القنوات الفضائية المحسوبة على الاسلام سواء كانت منها سنية او شيعية كثير منها يتسم بالعدوانية والتزييف والتحريف، وقد تحولت إلى منابر شتم وسب وتفريق وتمزيق، ليست قنوات اسلامية ولا مذهبية، بل قنوات تكفيرية بامتياز، قنوات تسقيطية ليس على مستوى الفكر والعقيدة بل حتى على مستوى الشرف، مما يعني انها قنوات مسفة ساقطة، لا يهمها ان يتقاتل المسلمون في كل مكان، فتسيل الدماء كافواه القرب، ولا يهمها أن يحل الخراب والدمار في العمارة الإسلامية... لا يهمها شيء سوى ان يعم البلاء المبرم، الشر المستطير كل أرجاء العالم الاسلامي، ولا أشك لحظة أن كثيرا من هذه القنوات تُدار من خلف، وتموّن من دوائر مجرمة سواء كانت اقليمية او عالمية، والغرض هو بث الفرقة والتناحر بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم وتوجهاتهم، وحتى بعض القنوات التي تجد حقا في طرح فكر اسلامي جيد نجدها مبتلاة في بعض الاحيان بالنعرة الطائفية المقيتة، عن قصد أو غير قصد، ولا يشك عاقل أن هذه الفضائيات لعبت دورا كبيرا ومؤثرا وفاعلا فيما يجري على العالم الاسلامي اليوم من محن وامراض وخراب،العالم الاسلامي اليوم كله معرض للتشظي والتمزق والتفرق، انها حرب طائفية أو احتراب طائفي بامتياز،وكل من يقول عكس ذلك يغالي ويكابر، وهذه القنوات كان لها الحظ المعلّى باذكاء هذه الحرب التي سوف لا تُبقي ولا تذر.

هذه القنوات تركز على ما يختلف عليه المسلمون وتتغافل عما يتفق عليه المسلمون، بل في بعض الاحيان تحاول أن تزيف حتى مواطن الاتفاق فيما هو على مستوى البديهيات، هذه القنوات تنبش الماضي المقيت ولا تستذكر اي ماض مشرف من صناعة كل المسلمين، والا اين هي القناة التي تتحدث عن دور كل من السنة والشيعة في العراق على مقاتلة الانكليز انتصارا للعثمانين ؟ واين هي القناة التي تتحدث عن ذلك التحالف التاريخي المشرف بين الحركة الاسلامية في ايران واخوان مصر قبل تسعين سنة حيث زار نواب صفوي مصر تضامنا مع حركة الاخوان في حربها ضد الاحتلال الاسرائيلي ؟ واين تلك القنوات التي تتحدث عن رفض شيعة السعودية لاي دولة تخصهم وقرروا ان يكونوا جزء من المملكة ؟ واين هي القناة التي تتحدث عن هبة كل المسلمين سنة وشيعة وغيرهما من المذاهب الاسلامية ضد العدوان الثلاثي على مصر سنة 56 ؟ حقا انها ماساة امة لا تعرف ما يتربص بها، إن هذه القنوات الفضائية تزيف وتحرف كل ايجابية لهذا المذهب اوذاك، وتزيف وتحرف كل انجاز ايجابي لهذه الطائفة أو تلك، مصادرها كتب الفرق المليئة بالكذب والخيالات والاساطير، فهذه الكتب التي يسمونها كتب الفرق عبارة عن نقولات شفهية وليست عبارة عن تحقيق دقيق بالمذاهب والفرق بما في ذلك كتب الفرق الرئيسية،ان هذه الفضائيات تختلق الموضوعات وتصطنع الخلافات وتوسع من الاختلافات لتجعل منها ليس مادة نقاش وحوار بل مادة صراع ونزاع واحتراب طائفي مخيف، ان هذه الفضائيات تستضيف المخرفين والدجالين واصحاب الاذواق السمجة واهل الفتن والمعتاشين على التفرقة والتمييز والتمزيق، فهذه بضاعتهم النتنة لا غير...
لقد آن الآوان لإنشاء فضائية اسلامية معتدلة،تركز على المشترك، يدافع فيها السني عن الشيعي، ويدافع فيها الشيعي عن السني، يستعرض فيها السني جهاد الشيعة في سبيل الاسلام وضد الاجنبي،ويسعرض فيها الشيعي دور الازهر في محاربة الاحتلال الانكليزي، يسلط فيها العالم الشيعي على دور علماء السنة في اثراء التراث الاسلامي فقها وفكرا وعلما والعكس بالعكس،هذه الفضائية ترد على المحرفين والمحرضين على الاحتراب والاقتتال والعزل والاقصاء والتهميش،هذه الفضائية تتحدث عن انتشار الاسلام في العالم،وكونه دينا انتشاريا لا دينا انعزاليا، هذه الفضائية تفضح التطرف، وتعيد الدور الرائع لجاذبية الاسلام في الغرب بعد ان صرعها الارهاب على مذبح الجهل والتخلف والاغراض الدنيئة، فلم يعد الاسلام يملك تلك الجاذبية السابقة في العالم للاسف الشديد، هذه الفضائية تفضح التصلب مهما كانت هويته، سنيا اوشيعيا، ليست فضائية تفاضل وتفضيل، بل فضائية تؤسس لوحدة اسلامية تحترم التنوع بل تشجع عليه وترعاه،فضائية تمد جسور الثقة والحب بين المسلمين، تعطي الفقه المتنوع، شافعي، حنفي،اباضي، شيعي، حنبلي، مالكي، والى ماشاء الله من احكام، هذه الفضائية مادتها القاسم المشترك، لا امامة ولا خلافة، لا علي ولا عمر، لا كون صفات الله عين ذاته ولا كونها زائدة على ذاته، بل اسلام عام، دين يحث على العلم،دين شهد له العالم والتاريخ بالانجاز، دين يشجع على الابداع والابتكار، فضائية كل المسلمين، لا توجد طائفة من المسلمين لم تقدم ما نفع البشرية ودفع بعجلة تطورها للأمام! فضائية ليست خاضعة لنظام ولا لحزب بل من صنع اهل الخير والسلام من كل المسلمين...
هل يبزع مثل هذا الحلم؟