لا أريد أن ابدو وكأني طائفي، فأنا معروف بكرهي الشديد لأي تحزب مذهبي، وكثيرا ما صرحتُ: طز بكل الهُويات الطائفية وأولها هُويتي الطائفية. لكن لا أستطيع أن أرى أدونيس انسانا حرا قادرا على التكلم خارج انتمائه الطائفي. فبدلا من أن يدين نظام بشار الأسد على ارتكابه مذبحة الحولة، ها هو يفتح فمه فتخرج منه كل العبارات، البهلوانية والسامة، لتبريرموالاته لنظام الأسد مذهبيا وايديولوجيا.. فمن الملاحظ انه كلما يشتد الضغط الدولي على نظام بشار الأسد، يطلع علينا ادونيس بتخريجة مبطنة باتت فيها الكلمات كثورة، مدنية، تعددية، سقيمة من التكرار والخواء!!

يقول ادونيس في العدد الذي صدر اليوم منمجلة quot;أسيا افريقياquot;: quot;من يراقب السياسة الحالية لفرنسا ازاء العالم العربي يلاحظ انها تخون مبادىء الثورة الفرنسية.... بدلا من العمل على دعم التيارات المدنية والديموقراطية والمتعددة القادرة على ارساء اسس ثورة شاملة من شأنها اخراج المجتمعات العربية من تخلف القرون الوسطى الى الحداثة، فان فرنسا وعلى العكس من ذلك تدعم كل الحركات الاصولية الرجعية وتتعاون باسم حقوق الانسان مع الانظمة الاصولية الرجعية... اذا كان الدافع لذلك هو الدفاع عن حقوق الانسان فان الفرص لاثبات ذلك ليست قليلة خصوصا في فلسطين والسودان والعربية السعودية ومجمل دول الخليج، التي لا يوجد حتى دستور لدى بعضها.... لا احد يستطيع الدفاع عن اي نظام عربي كان. لكن لا ينبغي ايضا اصلاح الشر الذي تمثله هذه الانظمة بشر اخر.... هذا تماما ما تفعله فرنسا واوروبا اليومquot;. كلام تتلثم به طبيعة أدونيس الطائفية... إنهترداد ببغائي، وأحيانا يكون تردادا رائدا،لمايأتي في خطب بشار الأسد!كان يمكن ان اتفق معه لو كان مرفقا بنقد لا لف فيه ولا دوران، لنظام بشار الأسد...لكن، لنفترضأن اوروبا دافعت، او تدافع كما يقول ادونيس، عن انظمة شريرة،هل معنى هذا ان يسكت ادونيس عن جرائم نظام شرير كنظام بشار الاسد.

السؤال هو: منذ متى كان ادونيس يدافع عن الحريات المدنية والعَلمانية وحقوق الإنسان؟ فتاريخه سجل أسود من المواقف الانتهازية التي يندى لها الجبين، حد البكاء أمام السلفيين المصريين والادلاء بالشهادتين، مع انه لا يؤمن بهما:

- ألم يكتب تقريضا لثورة الخميني يعد فيها الغرب بالموت المؤكد؟

- ألم يكتب مقدمة لمختارات اعدتها زوجته خالدة سعيد لكتابات محمد بن عبدالوهاب، يدافع فيها عن موقف الشيخ الوهابي المضاد للمرأة

- ألم يأخذ جائزة عدو القصيدة الحديثة، أي القصيدة المدنية العلمانية، جائزة باشراحيل المخجلة!

- ألم يكتب في أول التسعينات بأن الخليج هو مركز الثقافة العربية اليوم....

- ألم يكن أول المنتفعين من كرمدولةالإمارات هذه التي يقول عنها بإنه quot;لا يوجد حتىدستور لديهاquot;...

وألم وألم وألم وألم.....

كان الأجدر بادونيس أن يعمل،كما يعمل بعض العلويين الاحرار،على تحسين سمعة الطائفة العلوية، بإدانة، على نحو واضح وعلني، جرائم نظام عائلة الأسد العلوية... كان الأجدر به أن يكشف عن شعور إنساني صغير،يمتلكة أصغر شاعر،إزاء اربيعين طفلا قتلتهم شبيحة النظام...

إن ما تفعله فرنسا وأوروبا هو ليس أكثر من باب التضامن الإنساني مع بشر بسطاء يقتلون بأبشع الطرق... فلا فرنسا ولا اوروبا في نيتها quot;اصلاح الشر الذي تمثله هذه الانظمة العربية بشر آخرquot;.. وهل هناك شر أفظع من شر نظام عائلة الأسد العلوية التي ينتمي اليها روحيا وسياسيا وأخلاقيا هذا الشاعر العجوز!

لم يعدلنظام الأسد الطائفي شبيحة تعمل على الأرض فقط، بل أيضا اصبح له شبيحة اخطر هي شبيحة الشعراء الذين لم يعد لهم لا ضمير، ولا أخلاق ولا يحزنون!