقدم من النائب عادل عباس القلا بخصوص تشكيل المجلس القومي للمرأة، الذي مازال يسير علي نفس النهج الذي كان يتبعه قبل الثورة ndash; حسب قوله ndash; ويخلو من السيدات الفضليات النائبات الملتزمات (الأخوات) في مجلس الشعب.
أحد النواب أكد أنه لا داعي لتشكيل مجلس قومي للمرأة، لأن الشريعة كفلت حقوق المرأة المسلمة، وطالب آخر بأن تكون لمجلس الشعب اليد العليا في مراجعة قرارات القومي حتي لا يخالف الدين الإسلامي، فيما تساءل نائب ثالث عن شرعية سفر المرأة لحضور المؤتمرات في الخارج (بدون محرم)، مطالبا بإنشاء مجلس قومي للرجال بالمثل، وانتهي الاجتماع علي موافقة أعضاء اللجنة علي إعادة تشكيل المجلس القومي للمرأة.
قبل أيام من انعقاد هذه اللجنة الميمونة نشرت الصحافة المصرية خبرا صادما ndash; لم يحرك للسادة النواب المؤمنين أو النائبات الملتزمات ساكنا - عن أب تجرد من مشاعر الأبوه وقام بشراء 3 ثعابين كوبرا وتدرب على التعامل معهم حتى يستخدمها فى قتل بناته الثلاث quot;صابرينquot; 3 سنوات وquot; فاطمة quot; 5 سنوات وquot; هند quot; 7 سنوات. الأب يعمل أمين شرطة ويعاني من عقدة كراهية انجاب البنات ndash; أدعي في التحقيقات ndash; أنه أقدم علي هذه الجريمة بعد ان رزق بالولد من زوجته الجديدة.
ورغم أن هذه الجريمة quot; فردية quot; ولم تصل ndash; حتي الآن ndash; إلي أن تصبح quot; ظاهرة quot; عامة في المجتمع، فإن تزامن حدوثها مع صعود الإسلاميين غير المسبوق والاعلان دون خجل أو وجل عن نظرتهم الدونية للمرأة، يدعو إلي القلق خاصة وان فكرة التمييز بين الذكر والأنثى تفاقمت بعد مرور عام علي ثورة 25 يناير 2011، لتقضي علي المكاسب التي حصلت عليها المرأة بجهد جهيد عبر قرن كامل.
ويبدو أن المسئولية عن هذه الكارثة لا يتحملها quot; الأب quot; وحده أو رجال الدين فقط ، وإنما رجال الإعلام الذين يغازلون الغرائز الدينية الذكورية للبسطاء في القنوات الفضائية، ورجال الأعمال الذين وجدوا في (الملابس) تجارتهم الرائجة واللعب علي أوتار الاحتشام والعفاف والشرف، هؤلاء وغيرهم هم المحرضون ضد المرأة، كمصدر للشر في الدنيا ونار جهنم في الآخرة.
المرأة في عرفهم quot; عورة quot; ndash; وإن ادعوا عكس ذلك - شعرها وصوتها وجسدها وتفكيرها، وإن شئت الدقة فقد تمت quot; شيطنت quot; المرأة quot; بالكامل منذ ولادتها وحتي مماتها، بالاتفاق الضمني بين هؤلاء جميعا، وهم يتحملون ndash; بشكل أو بآخر ndash; جزءا من جريمة قتل (صابرين وفاطمة وهند) .. ذنبهم الوحيد ان ndash; (الله) الذي يتاجر به كل هؤلاء ndash; لم يخلقهم ذكورا ؟!
شرف المرأة ليس فى تغطية شعرها ولا في لف جسدها بقطع أكبر من القماش أو في تكفينها في ملابس سوداء من الرأس حتي أخمص القدم مرورا بالكفين، عفاف المرأة في quot; عقلها quot; وquot; كرامتها quot; ووعيها الناضج بأنها كائن كامل مساو تماما للرجل ولذلك فهي تتحمل مسئولية أفعالها وتصرفاتها دون (طرف آخر)، لأنها بالفعل تمتلك إرادة غير منقوصة أو شائهة.
كان أولي بنواب الشعب المصري، بدلا من محاولة إحكام السيطرة علي مصائر المرأة والقضاء علي ما تبقي من حريتها وإرادتها، مناقشة وضع المرأة ومستقبلها في ضوء التحديات التي نجابهها في الألفية الثالثة، مثل الهوة السحيقة بين الواقع الاجتماعي والتشريعات القانونية، رغم ان المعروف هو ان القانون حاجة اجتماعية أساسا . المرأة المصرية من الناحية الواقعية فاعلة اجتماعيا بينما هي من الناحية التشريعية كائن ناقص فاقد الأهلية مطلوب منه الطاعة والتبعية للرجل!
ثم .. ما مصير المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تخص حقوق الإنسان، مع اعتلاء هؤلاء النواب مقاعد مجلس الشعب، والتي كانت مصر أول من وقع عليها، وهم يحاولون الآن quot; الالتفاف quot; عليها بحجة الخصوصية (الدين) حتي يتهربوا من المسئولية العالمية المشتركة.
ان نظرة المتدنية إلي المرأة بشكل عام، طالت للأسف المرأة ذاتها داخل مجلس الشعب المصري، ووجدنا بعض النائبات الملتزمات تطالبن بإلغاء قانون quot; التحرش quot; الجنسي!، ومن قبل وجدنا أخري في الكويت تطالب بعودة quot; الجواري quot; مرة أخري، حتي نقلل حالات الخيانة الزوجية من قبل بعض الرجال ؟ .. فإذا كانت معظم النساء العربيات (الملتزمات) يتبنين نفس النظرة الدونية لأنفسهن .. فقد نجح الإسلاميون بالعودة بنا إلي 1400 سنة إلي الوراء .. ولا عزاء لصفية زغلول وأم كلثوم وفاتن حمامة وتحية كاريوكا ولطيفة الزيات وفيروز ونازك الملائكة وجميلة بوحريد ... والقائمة تطول.
[email protected]