لايزال التفجير الإرهابي الذي نفذه الشقيقان quot; تيمور لنك quot; وquot; جوهر تسارناييف quot; في مارثون بوسطن 2013 يثير العديد من المقارنات في مراكز الأبحاث والميديا الغربية بين طبيعة الإرهاب ونوعية الإرهابيين الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة (19 مصريا وسعوديا)، مرورا بالمهاجر الباكستاني quot; فيصل شاه زاد quot; الذي حاول تفجير سيارة ملغومة في ساحة تايمز سكوير في عام 2010.

أهم اختلاف كشفت عنه quot; باتيمات سوليمانوفا quot;عمة الأخوين quot; تسارناييف quot; في داغستان لوسائل الإعلام، هو: أن ابن أخيها الأكبر لم يلتزم بالصلاة قط قبل ذهابه إلى أميركا في سن 16 عاما، ومن ثم ترى أن تحول quot; تيمور لنك quot; إلى التطرف والإرهاب quot; صُنِع في أميركا quot;.
وإذا أردنا أن نمد كلام العمة quot; سوليمانوفا quot; علي استقامته، نقول أنه: quot; إرهاب صنع في الغرب quot;، ذلك لأن من نفذ الهجمات الإرهابية على قطارات مدريد في عام 2004، وعلى شبكة النقل العام في لندن في عام 2005، لم يكن من المهاجرين السعوديين أو من جماعة طالبان، بل نفذها شباب ولد ونشأ وترعرع في أسبانيا والمملكة المتحدة.
الجديد والخطير في كلام quot; سوليمانوفا quot; هو أن ما كانت تتباهي به الولايات المتحدة وسط دول الغرب وهو أنها الدولة الوحيدة في العالم التي يشعر فيها الشباب بالانصهار والاندماج، بصرف النظر عن خلفياتهم أو أصولهم، وأنهم في وطنهم الموعود حقا، يحتاج إلي مراجعة وإعادة نظر ليس لأنه ثبت عدم دقته وإنما لأننا أمام quot; تحول جديد quot; في عصر العولمة.
وأستعير هنا كلام quot; خافيير سولانا quot; رئيس المركز الاقتصادي والجيوسياسي العالمي quot; ايساد quot; الذي قال: quot;أن المخاوف الإنسانية الجديدة لا تتعلق بالشرور المطلقة بقدر ما تتعلق بالتهديدات غير المحددة، فنحن لا نشعر بالقلق من المخاطر الظاهرة بل بالمخاطر الغامضة والتي يمكن أن تحدث عندما لا تكون متوقعة quot;.
ان ما يقلقنا اليوم ليس هو (الإرهاب) نفسه وإنما quot; طبيعته quot; التي لا يمكن توقعها، وعلي سبيل المثال فإن الخطر المتزايد من الإرهابيين الذين نشأوا في داخل الغرب، يعادل (اليوم) خطر الإرهابيين القادمين من الشرق الأوسط الكبير وآسيا الوسطي والقوقاز وأفريقيا أيضا.
ففي عصر العولمة وثورة الاتصالات والمعلومات أصبح quot; الانترنت quot; ndash; وهو من أعظم الاختراعات الحديثة في العالم - يستخدم (كذلك) في التحريض وتدريب الإرهابيين، ونشر quot; الغضب quot; عالميا.
quot;عدوي العولمةquot; أو quot;العولمة المعديةquot; حسب تعبير سولانا، ربطت أجزاء العالم المتباعدة، وبالتالي عرضت كل شخص في العالم لنفس المخاطر تقريبا، ومن ثم ظهرت الحاجة إلي إدارة المخاطر عالميا باعتبارها التحدي الأكبر للإنسانية.
الأهم من ذلك هو ان quot; الطابع الوبائي لعالمنا المعاصر quot; جعل مشاكل الآخرين هي مشاكلنا في نفس الوقت، صحيح ان عالمنا لم يعد ndash; بفضل العلم والتكنولوجيا ndash; أكثر خطورة من السابق وإنما أصبح معرضا للمخاطرة بدرجة أكبر، ان ما كان يحمينا في السابق مثل: (البعد المكاني ndash; سيادة الدولة القومية) أوشك أو كاد أن ينتهي بالفعل، ولم يعد يوفر أية حماية علي الاطلاق.
وهو ما أدي إلي تحولات جيوسياسية جديدة، فقد أكد quot; إرهاب بوسطن quot; أن روسيا والغرب في قارب واحد يجابه أمواج متلاطمة ومخاطر مشتركة في الألفية الثالثة، ناهيك عن أنه قدم هدية مجانية (ثمينة) للرئيس الروسي quot; فلاديمير بوتين quot; لتنفيذ سياساته القومية التي يفرضها على شمال القوقاز ومواصلة حروبه ضد الشيشان في المستقبل.
روسيا ستظل شريكا لا غني عنه بل وفي مقدمة الشركاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة فيما يخص quot; المصالح الأمنية quot; في نصف الكرة الأرضية الشمالي، حيث تستخدم الطرق الروسية والسكك الحديدية والمجال الجوي لنقل أكثر من نصف تعداد القوات الأمريكية والإمدادات العسكرية اللازمة لجهود حلف quot; الناتو quot; في أفغانستان، خاصة بعد الانسحاب الوشيك للقوات الامريكية في عام 2014، وسوف يصبح هذا الطريق بنفس القدر من الأهمية باعتباره الخروج الآمن للأسلحة والذخيرة التي لا يمكن أن تترك للجيش الأفغاني، ولا يجب أن تقع في أيدي الطلبان.