نادي المصريون أثناء الثورة المصرية بالعدالة الاجتماعية، ورفعوا شعارات عيش حرية عدالة اجتماعية، فقد تسبب نظام حسني مبارك في خلخلة النظام الاجتماعي في مصر بشكل عير مسبوق وسمح لحفنة من الأغنياء ورجال الأعمال المحسوبين علي النظام من إحكام قبضتها علي خيرات البلاد واستغلتها أسوا استغلال مما ترك ذلك اثره الواضح علي الطبقات الاجتماعية في البلاد فازداد ثراء الأغنياء وازداد فقر الفقراء بشكل غير مسبوق،لكن ثمة نوع آخر من العدالة وهو عدالة الإبداع كان هو الأخر قد تفتت وانهار وتم تدميره بالكامل وتم حجب الطاقات الابداعية والكفاءات لمصرية من الوصول إلى العمل في مؤسسات الدولة المختلفة و التي كانت وطأة الفساد قد تحولت إلى عزب خاصة وإقطاعيات عائلية يتحكم فيها القائمون علي إداراتها من مدراء ورؤساء مجالس إدارات وغيرهم. لم ينتبه احد منهم علي الإطلاق في ظل استشراء هذا الفساد البغيض إلى البحث عن الكفاءات أو المبدعين الذين يمكنهم أن يمسكوا بزمام الأمور ويقودوا البلاد إلى المكانة التي تستحقها، لكن الضمير الميت والاسترخاء في حضن الفساد جعل الأقارب وأنصاف الموهوبين والواسطة والمحسوبية وكل من هو علي استعداد للدفع لتبنيه والفع به، أما الأذكياء والموهيين من المصريين من أولاد الفقراء فلم يترك لهم من سبيل إلا الموت كمدا أو ركوب قوارب الموت للعبور إلى الضفة الأخري من المتوسط إلى حيث الهجرة إلى المجهول.

في ظل هذا الدفع بأنصاف الموهيين إلى حيت تبوأ الوظائف المرموقة في البلاد اصبح الأمر مبكيا ومضحكا في إن واحد فكان من السهل علي الناس اكتشاف ضحالتهم وجهلهم في مواقع عملهم، لم يترك ذلك مؤسسة واحدة ودق الفساد في مؤسسات صحفية عريقة ومحطات إعلامية بارزة، وأصبحت معظم الوجوه التي تطل عبر الشاشات أو التي تقوم بدور التنوير في وسائل الإعلام المختلفة بائسة ومنحطة وهابطة بل إن الأمر تعدي تلك المؤسسات ليصل إلى الجامعات و الأكاديميات الأمنية العسكرية بل والقضاء والخارجية وغيرها من مؤسسات،واصبح المعيار الأساسي للالتحاق بها هو الواسطة وعدم الالتفاف إلى الكفاءة والموهبة كاسس للتقم للالتحاق بتلك المؤسسات،فكان يتم التعين وفقا لدرجة القربي من المسؤولين والوساطة وفي بعض الأحيان الرشوي بل أيضا وصل هذا الانهيار إلى المؤسسة الدينية نفسها فأصبحت المعاهد الدينية علي سبيل المقال توظف العاملين فيها لمن يدفع اكثر؟

هذا الغياب في الكفاءات وسؤ العدالة الابداعية اصبح يشكل خطرا حقيقيا علي امن البلاد القومي فهذا كان واضحا بعد قيام الثورة إذ لم ينهض احد علي الإطلاق للبحث في أي من المؤسسات القائمة في كيفية النهوض بمصر لان كثيرون ممن هم علي الساحة الفاعلة الآن لم يكونوا بعيدين عن درجات الفساد في الوصول إلى المناصب فعندما انهار جهاز الشرطة رغم تمتعه بميزانية ضخمة وإمكانيات هائلة فهل كان السبب في عدم نهوضه وسرعة تنظيمه هو ذلك اللنظام الذي كان يعتمد عليه في دخول كليات الشرطة وفقا للواسطة والمحسوبية ؟
ثم كيف لنا أن نسمي ما يحدث في الدولة الآن بين الرئاسة ونادي القضاة من جهة وبين القضاة والنائب العام من جهة أخرى ؟ إن جانب كبير من المصالح التي ربما شعر بها البعض أنها في طريقها للتقلص استنفرت البعض إلى التخندق وافتعال الحروب من اجل المحافظة علي المصالح والامتيازات التي كا يغدق عليهم بها النظام السابق.

كان علي الرئيس مرسي ان يجري تطهيرا عميقا ومتواصلا في مؤسسات الدولة العميقة وهذا هو حق الشعب عليه وهذا هو حق الثورةايضا،كان عليه الإطاحة بكل الرموز التي فسدت في عهد النظام السابق أين هي الملفات ولماذا لم يتم فتحها إلى الآن وأين هي التحقيقات وهل انتهت الثورة بحبس حسني مبارك وحده لابد أن تكون هناك محاكمات مستمرة ومتواصلة لكل من افسد في حق هذا البلد.
لابد لمرحلة ما بعد الثورة من إجراء سريع ودقيق في كل المؤسسات من اجل إعادة الهيكلة وتنظيفها من كل من حامت حوله شبهات بالفساد لن تنطلق الثورة المصرية إلى أهدافها إلا بالقضاء المبرم علي كل الفاسدين.