ليس في الأمر فذلكة، ولا ذكاء خارق للعادة، كما أن الأمر لاعلاقة له بعالم السحر و التنجيم وفك شفرة الطالع!، بل أن ألأمور واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، و الملفات محسومة بالكامل؟ كما أن السيناريوهات واضحة و اوضح من أي وقت مضى!، عشية الغزو العراقي للكويت عام 1990 لم يكن يتصور اكثر الناس تشاؤما بأن العراق سيدخل الكويت في هجمة همجية كانت مفاجئة للعالم ولكنها ليست كذلك لمن كان يعرف طبيعة النظام العراقي السابق و أزماته الداخلية المستفحلة و إرتباطاته الدولية السرية!!، و يبتلع تلك الدولة العربية التي كانت تحتفظ بأوثق العلاقات معه بساعات قليلة رغم كل عوامل وصور الصراع السياسي الممتد تحديدا منذ عام 1938 حينما طالب الملك غازي بن فيصل الأول بضم الكويت للعراق من خلال إذاعة قصر الزهور و تأثرا منه على ما يبدو بحكومة الرايخ الثالث في ألمانيا و التجربة الهتلرية وقتذاك! رغم الفروق الهائلة بين العراق الضعيف وبين ألمانيا النازية؟،اللواء عبد الكريم قاسم رئيس وزراء العراق بعد إنقلاب 14 تموز/ يوليو الدموي عام 1958 حاول بدوره عام 1961 إعادة ماطرحه الملك غازي ليس إيمانا بالمسألة بل إشغالا للعراقيين عن صراعاتهم الدموية و التصفيات البشعة التي كانت قائمة بين الشيوعيين و القوميين و البعثيين! و الحرب شبه الأهلية التي كانت قائمة و أسفرت عن مجازر دموية رهيبة في الموصل و كركوك تحديدا، فلم يتحرك عبد الكريم قاسم عسكريا ولم ينفذ تهديداته ميدانيا لكونه رغم نزقه رجل عسكري و يعرف حدوده كما يعرف الفرق بين المناورة و التكتيك و الستراتيجية وهو ما أفتقده الأحمق المغرور صدام حسين! و الذي بحماقته و تهوره أهدر بالمجان شعبيته التي كانت طاغية في الخليج العربي! لقد كان الناس في الكويت و عموم الخليج العربي يلهجون بإسمه وهو لم يكن بحاجة لغزو عسكري لكي يسود و لكنه الغرور الأحمق و الجهل المطبق!، اليوم يسير الإيرانيون الهوينا على خطى صدام حسين وهم يهددون بصواريخهم المملكة العربية السعودية و يقرنون إسمها بإسرائيل في خبث منهجي و مبرمج معلوم لدينا!، فقائد عصابات الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري أعلن مؤخرا عن قدرة قواته الصاروخية للوصول للسعودية و إسرائيل! في مظاهرة و عرض بائس و سخيف للقوة لكي يعطي على التنازلات التي قدمها النظام الإيراني للغرب خلال مفاوضات جنيف الأخيرة حول الملف النووي، فالنظام الإيراني مستعد بالكامل من أجل التعويم والبقاء لنزع آخر ورقة توت، ولكنه أمام العالم العربي يتصرف بعنترية و صلافة و جبروت مما يعبر عن حالة نفسية رهيبة من الأحقاد التراكمية، ولا أدري حقيقة كيف سمح جعفري لتفسه بمقارنة و إيراد إسم السعودية مع إسرائيل؟ اللهم إلا إذا كانت تلك المقارنة هي فضح لطبيعة الستراتيجية السرية الإيرانية لقراراتها السرية و العليا و إعتبار السعودية وفقا لذلك عدو من الطراز الأول!، و طبعا الحديث الإيراني عن تهدبد إسرائيل هو لتحصيل حاصل، فالإيرانيون ليسوا على إستعداد لإطلاق رصاصة واحدة ولو عن طريق الخطأ ضد إسرائيل؟ وكل ما يطلقه جنرالات طهران و معميمها ضد إسرائيل هو رشقات صاروخية من الكلام الذي لا بيسمن أو يغني من جوع؟ لقد جربنا الموقف الإيراني خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 فإذا بقائدهم الأعلى علي خامنئي و هو ولي العصر و الزمان و ساحق الأمريكان و ملوك الأنس و الجان يعلن للملأ بأن أياديهم ( مغلولة )!! و لا أدري حقيقة من جعلها كذلك؟ رغم أن تلك الأيادي ليست مغلولة أبدا لافي العراق و لا في الشام مؤخرا حيث يدير الحرس الثوري معركة النظام السوري المصيرية ميدانيا للتخلص من الشعب السوري؟، و إذا كانت بعض اللوبيات الإيرانية في دول الخليج العربي و خصوصا في دولة الكويت تدافع اليوم عن النظام الإيراني و تتطوع للإساءة للملكة العربية السعودية و للبحرين كما يفعل صاحبنا في الكويت الذي يرأس ألمانة العامة لما يسمى ( مؤتمر نصرة الشعب البحريني )!، فإن ذلك اللوبي الفاعل يتناسى و يغض البصر عن حقيقة إن من يهدد السعودية و يتدخل في البحرين محاولا إسقاط شرعيتها الدستورية و اللعب على أوراق الطائقية الرثة المحترقة فهو إنما يمهد الطريق لغزو و إستباحة الكويت و عن طريق الحرس الثوري هذه المرة و بشكل إرهابي لن يختلف عما فعله حرس صدام الجمهوري قبل عقدين و نيف من السنين العجاف؟ الإيرانيون إن إحتلوا رقعة خليجية هذه المرة لن ينسحبون أبدا تحت ضغط قوات التحالف الدولية!! لماذا؟ لأنه ببساطة سوف لن يتشكل أي تحالف دولي جديد على الشاكلة التي حصلت ضد نظام صدام؟ بل ستكون المفاوضات سيدة الموقف!!! مما سيسفر عن نكبة قومية كبرى لن أسترسل في توضيح معالمها و طبيعتها!!، الطبخة الدولية المسمومة واضحة و إطلاق يد النظام الإيراني في الخليج العربي هو سمة المرحلة القادمة، و ما تهديدات جعفري و زعتري سوى تنويعات نغمية لفعل إرهابي إيراني قادم و كبير في الخليج العربي؟... فتنبهوا و أستفيقوا أيها العرب... يامن ضحكتم على التاريخ فضحك عليكم.