ليس من المعقول أو المقبول التصديق بأن قادة الأكراد اليوم وعلي رأسهم مسعود البارزاني وجلال الطالباني أحرص الناس على وحدة العراق، أو الجسر الواقي لأهل السنة استنادا لموقفهما الداعم والحامي لنائب الرئيس العراقي الحالي طارق الهاشمي صمتا أو فعلا، ولكنها اللعبة السياسية الخبيثة التي كثيرا ما قلت أن لفظة السياسية إذا هبطت على مدينة من الملائكة لوثتها.

فليس خافيا سعي القيادة الكردية في العراق خاصة، إلى جمع أكراد العالم في دولة تقتطع من الأراضي التركية والسورية والإيرانية والعراقية، ويبدو المشهد أكثر وضوحا في شمال العراق، فلدينا إقليما يتعاقد مع شركات أجنبية علي استخراج النفط دون الرجوع إلي الحكومة المركزية، وعلم مخالف للدولة العراقية يستظل به قادة اقليم الشمال العراقي، وحكومة خاصة بالإقليم! فهل بقي شئ من سمت الدولة غير إعلانها؟

وبإلقاء الضوء سريعا على ما قامت به الكتلة الكردية التي يجب أن نفرّق بين ساستها وأفراد الشعب الكردي المغلوبين علي أمرهم نجد أن الساسة والقيادة في شمال العراق اتخذوا علم جمهورية مهاباد علما رسميا لهم وبأصرار يتجافى مع كل الصيغ الفدرالية، واستغلالهم واستغفالهم للضعف والتشرذم العربي من سنة وشيعة، وكذا علاقاتهم القوية بالمحتل الأمريكي حينذاك، فتم صياغة دستور معيب مرر مصطلحات غاية في الخطورة منها quot; المناطق المتنازع عليها quot; والتي أصبحت مناطق نفوذ لهذه القيادة الكردية الانفصالية وبشمركتهم ndash; قوات الجيش الكردية ndash; وللأسف تحصل هذه القوات الكردية علي راتبها من الخزينة المركزية للحكومة العراقية رغم عدم ولائها للقيادة المركزية العراقية!

أيضاً المادة الشاذة والتي عززت من إرادة ورغبة القيادات الكردية في الانفصال عن العراق وهي المادة quot; 140 quot; وعجب العجاب ودليل آخر علي عمالة وخيانة من وافقوا علي هذا الدستور، هو هذا التعاطي الغريب مع أكراد شمال العراق؛ أن جعل لإقليمهم - إقليم كردستان- ممثلا في بغداد وهي مفارقة سيادية وطنية لامبرر لها سوى ضعف الحكومة المركزية وعدم خبرة رجالها الذين تعاقبوا على المناصب والامتيازات الشخصية تاركين جسم الدولة يصاب بالتعرية السياسية الخطيرة.

أيضا أصرّ الأكراد ونالوا ما أرادوا علي بقاء منصبي الرئاسة ووزارة الخارجية تحت أيديهم لثلاث دورات وهذا خطأ قاتل يتحمل مسؤوليته من غير شك كل رؤساء الحكومات وكل الكتل وألاحزاب السياسية العراقية.

ولا ننسى أن مسعود البرزاني أشار أكثر من مرة إلى قرب إعلان الدولة الكردية، زاعما أن هذا حق للأكراد يجب أن يحصلوا عليه، وأخيرا وقبل أيام استغل قضية الخلاف بين المالكي والهاشمي وتعالي حدة الخلاف حتي وصل إلي ما يمكن أن نسميه صراعا، وأعلن مسعود البرزاني رئيس إقليم الشمال العراقي أنه سيطرح حق الانفصال عن العراق علي الاستفناء الشعبي!، وجاء ذلك في طيات إشارته مرارا إلي أن علمهم يمثل quot; 45quot; مليون كردي مما يعني خروجا على السيادة الوطنية العراقية وتفريطا بالهوية الوطنية.

وحرص القيادة الكردية في شمال العراق على احتضان ورعاية حزب العمال الكردي الذي يقوم بالعديد من العمليات الإرهابية فوق الأراضي التركية، وكذلك احتضانها لحزب باجاك الكردي الإيراني، وعدم اعتراف أكراد سوريا بالسيادة الوطنية لسوريا أصلا، كلها دلائل وإشارات علي إصرار البرزاني والطالباني علي إعلان الدولة الكردية، وما يؤخر هذا الإعلان غير انتظار فرصة مواتية تستغل فيه الظروف الراهنة من ضعف وتفكك داخل الصف العراقي، ومثله وأكثر في سوريا مع اختلاف التفاصيل في كلا البلدين، وخلاف إيراني تركي ربما ينشب قريبا لسبب من الأسباب، منها الملف السوري، والنووي، والحظر الاقتصادي، والرادارات الغربية فوق الأراضي التركية، والصراع المخابراتي الشديد بين كلا البلدين في القوقاز.

وأهم من كل هذا ربما سيتم فتح المنطقة الشمالية أمام المنظمات ألاسرائيلية بحجج التعاون الاقتصادي، والطبي والزراعي والصناعي وخلافه، وكذلك التصريحات الخاصة والحساسة جدا حول كركوك وتصريح الرئيس العراقي جلال الطالباني أنها قدس ألاكراد !

هذه إرهاصات كبري لإعلان الدولة الكردية، وهي وإن لم تعلن فيكفي ما قام به قادة الأكراد حتي اليوم لنتأكد أنها موجودة وقائمة.