اعتبر بعض المحللين السياسيين تصريح وزيرالخارجية الامريكي الجديد كيري الداعي الى اجتماع الاسد والمعارضة تحولا في الموقف االامريكي تجاه الرئيس السوري بشار الاسد، فقد كان لاوباما اكثر من تصريح أكد فيه صراحة على ضرورة رحيل الرئيس السوري بشار الاسد في اي محاولة لحل المُشكِل السوري، مما يعني وطبق تصريح وزير خارجيته الجديد بان هناك جديدا للرئيس الامريكي فيما يخص هذا المُشكِل، ويرى هؤلاء المحللون،ان الموقف الامريكي الجديد ربما يقترب من الموقف الروسي، الداعي إلى حل المشكل السوري عبر الحوار بين المعارضة بكافة اطيافها والنظام، اي بدون تعليق ذلك على رحيل الاسد كما كانت واشنطن تشترط بقوة والحاح .
فرنسا وبريطانيا لهما موقف مخالف، فقد دعت الدولتان الى رفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية وبالاخص الجيش السوري، وضرورة تلسيحها، خاصة صواريخ مضادة للطائرات، بحجة ان المعارضة تحتاج الى مثل هذه الاسلحة للدفاع عن نفسها، في مواجهة السلاح السوري الجوي، الذي يُعد القوة الفعالة بالنسبة للنظام في تعامله مع المعارضة المسلحة التي استطاعت باسلحة تقليدية انتزاع مساحات كبيرة من سوريا من ايدي النظام، وربما تتقدم اكثر في هذا المجال.
فرنسا وبريطانيا صرّحتا بانهما عازمتان على تسليح المعارضة، وطالبتا برفع الحظر عن تسليحها، واعطيتا مهلة نهاية شهر مارس للاتحاد الاوربي لينفذ هذا الرفع،وفيما لم يحصل ذلك سوف يسلحان المعارضة باسلحة متطورة نسبيا حتى مع عدم موافقة الاتحاد على ذلك!
هل هناك شرخ بالموقف بين امريكا من جهة وبريطانيا وفرنسا من جهة اخرى حول سوريا؟
محللون سياسيون يذكِّرون بموقف الدول الثلاث من الازمة في ليبيا، فقد كانت امريكا متحفظة تجاه دعم المعارضة بالسلاح، فيما كانت فرنسا وبريطانيا تشاركان المعارضة فعليا في معركتها مع القذافي، ولكن انضمت امريكا في النهاية الى مسار الدولتين الاوربيتين الكبيرتين،.
فهل يتكرر ذات السيناريو؟ فإذا ما سلحت كل من بريطانيا وفرنسا المعارضة السورية، وإذاحققت المعارضة بسبب ذلك ( انتصارات )جديدة على الارض هل ستبادر امريكا للانضمام الى مسار الدولتين الاوربيتين وتنخرط بدعم المعارضة كما هي التجربة مع ليبيا؟
ان تسليح المعارضة السورية بصواريخ مضادة للطائرات من قبل بريطانيا وفرنسا يقلب موازين القوى بدرجة نوعية، فليس سرا ان (الثوار ) الافغان تمكنوا من هزيمة روسيا بعدما زودتهم امريكا بصواريخ ستنكر المضادة للطائرات، كذلك المعارضة الليبية، فهل ستسمح امريكا بتزيد فرنسي بريطاني للمعارضة السورية بمثل هذه الصواريخ وهي التي تطرح مشروع الحوار بين المعارضة والنظام؟ ام ان امريكا موافقة ضمنا على ذلك كي تضغط على النظام ليوافق على الجلوس الى جانب المعارضة على طاولة الحوار؟!
الجواب على هذه الاسئلة صعب بالنسبة لكثير من المحللين السياسيين،وفيهم عارفون بشكل جيد بالشان السوري.
الدعوة الامريكية يشوبها بعض الغموض، ففي الوقت الذي تدعو فيه لاجتماع المعارضة والنظام تفيد معلومات مؤكدة ان الامريكيين يشرفون على تدريب المئات من اللاجئين السوريين في الاردن ، ومعلومات اخرى تفيد ان واشنطن متفاهمة مع كل من المملكة العربية السعودية وقطر على تسليح الجيش السوري الحر، ولكن يستدرك هنا بعض المتابعين بالقول ان تدريب سوريين لاجئين في الاردن على ايدي امريكية، وتسليح كل من السعودية وقطر للجيش السوري الحر بموافقة امريكية إنما لمحاربة القوى المتشددة في سوريا، وفي مقدمتها جبهة النصرة التي راحت تتمدد بشكل مثير في سوريا، خاصة وقد اثبتت المعلومات ان لها قواعد خفية متمكنة في العراق.

المشهد السوري ضمن هذه المعطيات يبدو في غاية التعقيد، ومن الصعب التكهن بما سيؤل إليه هذا المشهد على المدى المنظور، ويستبعد كثير من المراقبين ان يتمخض تحليل المشهد المذكور عن نتائج يمكن الاطمئنان اليها، ولكن الاتفاق سائد بان المشهد في طريقه الى مزيد من التداعيات غير السارة لسوريا والسوريين والمنطقة بشكل عام خاصة في الاشهر الثلاثة القادمة.